اتجه عبد الله بن جعفر إلى عمرو بن سعید والی مکة لیأخذ الأمان للإمام الحسین(علیه السلام)وطلب منه أن یسأله الرجوع إلى مکة فکتب له الأمان. فلما بلغه ذلک کتب(علیه السلام):
«إِنْ کُنْتَ أَرَدْتَ بِکِتابِکَ إِلَیَّ بِرّی وَصِلَتِی فَجُزِیتَ خَیْراً فِی الدُّنْیا وَالاْخِرَةِ وَإِنَّهُ لَمْ یُشاقِقِ اللهَ مَنْ دَعا إِلَى اللهِ وَعَمِلَ صالِحاً وَقالَ إِنَّنِی مِنَ الْمُسْلِمینَ وَخَیْرُ الاَْمانِ أَمانُ اللهِ، وَلَمْ یُؤْمِنْ بِاللهِ مَنْ لَمْ یَخَفْهُ فِی الدُّنْیا فَنَسْأَلُ اللهَ مَخافَةً فِی الدُّنْیا تُوجِبُ لَنا أَمانَ الاْخِرَةِ عِنْدَهُ»(1).
تفید عبارة الإمام(علیه السلام) هذه أولاً: أنّ الإمام(علیه السلام) لم یکن یثق بعهود أمانهم ومواثیقهم; لأنّ بنی أمیة وعملائهم لا یؤمنون بالله ولا بالیوم الآخر، وعلیه فلا یمکن الوثوق بعهودهم التی لا تعد أکثر من سراب یحسبه الظمآن ماءاً.
ثانیا: کان الإمام(علیه السلام) وبأمر النبی(صلى الله علیه وآله) یسعى لهدف یتجاوز حدود فکر هؤلاء وإدراکهم. وأفضل محمل لهم أنّهم کانوا یریدون سلامة الإمام(علیه السلام)، بینما کان یهدف(علیه السلام) إلى سلامة دین جدّه; الأمر الذی لا یمکن فی ظلّ حکومة بنی أمیة سلیلة الجاهلیة والوثنیة.