الحکومة والوکالة:

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
نفحات القرآن (الجزء العاشر)
العلاقة بین الدین والحکومة من وجهة نظر القرآن الکریمالولایة الخبریة والإنشائیة؟!

یقال أحیاناً إنّ الحکومة الشعبیة نمط من الوکالة، لا منح منصب، لأنّ مالک الملوک هو الله تعالى، فیجب أن یهبه هو تعالى لمن یشاء، وبعبارة اُخرى، فکما أنّ کل واحد یتمکن أن یوکل غیره فی الاُمور الشخصیة، ولا شک أنّ لهذا الأمر مشروعیته، فکذا الأمر فی القضایا الاجتماعیة، إذ بإمکان الشعب اعتبار شخص ما وکیلا له لإدارة الشؤون الاجتماعیة، والشعب ملزم بتحمل نتائج تلک الوکالة ما بقیت.

لکن هذا الکلام سقیم لوجوه:

 

أولا: بأی حق یتدخل وکیل الأکثریة فی شؤون الأقلیة؟ لنفرض أنّ 51 ملیون نفر قد انتخبوا أحد الأشخاص وکیلا عنهم، و49 ملیون قد وکّلوا شخصاً آخر، فبأی دلیل یمتلک وکیل الـ (51 ملیون) حق التدخل فی شؤون الـ (49 ملیون نفر).

ثانیاً: هنالک شریحة یعتد بها من الشعب لا تشترک فی الانتخابات فی أکثر الأحیان ولأسباب شتى ولا یمنحون أصواتهم لأحد باعتباره وکیلا لهم، فأیّة ضرورة تقضی بوجوب اتباعهم لمن یتمتع بوکالة الآخرین؟!

ثالثاً: الوکالة عقد جائز، وبإمکان الموکّل عزل وکیله متى شاء، فی حین أنّ الشعب لا یمکنه أبداً فی ظل الأنظمة السیاسیة فی العالم عزل مرشحیه ـ والمرشحین لرئاسة الجمهوریة وأمثالها.

الحقیقة هی أنّ الدیمقراطیة لا یمکن تحجیمها بهذه العناوین، إذ إنّ للدیمقراطیة هویتها الخاصة بها، وهی فی الواقع نوعٌ من العقد الاجتماعی تفرضه الضرورة، لأنّ الشعب بحاجة إلى حکومة ما على کل الأحوال، ومن جهة اُخرى فاتفاق آراء الشعب على هذا الأمر غیر ممکن، إذن، فلابدّ من الذهاب ـ شئنا أم أبینا ـ وراء رأی الأکثریة، کما یجب على الأقلیة الرضوخ أمام الأکثریة، إذ لا سبیل لإدارة المجتمع ولا توجد رؤیة اُخرى سوى ذلک، وهی أنّه نتوافق مع رأیهم، حتّى لو لم یکن هذا الأمر متصفاً بالعدالة المحضة.

أمّا الذین ینظرون إلى الحکومة بأنّها من قبل الله تعالى، فلهم رؤیة اُخرى، وهی أنّه لنرى من ذلک الشخص الذی وضع الله تعالى الحکومة تحت اختیاره؟ وبهذه الحالة تکون آراء الشعب ـ عند تعدد الأفراد اللائقین من وجهة نظر الإسلام ـ قادرة على صنع القرار عند تعیین الشخص المتفق علیه، فیتغلب ذلک الشخص الذی یحظى بدعم جماهیری أکبر لتنفیذ أهداف الحکومة.

وبإمکان المسائل المتعلقة بالبیعة توضیح هذا الأمر بشکل أکبر، وسنتکلم إن شاء الله بالتفصیل فی الأبحاث القادمة عن دور البیعة فی الحکومة، وحقیقة البیعة وشروطها.

 

 

العلاقة بین الدین والحکومة من وجهة نظر القرآن الکریمالولایة الخبریة والإنشائیة؟!
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma