مضمون روایات الغدیر :

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
نفحات القرآن (الجزء التاسع)
دراسة وتحلیل حول آیة التبلیغ :حادثة الغدیر :

وهنا نأتی بقصة الغدیر بشکل مختصر کما یستفاد من مجموع الروایات أعلاه ، (وطبعاً فإنّ هذه الواقعة قد وردت فی بعض الروایات بشکل مفصّل ومطوّل ، وفی بعضها بشکل مختصر وقصیر ، وفی بعضها اُشیر إلى جانب من هذه القصة وفی البعض إلى جانب آخر ، ومنها جمیعاً یستفاد ما یلی ) :

فی السنّة الأخیرة من حیاة النبی (صلى الله علیه وآله) اُقیمت مراسم حجة الوداع بکل جلال بمشارکة

النبی (صلى الله علیه وآله)، وکانت الأفئدة تمتلئ بالمعنویات ولم تزل اشعاعات هذه اللذة المعنویة وهذه العبادة العظیمة تنعکس فی النفوس .

وکان أصحاب رسول الله (صلى الله علیه وآله) الذین کان عددهم کثیراً للغایة لا تسعهم أنفسهم نتیجة لإدراکهم هذا الفیض والسعادة العظیمة (1).

ولم یکن أهل المدینة وحدهم الذین یرافقون رسول الله (صلى الله علیه وآله) فی هذا السفر ، بل کان المسلمون من مختلف بقاع الجزیرة العربیة برفقته (صلى الله علیه وآله) لنیل هذا الفخر التاریخی العظیم .

وکانت شمس الحجاز تضفی على الجبال والأودیة حرارة لا تطاق ، إلاّ أنّ حلاوة هذا السفر المعنوی النادر کانت تیسِّر کل شیء ، وقد اقترب الظهر ، وأخذت منطقة الجحفة ، وصحراء «غدیر خم» الجافة الرمضاء تبدو للعیان .

ومن هذا المکان الذی یتشعب إلى أربعة طرق یفرق أهل الحجاز ، فطریق یتجه إلى الشمال نحو المدینة ، وطریق إلى الشرق نحو العراق، وطریق إلى الغرب نحو مصر ، وطریق إلى الجنوب نحو الیمن، وهنا یجب أن تُطرح آخر المستجدات فی هذا السفر ، ویتفرق المسلمون بعد استلامهم لآخر حکم وهو فی واقع الأمر کان خط النهایة فی الواجبات الناجحة للنبی (صلى الله علیه وآله) .

کان ذلک فی یوم الخمیس من السنة العاشرة للهجرة ، وقد مضت عشرة أیّام على عید الأضحى، وفجأة صدر الأمر من الرسول (صلى الله علیه وآله) إلى الذین معه بالتوقف، ونادى المسلمون بأعلى أصواتهم أصحابَهم الذین تقدموا الرکب بالتوقف والعودة ، وامهلوا المتأخرین حتى یصلو ، وزالت الشمس وصدح صوت مؤذن رسول الله(صلى الله علیه وآله) بالأذان : الله أکبر، داعیاً الناس إلى صلاة الظهر ، وسرعان ما استعد الناس للصلاة ، إلاّ أنّ حرارة الجو کانت إلى الحد الذی اُجبر البعض على أنّ یغطی أرجله بقسم من ازاره ویستر رأسه بالقسم الآخر، وإلاّ فإنّ حصى الصحراء وأشعة الشمس ستحرق أرجلهم ورؤوسهم .

فلا خیمة فی الصحراء، ولا خضرة، ولا نبات، ولا شجرة ، سوى بعض الأشجار البریة الجرداء التی تقاوم حرارة الصحراء، والتی لاذ بها البعض ، ووضعوا قطعة من القماش على إحداها وجعلوها ظلاً لرسول الله (صلى الله علیه وآله) ، إلاّ أنّ الریاح اللاهبة تهب تحتها وتلفها بحرارة الشمس المحرقة .

وانتهت صلاة الظهر ، وعزم المسلمون على اللجوء إلى خیامهم الصغیرة التی کانوا یحملونها معهم ، بَیدَ أنّ النبی (صلى الله علیه وآله) أوعز لهم بالاستعداد لسماع بلاغ إلهی جدید یُوضح ضمن خطبة مفصلة ، ولم یکن بمقدور البعیدین عن رسول الله (صلى الله علیه وآله) رؤیة وجهه الملکوتی وسط زحام الناس ، لذا فقد صنعوا له منبراً من أربعة من أحداج الإبل، فارتقاهُ النبی (صلى الله علیه وآله) ، وفی البدایة حمد الله واثنى علیه واستعاذ به ، ثم خاطب الناس قائلاً :

«أیّها الناس : یوشک أن أُدعى فأُجیب .

أنا مسؤول ، وأنتم مسؤولون .

فکیف تشهدون بحقی ؟

فصاح الناس : نشهد أنّک قد بلّغت ونصحت وجاهدت فجزاک الله خیر ، ثم قال :

ألستم تشهدون أن لا إله إلاّ الله، وأنّی رسول الله إلیکم، وأنّ البعث حق، وأنّ الله یبعث من فی القبور ؟! فقالوا : نشهد بذلک ، قال : اللّهم اشهد، ثم قال :

أیّها الناس أتسمعونی ؟ قالو : نعم ، ثم عمّ السکوت الصحراء فلم یسمع إلاّ صوت الریح ، فقال (صلى الله علیه وآله) : فانظروا ماذا صنعتم بالثقلین من بعدی ؟

فقال رجل من بین القوم : ما هذان الثقلان یارسول الله ؟!

قال (صلى الله علیه وآله) : أمّا الثقل الأکبر فهو کتاب الله حبل ممدود من الله إلیکم، طرفه بید الله والطرف الآخر بأیدیکم، فلا تدعوه ، وأمّا الثقل الأصغر فهم عترتی وقد أخبرنی اللطیف الخبیر أنّهما لن یفترقا حتى یردا علی الحوض ، فلا تتقدموهما فتهلکوا ولا تتأخروا عنهما فتهلکو .

ونظر الناس إلى رسول الله (صلى الله علیه وآله) وهو یلتفت حوله ، وکأنّه یبحث عن أحد ، ولما وقعت

عیناه على علی (علیه السلام) التفت إلیه وأخذ بیده ورفعها حتى بان بیاض ابطیهما، وشاهدهما جمیع القوم، وعرفوا أنّه ذلک الفارس المقدام ، وهنا ارتفع صوت النبی (صلى الله علیه وآله)، وقال : أیّها الناس من أولى الناس بالمؤمنین من أنفسهم ؟ قالو : الله ورسوله أعلم ، فقال النبی (صلى الله علیه وآله) : الله مولای ، وأنا مولى المؤمنین وأولى منهم بأنفسهم ، ثم قال : فمن کنت مولاه فعلی مولاه ، وکرر هذا الکلام ثلاث مرات، وکما قال أرباب الحدیث : إنّه کرره أربع ، ثم رفع رأسه نحو السماء، وقال :

اللّهم والِ من والاه وعاد من عاداه ، واحب من أحبّه وابغض من أبغضه وانصر من نصره واخذل من خذله وأَدر الحق معه حیث دار .

ثم قال(صلى الله علیه وآله) : إلاّ فلیبلِّغ الشاهدُ الغائبَ ».

هنا انتهت خطبة الرسول (صلى الله علیه وآله) وکان العرق یتصبب من النبی(صلى الله علیه وآله) وجمیع من حضر، وما زال الناس لم یتفرقوا من ذلک المکان حتى نزل علیه الوحی وقرأ هذه الآیة على رسول الله(صلى الله علیه وآله) : ( الیومَ اکملتُ لکُم دینَکُم وَأَتْمَمْتُ عَلیکم نِعمتی ).

فقال رسول الله (صلى الله علیه وآله) : «الله أکبر ، الله أکبر على إکمال الدین وإتمام النعمة ورضى الربّ برسالتی والولایة لعلی من بعدی» .

فی هذه الأثناء عمّ الناس النشاط والحرکة، وأخذوا یهنئون علیاً (علیه السلام) بهذا المقام ، وکان من الذین هنّأوه ، أبو بکر وعمر حیث نطقا بهذه العبارة أمام أعین الحاضرین :

«بخ ، بخ لک یاابن أبی طالب أصبحت وأمسیت مولای ومولى کل مؤمن ومؤمنة» .

أثناء ذلک قال ابن عباس : «والله أنّه عهد سیبقى فی أعناقهم»، واستأذن النبیّ (صلى الله علیه وآله)الشاعر المعروف «حسان بن ثابت» لینشد شعراً بهذه المناسبة ، ثم استهل قصیدته المعروفة :

ینادیهمُ یومَ الغدیر نبیُّهم *** بُخمٍّ وأسمِعْ بالرسول منادیا

فقال فمن مولاکُمُ ونبیُّکمْ ؟ *** فقالوا ولم یُبدو هناک التعامیا

إلهکَ مولانا وأنت نبیُّنا *** ولم تلقَ منّا فی الولایة عاصیا

فقال له قم یاعلیُّ فإننی *** رضیتُکَ من بعدی إماماً وهادیا

فمن کنت مولاهُ فهذا ولیُّهُ *** فکونوا له أتباعَ صِدق مَوالیا

هناک دعا اللّهُمَّ والِ ولیَّهُ *** وکُن للذی عادى علیاً مُعادیا(2)


1. ذکر البعض أنّ عدد الذین کانوا مع رسول الله (صلى الله علیه وآله) 90 ألف ، والبعض 112 ألف ، وبعضٌ 120 ألف ، وبعضٌ 124 ألف .
2. روى هذا الشعر جماعة من کبار علماء السنة منهم ، الحافظ «أبو نعیم الاصفهانی»، والحافظ «أبو سعید السجستانی»، و«الخوارزمی المالکی»، والحافظ «أبو عبد الله المرزبانی»، و«الکنجی الشافعی»، و«جلال الدین السیوطی»، و«سبط بن الجوزی»، و«صدر الدین الحموی» . 

 

دراسة وتحلیل حول آیة التبلیغ :حادثة الغدیر :
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma