بیّن القرآن الکریم فی سورتین منه وبتعبیر فی غایة الوضوح حیاة عرب الجاهلیة المعاصرین للرسول (صلى الله علیه وآله) بقوله: ( وَاِن کَانُوا مِن قَبلُ لَفِى ضَلاَل مُّبِین).(آل عمران / 164) (الجمعة / 2)
وتعبیر (ضلالٌ مُبین) فی الآیتین بیانٌ واضحٌ لتحکُّم الضلالةُ والضیاع فی المجتمع العربی الجاهلی .
ضیاع فی العقائد حیث کانوا مشرکین یعبدون الأصنام التی یصنعونها بأیدیهم من الحجر والخشب .
وضیاعٌ فی الجوانب الاجتماعیة إلى الحد الذی کانوا یئدون بناتهم احیاءً وهم یفتخرون بذلک.
وکانوا یطوفون رجالاً ونساءً حول الکعبة عُراة ویعتبرون ذلک من ضمن عبادتهم .
والإعتداء والحروب وإراقة الدماء بالباطل، کل ذلک کان له قیمة اجتماعیة فی الجاهلیة ، حتى وصل الأمر إلى أن یَرِثَ الأبناء أحقاد واضغان الآباء .
والمرأة فی خضم ذلک مجرّد متاع یقامرون به .
وأفضل من رسم مفهوم (ضلال مبین) قولُ ( جعفر بن أبی طالب ) عندما بیّن أوضاع عرب الجاهلیة لملک الحبشة ( النجاشی) بقوله : «أیّها الملک کنا قوماً أهل جاهلیة نعبدُ الأصنام ونأکل المیتة ونأتی الفواحش ونقطع الأرحام ونسیء الجوار ، ویأکلُ القویُ منّا الضعیف حتى بعثَ اللهُ إلینا رسولاً منّا نعرفُ نسبهُ ، وصدقهُ وامانتهُ وعفافهُ فدعانا لتوحید الله وان لا نشرکَ به شیئاً ونخلعَ ما کنا نعبدُ من الأصنام وأمرنا بصدق الحدیث وأداء الأمانة وصلة الرحم وحُسن الجوار والکف عن المحارم والدماء ...»(1) .
ولمزید من توضیح تلک الإشارة التی وردت فی الآیتین الکریمتین نستعین بآیات اُخرى حیث جاء فیه :