المصدر الخامس الذی یمکن ذکره لعلوم الأئمّة هو ماورد فی العدید من الروایات فی اُصول الکافی ، منها ما یقوله «حسن بن راشد» : سمعت الإمام الصادق (علیه السلام)یقول: «... فاذا مضى الإمام الذی کان قبله رفع لهذا منار من نور ینظر به إلى أعمال الخلائق فبهذا یحتج الله على خلقه»(1).
وورد فی بعض الروایات أیضاً بـ«عمود من نور»(2) ، إلاّ أنّه غالباً ما جاء تعبیر «منار من نور»، وبالطبع لیس هنالک تباین کثیر بین هذین التعبیرین .
وللمزید من الاطلاع راجعوا بحار الأنوار ، ج6، ص 132 ، إذ ینقل المرحوم العلاّمة المجلسی ستة عشر روایة بهذا الصدد ، وکذلک وردت روایات عدیدة فی هذا المجال فی باب «عرض الأعمال» (ج23 ، ص 333 وما بعدها) .
یستفاد من مجموع ما قیل إنّ مصادر علم الأئمّة المعصومین(علیهم السلام) متعددة ومتنوعة ، ویأتی علمهم بجمیع معانی القرآن الکریم بالدرجة الاُولى ، وفی الدرجة الثانیة تأتی العلوم التی یرثونها عن رسول الله (صلى الله علیه وآله) ، ویلیها التسدید والتأیید الإلهی، والالهامات القلبیة والاتصال بالملائکة وعالم الغیب .
ومن فیض هذه المصادر یقتبس الأئمّة المعصومون علوماً ومعارف کثیرة لیتسنى لهم إنجاز مهمّتهم التی تتجسد فی المحافظة على الإسلام والقرآن وسنة النبی (صلى الله علیه وآله)وهدایة الخلق نحو الخالق ، وتربیة النفوس وإقامة الحدود وتدبیر الاُمور على أحسن وجه .
والملاحظة الاُخرى الجدیرة بالاهتمام هی أنّه یستفاد من بعض الروایات أنّ أرواح الأئمّة (علیهم السلام) تستلهم کل لیلة جمعة علوماً ومعارف جدیدة بصدد القضایا المستجدة ، وذلک من قبل الله تعالى (لینسجموا مع متطلبات الاُمّة الإسلامیة) .
منها ما نقرأه فی الروایة الواردة عن الإمام الصادق (علیه السلام) حیث قال : «إنّ لنا فی کل لیلة جمعة سروراً».
یقول الراوی فقلت : زادک الله وما ذاک ؟
قال (علیه السلام) : «إذا کان لیلة الجمعة وافى رسول الله العرش ووافى الأئمّة معه ، فلا تُرَّدُ أرواحنا إلى أبداننا إلاّ بعلم مستفاد ، ولولا ذلک لأنفدنا» (3).
وتشاهد روایات عدیدة فی هذا البحث بهذا الصدد أیضاً یطول شرحها هن .
نظراً إلى ما ذکرناه فی هذا الفصل یتضح أنّ مصادر علم الأئمّة لیست أمراً بسیط ، فالمصادر التی یمتلکونها هی التی تمیزهم عن سائر الناس، وتعینهم فی أدائهم للمسؤولیات المهمّة التی یتحملونها فی المحافظة على الإسلام وتعالیم القرآن وهدایة العباد .