نقرأوا فی تاریخ بنی العبّاس وبنی أمیة:

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
عاشوراء جذورها، أهدافها، حوادثها، معطیاتها
خاتمة المطافثورة العباسیین والانتقام من بنی أمیة

لما ولی أبو العباس السفاح الخلافه فکر فی الانتقام من بنی أمیة، ثم إنّهم کتبوا إلیه یطلبون منه الأمان ویسألونه العطف، فکتب لهم أنّه غیر غنى عنهم وأنّه یحتاج إلى خدمتهم وضمن لهم الأموال والعطایا والاقطاع. واجتمع إلیه منهم الکبیر والصغیر والرؤساء وآل زیاد وآل مروان وآل یزید بن معاویة. فأعدّ لهم کراسی من الذهب والفضه. وکان الخاص والعام یتعجبون منه ومن فعله بهم. وهنا دخل بعض حجابه وقال له: إنّ على الباب رجلاً ذمیم المنظر عظیم المخبر شحب اللون یرید الدخول علیک. فلما سمع السفاح قال: صاحبنا سدیف. فلما سمع بنو أمیة بذکر سدیف تغیرت ألوانهم واقشعرعت منهم الأبدان وأخذهم الجزع والهلع. وهم یعلمون أنّه فصیح اللسان قوی الجنان وکان شاعراً ماهراً یمدح بنی هاشم ویهجو بنی أمیة.

دخل سدیف على السفاح ونظر إلى بنی أمیة وما هم علیه وأنشاء فقال:

وَذْکُرُوا مَصْرَعَ الحُسَینِ وَزَیدِ *** وَقَتَل بِجـانِبِ المِهرَانِی

وَالقَتَلَ الَّذِی بِحَرَّانَ أَضحَى *** ثـاوِیاً بَینَ غُرْبَة وَتَتاسِ(1)

فقال له السفاح: أهلاً بطلعتک ومرحباً برؤیتک، قدمت خیر مقدم، وغنمت خیر مغنم، فلک الإکرام والانعام، وأمّا ما أنت له من الأعداء فالمسفح أجمل، فإنّ أکرم الناس من عفا إذا قدر، وصفح إذا ظفر.

ثم إنّ السفاح نادى یا غلام علیّ بتخت من الثیاب وکیس من الورق، فأتاه بذلک فقال السفاح: خذ وغیّر ثیابک وأصلح حالک وعد إلینا فی غداة غد إن شاءالله فلک عندنا ما تحب وترضا

قال: فخرج سدیف من عند السفاح وهو فرحان شدید الفرح.

قال: وإنّ بنی أمیة بقوا فی دهشة وبهتة وحیرة ینظر بعضهم إلى بعض، فعلم السفاح ما عندهم وما خامرهم فأراد أن یطمئنهم حتى یطمئنوا إلیه، ویقبلوا بأجمعهم إلیه.

فقال لهم: یا بنی اُمیة لا یکبرن علیکم ما سمعتم من هذا العبد فإنّه ما تکلّم إلاّ بقلّه عقله وکثرة جهله ولیس له رأی سدید ولا ینبغى أن یلتفت إلى قوله.

فقال بعض بنی أمیة: الهرب الهرب وقال البعض الآخر: یا ویلک إنّ أمیرالمؤمنین (السفاح) قد أحسن إلینا فی الخطاب ووعدنا بجائزة وسدیف أقل عنده من ذلک وتفرّقوا إلى منازلهم.

فلما کان الغد بکر القوم إلى السفاح فدخلوا إلیه، وسلّموا إلیه، فردّ علیهم بأحسن الرد وقرّب مراتبهم، وأعلى منازلهم، ورفع مجالسهم، ففرحوا بذلک فرحاً شدیداً، ثم أقبل إلیهم سألهم عن حالهم ومجیئهم إلیه وقضى لهم حوائجهم.

ودخل علیهم سدیف وقد غیّر أثوابه، فسلّم على السفاح وأشار إلیه بیده، وقال: نعم صباحک، وبان فلاحک، وظهر نجاحک کشف الله بک رواکد الهموم، وفداک أبی لأنّک آخذ بالثأر وکاشف عن قومک ضیمة العار، والضارب بالسیف الثأر، وقاتل الأشرار، فحاشاک یا ابن الرؤساء من بنی العباس والسادة من بنی هاشم، والسراة من بنی عبدالمناف ثم أنشأ یقول:.

أصبَحَ المُلکُ عَالِی الدَّرجاتِ *** بِکِرام وَسادة وَحُمات

یا سَلِیلَ المُطَهَّرینَ مِنَ الرِّجسِ *** وَیا رأسَ مِنبرِ الحاجاتِ

لَکَ أعنی خَلیفةَ اللهِ فِی الأرضِ *** ذا المجدِ وَأهلِ الحیاةِ والمماتِ

غَدَرُونا بَنُو اُمیةَ حَتّى *** صارَ جِسْمِی سَقِیماً بِالمُصِیباتِ

واستَباحُوا حَرِیمَنا وَسَبَونا *** وَرَمَونا بِالذُلِّ وَالنَّکَباتِ

أیْنَ زَیدُ وَایْنَ عَونُ وَمَنْ *** حَلّ ثَاوِیاً بِالفُراتِ

والإِمامُ الّذی بَحران أضحى *** هُوَ إمامُ الهُدى وَرأسِ الثُّقاتِ

کَیفَ أسلُو مِمّن قَتَلُوهُ جَهراً *** وَهَتَکُوا بَعدَ ذَلِکَ الحُرُماتِ

فلما سمع السفاح ذلک أطرق إلى الأرض زماناً حتّى سکن ما لحقه، ثم إنّه رفع رأسه وقال له: قل کلامک وتذکر ما فات، وخذ ما فات... فانصرف ولا تعد لمثلها أبداً.

فخرجوا من عنده وقد سکن ما علیهم واجتمعوا للمشورة فقال قائل منهم: هلموا نسأل السفاح أن یسلّم إلینا العبد فنقتله وإن فاتکم لم یزل العبد معه حتىّ یهلککم ویدمرکم. ولما انسدل اللیل بعث السفاح إلى سدیف فأحضره وقال له: یاویلک إنّک لعجول فی أمرک.

قال سدیف: الکتمان قد قتلنی والتحمل أمرضنی ثم بکى سدیف وأنشد شعراً. فبکى السفاح بکاء شدیداً حتى اصفرّ لونه فلما أفاق قال له السفاح: یا سدیف بلغ الکتاب أجله وقد حان وقرب ما تؤمله. فنم لیلتک قریر العین واتنی غداة غداً أعطیک أملک وأبلغک رجاک.

فبات سدیف أرقاً قلقاً ویدعو ربّه تمام ما وعد السفاح ونادى المنادی الیوم یوم عطاء وجوائز ونصب السفاح سریر ملکه وأفرغ بین یدیه الدنانیر والدراهم وأخبر رجاله فإذا رأیتمونی قد جلدت قلنسوتی الأرض اخرجوا وضعوا السیوف فی رقاب کل من ترونه.

وصعد السفاح إلى أعلى بیته والتفت إلى بنی أمیة وقال: هذا الیوم الذی کنت أعدکم فیه الجزاء والعطاء فمن تحبّون أبدأه بالعطاء.

فقالوا لیتقرّبوا إلیه ویدخلوا قلبه: إبدأ ببنی هاشم...

فقال السفاح: لمن عن یمینه وقد أعلمه بما یرید. فنادى الغلام: أین أسد الله وأسد رسوله الحمزة بن عبدالمطلب هلّم إلینا واقبض عطاءَک. قال سدیف واین حمزه. قال السفاح: ما فعل الله به. قال السدیف: قتلته امرأة من هؤلاء القوم یقال لها هند وأنّها وعدت وحشی بعطاء فقتله فشقّت صدره وأخذت کبده.

قال السفاح: ما علمت بذلک. ونادى الغلام مسلم بن عقیل هلم إلینا واقبض عطاءَک. قال السدیف: وأین مسلم بن عقیل. قال السفاح: ما فعله الله به. قال السدیف رمى به عبیدالله بن زیاد من قصر العمارة ووضع برجلیه حبلاً وجرّوه فی أسواق الکوفة.

قال السفاح: ما علمت بذلک. ثم سأل عن الحسین والعباس. وقال ما فعل الله لولد رسول الله فأنشد سدیف شعراً:

حَسِبتْ أُمیَّةُ أَنْ سَترضی هاشمُ *** عَنها وَیَذْهَبُ َیدُها وَحُسَینُها

کَذِبَتْ وَحَقِّ مُحَمَّد وَوَصِیِّهِ *** حَقّاً سَتِصبِرُ مَا یُسیءُ ظُنُونُها

فقال: یالثارات الحسین، یالثارات بنی هاشم.

فخلع السفاح القلنسوه وضرب بها الأرض فدخل الرجال وقتلوا جمیع بنی أمیة(2)وهنا نفهم ما قاله أمیرالمؤمنین علی(علیه السلام):

«حَتّى یَظُنِّ الظّانُّ أَنَّ الدُّنیا معقولة على بَنی أَمیّةَ، تَمنحُهم دَرَّها، وتُوردُهم صَفوها، وَلا یُرفَعُ عَنْ هذِهِ سَوطُها، وِلا سِیفها، وَکَذَبَ الظَّانُّ لذِلکَ بَل هِی مَجّةٌ مِنْ لَذیذِ العَیش یَتعَّمُونها بُرهةً، ثُمَّ یَلفِظُونها جُملَّةً»(3).

نختم هذا الجانب بکلام من «عباس محمود العقاد»

«..وتلک جریرة یوم واحد هو یوم کربلاء، فإذا بالدولة العریضة تذهب فی عمر رجل واحد مد ید الأیّام، وإذا بالغالب فی یوم کربلاء أخسر من المغلوب وإذا وضعت الأعمار المنزوعة من الکفتین»(4)


1 .معجم البلدان، ج 2، ص 235 أشار إلى استشهاد «إبراهیم بن محمد» من معاریف بنی هاشم وبنی العباس و«حرّان» منطقة قریبة من الحدود الشمالیة للعراقی.
2 . مقتل أبو مخنف (نقلاً عن منهاج البراعه للخوئی، ج 7، ص 232); نفحات الولایة، ج6 فی ذیل الخطبة.
3 . نهج البلاغة، الخطبة 87.
4. المجموعة الکافلة لمؤلفات عباس محمد العقّاد، ج2، ص 272.

 

 

 

خاتمة المطافثورة العباسیین والانتقام من بنی أمیة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma