أهمیّة المباهلة :

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
نفحات القرآن (الجزء التاسع)
مؤاخذاتهم على آیة المباهلة:المباهلة فی أقوال المحدثین :

إنَّ أول أمر یثیر الاهتمام فی هذه الآیة هو إمکانیة طرح قضیة المباهلة على أنّها دلیلٌ جلیٌ على حقانیة وصدق النبی (صلى الله علیه وآله) فی مسألة ادّعائه للرسالة ، لأنّه من المتعذر على الذی لا یملک إیماناً جازماً بصلته بالباری عزوجل أن یدخل مثل هذا المیدان ، أی لیدعو معارضیه أن تعالوا ندعو الله أن یفضح الکاذب ، وأنا اعطی عهداً على أنّ دعائی على أعدائی سیحصل بشکل عملی ، وسترون نتیجة ذلک !

ومن المسلَّم به أنّ دخول مثل هذا المیدان خطیر للغایة ، فلو لم یُستَجب الدعاء ولا یظهر أثرٌ من عقاب الخصوم ، فلا تکون هناک نتیجة سوى فشل الداعی ، وأی إنسان عاقل لا یدخل هذا المیدان مالم یطمئن إلى النتیجة .

من هنا نقرأ فی الروایات الإسلامیة : لما حضر النبی (صلى الله علیه وآله) إلى المباهلة استمهله نصارى نجران لیفکروا فی الأمر ، وعندما رأوا أنّ النبی (صلى الله علیه وآله) اصطحب معه الأشخاص الذین یمکن أن تستجاب دعوتهم ، وحضر إلى المباهلة بعیداً عن المراسیم والضجیج ، اعتبروا ذلک دلیلاً آخر على صدق دعوته فانصرفوا عن المباهلة ، لئلا یصیبهم العذاب الإلهی .

فعندما رأوا أنّ النبی (صلى الله علیه وآله) جاء بنفر قلیل من خاصته وحامته وابنائه الصغار وابنته فاطمة (علیها السلام) ، اضطربوا وذعروا وأبوا المباهلة .

ومن جهة أخرى فانَّ هذه الآیة سندٌ واضحٌ على المقام الشامخ لآل النبی (صلى الله علیه وآله) ، علی وفاطمة والحسن والحسین (علیهم السلام) ، لأنّ الآیة فیها ثلاث کلمات ، «أنفسن ، ونساءَن ، وأبناءنا» ، ولا شک فی أنّ المراد من «أبنائنا» الإمام الحسن والحسین (علیه السلام) ولا اعتراض فی ذلک أبد ، ولا تنطبق کلمة «نساءنا» على أحد سوى فاطمة (علیها السلام) ، وأمّا کلمة «أنفسنا» فمن المتیقن بأنّها لیست إشارة إلى شخص النبی (صلى الله علیه وآله) ، لأنَّ الآیة تقول:

ندعُ ... وأنفسنا، فإن کان المراد هو النبیّ(صلى الله علیه وآله)، فإنّ دعوة الإنسان لنفسه لا معنى لها، بناء على ذلک فلا یبقى سبیل إلاّ أنّ نقول : أنّ المراد هو علی (علیه السلام) فحسب.

والملفت للنظر هو أنّ «الفخر الرازی» ینقل فی ذیل هذه الآیة عن «محمود بن الحسن الحمصی» وهو من علماء الشیعة، أنّه یثبّت من خلال هذه الآیة أنّ علیاً أفضل من الأنبیاء والصحابة أجمعین بعد النبیّ(صلى الله علیه وآله). فیقول: لیس المراد بقوله (وأنفسنا) نفس محمّد (صلى الله علیه وآله)لأنّ الإنسان لا یدعو نفسه بل المراد به غیره، وأجمعوا على أنّ ذلک الغیر کان علیاً (علیه السلام) فدلّت الآیة على أنّ نفس علی هی نفس محمّد(صلى الله علیه وآله)، ولا یمکن أن یکون المراد منه أنّ هذه النفس هی عین تلک النفس، فالمراد أنّ هذه النفس مثل تلک النفس، وذلک یقتضی الاستواء فی جمیع الوجوه ... .

ثمّ الإجماع دل على أنّ محمداً (صلى الله علیه وآله) کان أفضل من سائر الأنبیاء (علیهم السلام) فیلزم أن یکون علی أفضل من سائر الأنبیاء(علیهم السلام) فهذا وجه الاستدلال بظاهر هذه الآیة، ثمّ قال : ویؤید الاستدلال بهذه الآیة الحدیث المقبول عند الموافق والمخالف هو قوله(علیه السلام) : «مَنْ أراد أن یرى آدم فی علمه، ونوحاً فی طاعته، وإبراهیم فی خلته، وموسى فی هیبته، وعیسى فی صفوته، فلینظر إلى علی بن أبی طالب (علیه السلام) ».

ثمّ یضیف قائلاً: (وأمّا سائر الشیعة فقد کانوا قدیماً وحدیثاً یستدلون بهذه الآیة على أنّ علیاً (رضى الله عنه) أفضل من سائر الصحابة، وذلک لأنّ الآیة لما دلت على أنّ نفس علی (رضى الله عنه) مثل نفس محمّد(صلى الله علیه وآله) إلاّ فیما خصّه الدلیل وکان نفس محمّد أفضل من الصحابة (رضوان الله علیهم) فوجب أن یکون نفس علی أفضل أیضاً من سائر الصحابة)(1).

وبعد ایراده لهذا الدلیل یمر الفخر الرازی مر الکرام ویکتفی فی الجواب قائلاً: (إنّه کما انعقد الإجماع بین المسلمین على أنّ محمّد(صلى الله علیه وآله) أفضل من علی، فکذلک انعقد الإجماع بینهم قبل ظهور هذا الإنسان، على أنّ النبیّ أفضل ممن لیس بنبیّ واجمعوا على أنّ علیاً (رضی الله عنه) ما کان نبیّاً، فلزم القطع بأنّ ظاهر الآیة کما أنّه مخصوص فی حقّ محمّد(صلى الله علیه وآله)، فکذلک مخصوص فی حقّ سائر الأنبیاء علیهم السلام)(1).

تمعّنوا جیداً فی کلام «الفخر الرازی» تجدوا بأنّه فی واقع الأمر لا یمتلک جواباً لذلک الاستدلال القوی والمتین، وکأنّه یرید الکلام لملء الفراغ فحسب، وإلاّ فالقول بأفضلیة کل نبی من الأنبیاء على من هو غیر نبی لیس محل جدال، لأنّ أفضلیة جمیع أنبیاء الله على غیرهم مسلّم بها فی الوحی فقط، وأمّا فی غیر الوحی فربّما یکون هناک عظماء أفضل من الأنبیاء جمیعاً ما عدا رسول الله (صلى الله علیه وآله)، ولو غضضنا النظر عن هذا فإنّ الکلام حول أفضلیة علی على سائر الاُمّة، وهذا الأمر لایحتاج إلى إثبات أفضلیته (علیه السلام)على سائر الأنبیاء (تأملوا جیداً).

على أیّة حال، فالفضیلة التی تستنتج من هذه الآیة والروایات المتواترة التی جاءت تعقیباً علیها تستطیع توضیح قضیة خلافة النبیّ(صلى الله علیه وآله) لأنّ الله تعالى یأبى أن یکون الأفضل مأموماً وغیر الأفضل إماماً، وأن یکون الذی هو کنفس النبیّ (صلى الله علیه وآله) تابعاً، ومن سواه الذی یلیه فی المرتبة متبوعاً!!

وفی هذه القضیة لا فرق فی أن نرى الإمامة مشروطة بتعیین إلهی ـ کما نعتقد نحنـ أو عن طریق انتخاب الاُمّة، کما یعتقد أبناء السنّة، لأنّه فی الحالة الاُولى من المحال أن یقدم الله تعالى «المفضول» على «الأفضل»، وفی الحالة الثانیة لا ینبغی للاُمّة أن تقدم على فعل یخالف الحکمة، ولن یکون مقبولاً ومرضیاً فیما أقدمت علیه .


1. التفسیر الکبیر ، ج 8، ص 81 .
2. تفسیر الکبیر، ج 8، ص 81.
مؤاخذاتهم على آیة المباهلة:المباهلة فی أقوال المحدثین :
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma