کان عبدالله بن الحسن(علیه السلام) أصغر أبناء الإمام الحسن المجتبى(علیه السلام)، وکان یبلغ من العمر فی یوم عاشوراء 11 عشر سنة، وقد بقی مع النساء فی الخیام ولما شاهد عمّه الإمام الحسین فی مکان القتل وقد أحاط به الأعداء(علیه السلام) من کل جانب، خرج مسرعاً من الخیمة متوجهاً إلى عمّه الحسین، ولم یکن الإمام الحسین(علیه السلام)یغفل لحظة واحد عن المخیم وما یجری فیه من أمور وحوادث، فلما رأى ابن أخیه الحسن قادماً نحوه، قال لاُخته: «إحْبِسیهِ یا أُخْتی». ولکن الحوراء زنیب(علیها السلام) کلما سعت أن تفصل عبدالله من عمّه لم تتمکن من ذلک، فقد التصق عبدالله بشدّة بعمّه الحسین(علیه السلام)، وکان یقول: «وَاللهِ لا أُفارِقُ عَمِّی»(1).
وفجأة هجم «أبجر بن کعب» على الإمام الحسین(علیه السلام) بالسیف، فرآه عبدالله ورفع یده لیقی عمّه الحسین من ضربة السیف وصاح: «یَاابْنَ الْخَبیثَة! أتَقْتُلُ عَمِّی!» فانهال السیف على یده وقطعها من المرفق وبقیت معلقة بالجلدة، فصاح الغلام : «یا عمّاه!».
فاحتضنه الإمام الحسین(علیه السلام) وقال: «یاابن أخی، إصْبِر عَلى ما نَزَلَ بِکَ، وَاحْتَسِبْ فی ذلِکَ الخَیْرَ، فَإِنَّ اللهَ یُلْحِقُکَ بِآبائِکَ الصّالِحینَ»(2).
وفی هذه اللحظات رماه حرملة بسهم وقتله وهو فی حضن عمّه، ورفع الإمام یده إلى السماء وقال:
«أَللّهُمَّ أَمْسِکْ عَنْهُمْ قَطْرَ السَّماءِ وَامْنَعْهُمْ بَرَکاتِ الاَْرْضِ، أللّهُمَّ فإنْ مَتَّعْتَهُمْ إلى حین فَفَرِّقْهُمْ فِرَقاً وَاجْعَلْهُمْ طرائِقَ قِدَداً، وَلا تُرْضِ عَنهُمُ الْوُلاةَ أبَداً فَإنَّهُمْ دَعُونا لِیَنصُرُونا فَعَدَوْا عَلَیْنا فَقَتَلُونا»(3).