ج) رئاسة بنی أمیة فی الشام (تحول الخلافة إلى ملک)

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
عاشوراء جذورها، أهدافها، حوادثها، معطیاتها
سر مُحاباة عمر لمعاویة!ب) تبدیل الخلافة (العهد الإلهی) بالشأن البشری

لعل الذین حضروا السقیفة لم یعتقدوا بادئ الأمر أنّ ما یقرروه سیؤول بعد عقد أو عقدین إلى حکومة ملوکیة. فسلطة بنی أمیة لم تکن بالظاهر التی برزت خلال یوم فی عالم الإسلام، بل انبثقت هذه الحکومة خلال سنوات من الدعم الذی قدمه الخلفاء سرّاً وعلانیة. فالخلافة التی کانت عهد إلیها هبطت فی السقیفة إلى حکومة فردیة لقریش لتؤول بالتالی إلى حکومة ملوکیة لبنی أمیة فی الشام، الحکومة التی کانت أعظم آمالها التوسع لتحول الحاکمیة الإسلامیة إلى إمبراطوریة وملوکیة وراثیة. ففی ذلک الیوم الذی زرعت فیه بذور العصبیة القبلیة فی السقیفة، فإنّ أبا سفیان ورهطه الذین اعتبروا مسلمین حسب ظاهرهم، لم یکونوا فی وضع یؤهلهم لاستغلال الفرصة لیستعیدوا أمجادهم الماضیة ویستحوذوا على سائر القبائل ویعبئوها ضد الدین الجدید بسبب سوابقهم المشینة فی إثارة الحروب ضد الإسلام والمسلمین.

لکنهم سروا حین رأوا بعض طوائف قریش المجهولة مثل «تیم» و«عدی» استطاعت من خلال الإستناد إلى أفضلیة قریش إقصاء الأنصار فی الخطوة الأولى ومن ثم الخروج على أحادیث النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله)الصریحة بشأن خلافة أمیر المؤمنین علی(علیه السلام)وسلوک طریق آخر. فکان هذا الامتیاز من شأنه أن یکون مقدمة لإمتیازات أخرى. وهذا ما حدث حیث أشتد طمع زعماء بنی أمیة للهیمنة على السلطة! فقد اعترف بذلک أبو سفیان قائلاً:

«إِنَّ الْخِلافَةَ صارَتْ فِی تَیْم وَعَدِیّ حَتىَّ طَمِعْتُ فِیها»(1).

وکان من الواضح أن لا یهادن شخص کأبی سفیان الذی وقف حتى نفسه الأخیر بوجه النبی(صلى الله علیه وآله) إزاء بعض الأفراد کأبی بکر وعمر الذین یراهما من أذل بیوت قریش «جاء أبوسفیان» إلى علی(علیه السلام) وقال:

«وُلّیتُمْ عَلى هذَا الاَْمْرِ أَذَلَّ بَیْت فِی قُرَیْش»(2).

إلاّ أنّ أبا سفیان لم یکن فی المدینة حین حدثت السقیفة. فلما رجع واطلع على الأمر حاول إثارة الفتنة فقصد أمیرالمؤمنین(علیه السلام) فلم یجبه، فقصد أبی بکر. فقال عمر لأبی بکر سیأتینا أبوسفیان وهو رجل خطیر وأرى أن تهبه ما أتى به من زکاة(3)!

وعلى ضوء فکرة عمر فإنّ عهداً من التعایش السلمی قد حل بین أبی سفیان  والخلافة الحاکمة، غیر أنّ الوثائق التاریخیة تشیر إلى أنّ القضیة أعظم بکثیر من سکوت عادی لا قیمة له(4). ومهما کان الأمر فقد نال بنو أمیة فی السنة الثالثة عشرة للهجرة أجر ذلک السکوت والتسلیم من الخلیفة. وفی ذلک العام وجه أبو بکر جیشاً بقیادة یزید ـ ابن أبی سفیان وشقیق معاویة ـ إلى الشام لقتال الروم، وکان معاویة یحمل الرایة ـ الابن الآخر لأبی سفیان ـ وقد تولى أمرة الجیش بعد وفاة أخیه، وأخیراً نصبه عمر إبان خلافته والیاً علیها.

الطریف فی الأمر أنّ معاویة تصدى لمنصبه دون إنتظاره لحکم الخلیفة، بل باشر بنفسه لیبلغ بعد مدّة بحکم الخلیفة. والحق أنّ استیلاء بنی أمیة وولد أبی سفیان على الخلافة وبتلک السرعة عقب رحیل النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله) فی منطقة غایة البعد عن مرکز الخلافة الإسلامیة، لمن الأحداث التاریخیة الحبلى بالأسرار. الحادثة التی تمت بواسطتها رکائز الحکومة الإستبدادیة والوراثیة لبنی أمیة فی الشام، ثم فی أرجاء العالم الإسلامی کافّة آنذاک.


1 . الإستیعاب، ص 690; الأغانی، ج 6، ص 356.
2 . شرح نهج البلاغة لابن أبی الحدید، ج 2، ص 45.
3 . المصدر السابق، ص 44.
4 . قال علی (علیه السلام) بشأن تواطؤ المنافقین مع أدعیاء الخلافة بعد رحیل النبی(صلى الله علیه وآله)، «وقد أخبرک الله عن المنافقین بما أخبرک، ووصفهم بما وصفهم به لک، ثم بقوا بعده، فتقربوا إلى أئمّة الضلالة والدعاة إلى النار بالزور والبهتان، فولوهم العمال وجعلوهم حکاماً على رقاب الناس، فأکلوا بهم الدنیا» نهج البلاغة،الخطبة 210.

 

سر مُحاباة عمر لمعاویة!ب) تبدیل الخلافة (العهد الإلهی) بالشأن البشری
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma