11 . ردّ الإمام(علیه السلام) القاطع على معاویة

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
عاشوراء جذورها، أهدافها، حوادثها، معطیاتها
12 . لا أرى أصلح من یزید10 . تقریع معاویة على إختیار یزید

قام معاویة ببعض الأعمال فی المدینة بغیة التمهید لبیعة یزید، حیث بعث فی الیوم الثانی من وصوله للمدینة للحسین(علیه السلام) وابن عباس. فأتاه ابن عباس فتحدث معه حتى وصل الحسین(علیه السلام)، فأجلسه معاویة عن یمینه وجعل یسأله عن ولد الحسن(علیه السلام).

ثم خطب معاویة بشأن بیعة یزید وأثنى علیه. فلما أراد ابن عباس الحدیث، أشار علیه الحسین(علیه السلام)بالسکوت، ثم وقف(علیه السلام) فحمد الله وأثنى علیه وصلى على رسوله وقال:

«أَمّا بَعْدُ: یا مُعاوِیَةُ! فَلَنْ یُؤَدِّی الْقائِلُ وَإِنْ أَطْنَبَ فِی صِفَةِ الرَّسُولِ(صلى الله علیه وآله) مِنْ جَمیع جُزْءاً، وَقَدْ فَهِمْتُ ما لَبِسْتَ بِهِ الْخَلَفَ بَعْدَ رَسُولِ اللهِ مِنْ ایجازِ الصِّفَةِ وَالتَّنَکُّبِ عَنِ اسْتِبْلاغِ الْبَیْعَةِ، وَهَیْهاتَ هَیْهاتَ یا مُعاوِیَةُ! فَضَحَ الصُّبْحُ فَحْمَةَ الدُّجى، وَبَهَرَتِ الشَّمْسُ أَنْوارَ السُّرُجِ، وَلَقَدْ فَضَّلْتَ حَتّى أَفْرَطْتَ، وَأَسْتَأْثَرْتَ حَتّى أَجْحَفْتَ، وَمَنَعْتَ حَتّى بَخِلْتَ، وَجُرْتَ حَتّى جاوَزْتَ ما بَذَلْتَ لِذی حَقّ مِنْ أَتَمِّ حَقِّهِ بِنَصیب حَتّى أَخَذَ الشَّیْطانُ حَظَّهُ الاَْوْفَرَ، وَنَصِیبَهُ الاَْکْمَلَ، وَفَهِمْتُ ما ذَکَرْتَهُ عَنْ یَزیدَ مِنِ اکْتِمالِهِ وَسِیاسَتِهِ لاُِمَّةِ مُحَمَّد(صلى الله علیه وآله)، تُریدُ أَنْ تُوَهِّمَ النّاسَ فِی یَزیدَ، کَأَنَّکَ تَصِفُ مَحْجُوباً، أَوْ تَنْعِتُ غائِباً، أَوْ تُخْبِرُ عَمّا کانَ مِمَّا احْتَوَیْتَهُ بِعِلْم خاصٍّ، وَقَدْ دَلَّ یَزیدُ مِنْ نَفْسِهِ عَلى مَوْقِعِ رَأْیِهِ، فَخُذْ لِیَزیدَ فیما أَخَذَ بِهِ مِنِ اسْتِقْرائِهِ الْکِلابَ الْمُهارَشَةَ عِنْدَ التَّحارُشِ، وَالْحَمامِ السَّبْقِ لاَِتْرابِهِنَّ، وَالْقَیناتِ ذَواتِ الْمَعازِفِ، وَضُرُوبِ الْمَلاهی، تَجِدُهُ ناصِراً، وَدَعْ عَنْکَ ما تُحاوِلُ.

فَما أَغْناک أَنْ تَلْقَى اللهَ جَورَ هذَا بِأَکْثَرَ مِما أَنْتَ لاقیهِ، فَوَاللهِ ما بَرِحْتَ تُقَدِّرُ باطِلا فِی جَوْر، وَحَنَقاً فِی ظُلْم، حَتّى مَلاَْتَ الاَْسْقِیَةَ، وَما بَیْنَکَ وَبَیْنَ الْمَوْتِ إِلاّ غَمْضَةٌ، فَتَقْدِمَ عَلى عَمَل مَحْفُوظ فِی یَوْم مَشْهُود، وَلاتَ حینَ مَناص، وَرَأَیْتُکَ عَرَضْتَ بِنا بَعْدَ هذَا الاَْمْرِ، وَمَنَعْتَنا عَنْ آبائِنا، وَلَقَدْ لَعَمْرُ اللهِ أَوْرَثَنَا الرَّسُولُ(صلى الله علیه وآله)وِلادَةً، وَجِئْتَ لَنا بِها ما حَجَجْتُمْ بِهِ الْقائِمَ عِنْدَ الرَّسُولِ،فَأَذْعَنَ لِلْحُجَّةِ بِذلِکَ، وَرَدَّهُ الاِْیمانُ إِلَى النَّصْفِ، فَرَکِبْتُمُ الاَْعالِیلَ، وَفَعَلْتُمُ الاَْفاعیلَ، وَقُلْتُمْ کانَ وَیَکُونُ، حَتّى أَتاک الاَْمْرُ یا مُعاوِیَةُ مِنْ طَریق کانَ قَصْدُها لِغَیْرِک، فَهُناک فاعْتَبِرُوا یا أُولِی الاَْبْصارِ، وَذَکَرْتَ قِیادَةَ الرَّجُلِ الْقَوْمَ بِعَهْدِ رَسُولِ اللهِ(صلى الله علیه وآله) وَتَأْمِیرَهُ لَهُ، وَقَدْ کانَ ذلِکَ وَلِعَمْرِو بْنِ الْعاصِ یَوْمَئِذ فَضیلَةٌ بِصُحْبَةِ الرَّسُولِ، وَبَیْعَتِهِ لَهُ، وَما صارَ لِعَمْرو یَوْمَئِذ حَتّى أَنِفَ الْقُوْمُ إِمْرَتَهُ، وَکَرِهُوا تَقْدیمَهُ وَعَدُّوا عَلَیْهِ أَفْعالَهُ فَقالَ(صلى الله علیه وآله) «لاَ جَرَمَ مَعْشَرَ الْمَهاجِرینَ لاَ یَعْمَلُ عَلَیْکُمْ بَعْدَ الْیَوْمِ غَیْری» فَکَیْفَ یُحْتَجُّ بِالْمَنْسُوخِ مِنْ فِعْلِ الرَّسُولِ فِی أَوْکَدِ الاَْحْوالِ وَأَوْلاها بِالُْمجْتَمَعِ عَلَیْهِ مِنَ الصَّوابِ أَمْ کَیْفَ صاحَبْتَ بِصاحِب تابِع وَحَوْلَکَ مَنْ لا یُؤْمَنُ فِی صُحْبَتِهِ، وَلا یُعْتَمِدُ فِی دِینِهِ وَقَرابَتِهِ، وَتَتَخَطّاهُمْ إِلى مُسْرِف مَفْتُون، تُریدُ أَنْ تَلْبِسَ النّاسَ شُبْهَةً یَسْعَدُ بِهَا الْباقی فِی دُنْیاهُ، وَتَشقى بِها فِی آخِرَتِکَ، إِنَّ هذا لَهُوَ الْخُسْرانُ الْمُبینُ، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لی وَلَکُمْ»(1).

إنّ هذه الخطبة الدقیقة والمنطقیة والصریحة والشجاعة فی نفس الوقت تشیر إلى حقیقة هی:

أولاً: سعى الإمام الحسین(علیه السلام) بواسطة الدلیل والبرهان لیحول دون تسلط معاویة ـ سیما فی نصب یزید کخلیفة ـ ویذکّره بعواقب فعله الدنیویة والأخرویة. فعدد قبائح یزید واستنفار الرأی العام الإسلامی ضده.

ثانیاً: ذکّر معاویة بأنّ الرأی العام الإسلامی ضده وضد یزید، فالجمیع یعلم بسوابقه المشینة والتی لا یمکن حجبها والتغطیة علیها.

أضف إلى ذلک ذکره بقرب انتهاء أجله وإنذاره مصیره فی محکمة العدل الإلهی. کل ذلک یشیر وخلافاً لما یظنه البعض إلى أنّ الإمام الحسین (علیه السلام)لم یتخل قط عن المواجهة فی عصر معاویة.


1 . الإمامة والسیاسة، ج 1، ص 207-209; أعیان الشیعة، ج 1، ص 583-584.

 

 

 

12 . لا أرى أصلح من یزید10 . تقریع معاویة على إختیار یزید
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma