28 . إقامة المأتم فی المدینة

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
عاشوراء جذورها، أهدافها، حوادثها، معطیاتها
بکاء وحزن اُمّ البنینخطبة الإمام زین العابدین(علیه السلام) عند باب المدینة

ودخل الإمام زین العابدین(علیه السلام) ومعه النسوة والأطفال من آل بیت الرسالة المدینة وهی المدینة التی غادروها فی شهر رجب من السنة الماضیة، مع أبیهم الإمام الحسین(علیه السلام)وعمّهم أبی الفضل العباس وإخوتهم علیّ الأکبر وعلیّ الأصغر وسائر شبّان بنی هاشم، والآن یعودون إلیها بدون اُولئک الأعزّاء ومعهم جماعة من النساء والأطفال والأیتام.

المدینة التی دفن فیها رسول الله(صلى الله علیه وآله) وفاطمة الزهراء(علیها السلام); المدینة التی تحمل فی طیاتها الذکریات الحلوة والمرّة، والمدینة التی کانوا یسمعون من جمیع أزقتها وشوارعها وبیوتها أصوات أحبّتهم وأعزّائهم.

وأوصلت زینب الکبرى(علیها السلام) نفسها إلى مسجد رسول الله(صلى الله علیه وآله) وأخذت بعضادتی باب المسجد ونادت: «یا جَدّاه إِنّی ناعِیةٌ إِلَیْکَ أخِی الْحُسَیْنَ».

وهی مع ذلک لا تجفّ لها عبرة ولا تفتر من البکاء والنحیب، وکلّما نظرت إلى الإمام علیّ بن الحسین(علیه السلام)تجدّد حزنها وزاد وجدها(1).

وصاحت: «یا جَدّا! إلیکَ المُشتکى مِمّا جَرى عَلَینا فَواللهِ مَا رَأیتُ أقسى مِنْ یَزید وَلا رَأیتُ کَافراً وَلا مُشرکاً شَرّاً مِنهُ وَلا أجَفى وَأغلَظَ، فَلَقَدْ کانَ یَقْرَعُ ثَغْرَ أَبی عبدالله بِمِخْصَرَتِهِ وَ هُوَ یَقُولُ: کَیْفَ رَأَیْتَ الْضَّرْبَ یا حُسَیْنُ).(2)

وروی أنّه بعد شهادة الإمام الحسین(علیه السلام) لبست نساء بنی هاشم السواد ولم یکن لهنّ ساتر من حرارة الشمس وبرد الشتاء وکنّ یشترکن فی إقامة المأتم على الحسین(علیه السلام)وکان الإمام علیّ بن الحسین(علیه السلام) یدعم مراسم العزاء هذه و یوصل لهنّ الطعام(3).

یقول الإمام الصادق(علیه السلام): «مَا إختَضَبَتْ هَاشِمِیّةٌ وَلا أدّهَنَتْ ولا أُجیلَ مِرْوَدٌ فِی عَینِ هَاشِمیّة خَمْسَ حِجَج حَتّى بَعثَ المُختارُ بِرأسِ عُبیدِاللهِ بنِ زیاد (إلى المدینة)»(4).

وروی عن الإمام الصادق(علیه السلام) أنّه قال: «إنّ زَینَ العابِدِینَ(علیه السلام) بَکى عَلى أبِیهِ أربَعِینَ سَنةً، صَائِماً نَهارَهُ قَائماً لَیلَهُ، فَإذا حَضرهُ الإفطارُ جاءَ غُلامٌ بِطَعامهِ وَشَرابهِ فَیضعَهُ بَینَ یَدیهِ، فَیقُولُ: قُتَلِ ابْنُ رَسُولِ اللهِ جائِعاً، قُتِلَ ابْنُ رَسُولِ اللهِ عَطْشاناً. فَلا یَزال یُکَرّرُ ذَلکَ وَیَبکی حَتى یُبُلَّ طَعامَهُ مِنْ دُمُوعهِ وَیَمتَزِجَ شَرابُهُ مِنها، فَلَم یزل بِذلکَ حَتّى لَحقِ بِالله عزّوجلّ»(5).

وکذلک رود عن الإمام الصادق(علیه السلام): «لمّا قُتِلِ الحُسینُ(علیه السلام) قَامت امرأتُهُ الکِلبیّة عَلیهِ مَأتَماً وَبَکتْ وَبَکینَ النّساءُ وَالخَدمُ حَتّى جَفّتْ دُمُوعُهنّ وَذَهبتْ، فَبینا هِی کَذلکَ إذ رَأتْ جَاریةً مِن جَواریها تَبکی وَدُمُوعُها تَسیلُ، فَدعَتْها فَقالتْ لَها: مَا لکِ أنتِ مِنْ بَیننا تَسیلُ دُمُوعُکِ، قَالتْ: إنّی لَمّا أصابَنی الجَهدُ شَرِبتُ شَربَةَ سُویق.

قَالَ: فَأمَرتْ الطَّعامَ وَالأسْوِقةَ فأکَلتْ وَشَربتْ وَأطعمتْ وَسقَتْ وَقالتْ: إنّما نُریدُ بِذلکَ أن نَتَقوّى عَلى البُکاءِ عَلى الحُسین»(6).


1. بحار الأنوار، ج 45، ص 198.
2 . مقتل الحسین، للمقرّم، ص 376.
3. بحار الأنوار، ج 45، ص 188.
4 . مقتل الحسین للمقرّم، ص 376.
5 . الملهوف (اللهوف)، ص 233.
6. الکافی، ج 1، ص 466.

 

بکاء وحزن اُمّ البنینخطبة الإمام زین العابدین(علیه السلام) عند باب المدینة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma