8 ـ تأثیر المساجد والأماکن المقدّسة

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
نفحات القرآن (الجزء العاشر)
تمهید:7 ـ الآثار الثّقافیّة لمؤتمر الحجّ العظیم

من جملة المراکز التی یمکنها أن تشارک فی نشر الثّقافة الإسلامیّة، وتکون مؤثرة فی زیادة اطلاع عامة المسلمین، هی الأماکن المقدّسة التی یرتادها الزّائرون لزیارة مراقد قادتهم العظام حتّى یشدُّ هؤلاء الرحال من بلدانهم فی سفر معنوی باتجاه تلک المشاهد الشّریفة، وهذا بنفسه وسیلة جیدة لتبادل المعلومات والمعارف، ومواجهة الهجمة الثّقافیة المضادة للإسلام.

وهناک بعض المساجد الشّهیرة فی الإسلام، اُمرنا بشدِّ الرحال إلیها، لتسبح الروح ویغوصُ القلب فی بحر متلاطم من الرّوحانیّة والمعنویات والنّور، ولتقویة الارتباط بین المسلمین الذین یفدون من مناطق قریبة وبعیدة لزیارة تلک المساجد.

وقد ورد فی حدیث عن أمیر المؤمنین علی(علیه السلام) قال: «لا یُشَدُّ الرّحال إلاّ إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام ومسجد الرّسول ومسجد الکوفة»(1).

 

 

وهذا المعنى جاء أیضاً فی کتب أهل السنّة المعروفة، فقد رووا عن رسول الله(صلى الله علیه وآله)إنّه قال: «لا تُشَدُّ الرِّحال إلاّ إلى ثلاثة مساجد: مسجدی هذا، والمسجد الحرام والمسجد الأقصى»(2).

ومن الواضح أنّ هذین الحدیثین لا تنافی بینهما، ومتى ما ضممناهما إلى بعضهما، یکون المقصود أربعة مساجد، کما أنّه من الواضح أنّ الهدف من بیان مثل هذه الأحادیث هو بیان أهمیّة المساجد الثّلاثة أو الأربعة ولا یعنی أنّ الإنسان إذا ماشدَّ الرّحال إلى مسجد آخر فإنّه یکون قد ارتکب مخالفة، کما تصور بعض الجّهال، إذ لو کان مفهوم هذا الحدیث هو التّحریم، فإنه یَحُرم کل سفر مطلقاً إلاّ إلى هذه الأسفار الثّلاثة فی حین أنّ هناک أسفاراً مشروعة اُخرى کثیرة.

(ولابدّ من الإلتفات إلى أنّ «لا تُشَدُّ الرّحال» مطلقة تشمل کلّ سفر).

وشبیه هذا المعنى ورد فی بحار الأنوار مع تفاوت مختصر(3).

فمثل هذه المساجد فی الحقیقة، تعتبر من المراکز الإسلامیّة الثّقافیة وقد کانت لسنین عدیدة فی صدر الإسلام وما بعد ذلک محلا لإقامة حلقات الدّرس والبحث العلمی، وکان کبار العلماء یتواجدون فیها للتّدریس وتعلیم العلوم والتّربیة، وکذلک الیوم فإنّ المسجد الحرام ومسجد النّبیّ غاصٌّ على طول السّنة بالطّلاب والأساتذة وحلقات الدّرس، کما أنّ کثیراً من المساجد الإسلامیّة المهمّة فی البلاد الاُخرى کسوریة وإیران والعراق تعتبر منتدیات للتّربیة والتّعلیم، حتّى أنّها تصیر أحیاناً مرکزاً لأکبر حلقات الدّرس، وقد یکون التّحفیز من قبل الرّوایات على شدِّ الرّحال إلى هذه المراکز إنّما هو لأجل ذلک، مضافاً إلى کسب المعنویات والرّوحانیات فی تلک المساجد، والاستفادة من السّوابق العلمیّة التّاریخیة لهذه المساجد.

ونفس هذا المعنى متحقق فی المراقد المقدّسة لأئمّة الدّین(علیهم السلام)، حیث یکون صحن وروضة تلک المراقد مرکزاً للدّرس والتّعلیم ونشر العلوم والمعارف الإسلامیّة، وأنّ زیارة تلک المراکز تکون عادة مقترنة بالاستفادة العلمیّة.

وممّا یلفت النّظر هو أن بعض هذه المشاهد الشرّیفة کحرم الإمام علیّ بن موسى الرّض(علیه السلام) یَغصُّ على طول السنّة بالزّوار حتّى یصل عددهم إلى 12 ملیون زائر سنویاً، ولذا فإن اجتماعات عظیمة تعقد على طول أیّام السنّة، وتقام مؤتمرات وجلسات رائعة، ولذلک کله تأثیره العمیق فی تربیة المسلمین.

 


1. وسائل الشّیعة، ج3، ص552، أبواب أحکام المساجد، الباب 44، ح 16.
1. صحیح مسلم، ج2، ص1014، کتاب الحجّ، باب 95، ح 1397.
2. بحار الأنوار، ج66، ص240، باب 44، ح 2.

 

تمهید:7 ـ الآثار الثّقافیّة لمؤتمر الحجّ العظیم
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma