المقام الثانی: إجزاء المأمور به الاضطراری عن الاختیاری

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
طریق الوصول إلى مهمّات علم الاُصول ج2
المقام الثالث: إجزاء الأوامر الظاهریّة الشرعیّةالمقام الأوّل: إجزاء المأمور به عن أمر نفسه

وله ثبوتاً صور ثلاث:
الصورة الاُولى: أن یکون المأمور به الاضطراری فی حال الاضطرار مشتملا على تمام مصلحة المأمور به الواقعی، فیجزی عنه بلا کلام لاشتماله على تمام مصلحته، وأمّا جواز البدار فیها وعدمه فیدور مدار کون الاضطراری بمجرّد الاضطرار مشتملا على تمام مصلحة الواقعی أو بشرط الانتظار إلى آخر الوقت أو بشرط طروّ الیأس من الاختیاری.
الصورة الثانیة: أن لا یکون الاضطراری مشتملا على تمام مصلحة الواقعی وکان الباقی ممّا یلزم تدارکه وأمکن التدارک، فلا یجزی قطعاً، وأمّا البدار فیها فیجوز، غایته أنّه یتخیّر بین البدار والإتیان بعملین: العمل الاضطراری قبل ضیق الوقت والعمل الاختیاری بعد رفع الاضطرار، وبین الانتظار والاقتصار بإتیان ما هو تکلیف المختار.
الصورة الثالثة: أن لا یکون الاضطراری مشتملا على تمام مصلحة الواقعی ولا یمکن تدارک الباقی فیجزی أیضاً بعد فرض عدم إمکان التدارک أصلا، کما لا یجوز له البدار فی هذه الصورة إلاّ لمصلحة; لما فیه من نقض الغرض وتفویت مقدار من المصلحة لولا مراعاة ما هو الأهمّ منها.
هذا من جهة مقام الثبوت.
مقتضى الأدلّة بحسب مقام الإثبات وفی مقام الإثبات لها صورتان:
الصورة الاُولى: ما إذا ارتفع الاضطرار فی داخل الوقت، ولابدّ فیها من ملاحظة لسان الأدلّة الخاصّة وأنّه هل هو لسان التنویع والتقسیم، أی تنویع المکلّفین مثلا إلى الواجدین للماء والفاقدین له کما فی آیة التمیّم(1)، أو یکون لسانها لسان البدلیّة حیث تجعل التیمّم مثلا لفاقد الماء بدلا عن الوضوء لواجد الماء؟
فعلى الأوّل: بناءً على کون المولى فی مقام بیان تمام وظیفة المضطرّ لا إشکال فی أنّ مقتضى الإطلاق المقامی هو الإجزاء، فإنّ المولى إذا قسّم المکلّفین إلى أقسام وجعل لکلّ قسم منهم وظیفته الخاصّة به، فأمر المکلّف الواجد للماء مثلا بالصلاة مع الطهارة المائیة، وأمر المکلّف الفاقد للماء بالصلاة مع الطهارة الترابیة، ولم یحکم بالإعادة بعد رفع الاضطرار، یعلم من هذا التقسیم مع هذا الإطلاق وعدم الحکم بالإعادة کفایة الاضطراری عن الواقعی وإجزائه عنه، حیث إنّ المفروض أنّ المکلّف المضطرّ أیضاً کالمکلّف المختار أتى بوظیفته الخاصّة به، فلو کانت الإعادة واجبة علیه لحکم المولى بها قطعاً بعد فرض کونه فی مقام البیان.
کما لا إشکال فی أنّ مقتضى إطلاقها الأزمانی جواز البدار، فمقتضى إطلاق قوله تعالى: (فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَیَمَّمُوا صَعِیداً طَیِّباً) من حیث الزمان وکذلک إطلاق قوله(علیه السلام): «التیمّم أحد الطهورین»(2) أو قوله(صلى الله علیه وآله): «یکفیک الصعید عشر سنین»(3)، کون التیمّم کافیاً وطهوراً فی أیّ ساعة من ساعات الوقت، أوّله أو وسطه أو آخره، وهو معنى جواز البدار.
وعلى الثانی: أی ما إذا کان ظاهر لسان الدلیل البدلیّة ـ بمعنى أنّ المولى یقول: إنّ المأمور به فی باب الطهارة مثلا إنّما هو الوضوء ولکن یقبل التیمّم حین الاضطرار بدلا عن الوضوء ـ فالأصل فی المأمور به إنّما هو الوضوء وأمّا التیمّم فهو فرع له وبدل عنه، فحینئذ یلاحظ نطاق البدلیّة، وأنّ التیمّم مثلا هل هو بدل مطلقاً أو أنّ بدلیّته مقیّدة بعدم وجدان الماء فی تمام الوقت؟ فعلى الأوّل یکون الحکم هو الإجزاء، وعلى الثانی عدم الإجزاء، ولا یبعد کون ظاهره مطلقاً بالنسبة إلى أجزاء الوقت.
وإن شئت قلت: لابدّ حینئذ من ملاحظة لسان الدلیل وأنّه هل یستفاد منه البدلیّة فی تمام الملاک أو فی بعضه، والباقی هل هو مصلحة ملزمة یمکن تدارکها أو لا؟ فیؤخذ بمقتضى کلّ منها، ولو فرض عدم دلالة الدلیل على شیء من ذلک فالمرجع هو العمومات والإطلاقات ثمّ الاُصول العملیّة، والأصل العملی هنا الاشتغال.
هذا بالنسبة إلى مقتضى الأدلّة الخاصّة، وأمّا الإطلاقات والعمومات نظیر حدیث الرفع أعنی قوله(صلى الله علیه وآله): «رفع ما اضطّروا إلیه» فحیث إنّ العنوان المأخوذ فیها إنّما هو عنوان الاضطرار وهو یصدق فیما إذا استوعب الاضطرار تمام الوقت، وأمّا إذا فقد الماء مثلا فی جزء من الوقت فقط فلا یصدق عنوان الاضطرار إلى التراب، فلا یمکن التمسّک بها للإجزاء فی داخل الوقت أو جواز البدار.
الصورة الثانیة: ما إذا ارتفع الاضطرار فی خارج الوقت، فالحقّ أنّ ظاهر الأدلّة أیضاً هو الإجزاء إذا کان لسانها التقسیم على ما مرّ فی الصورة السابقة، وأمّا إذا کان لسانها البدلیّة فإمّا أن یکون له إطلاق یعنی هذا بدل عن ذاک إلى الأبد، فنأخذ به ونقول بالإجزاء، وأمّا إذا کان فی لسانه إهمال وإجمال فاللازم الرجوع إلى الاُصول العملیّة، والأصل العملی فیه هو البراءة، لأنّ القضاء یحتاج إلى أمر جدید وهو منفیّ بالأصل.
فظهر أنّ النتیجة هی الإجزاء مطلقاً سواء فی داخل الوقت أو خارجه فیما إذا کان ظاهر الأدلّة التقسیم، وعدم الإجزاء فی الجملة فیما إذا کان لسان الأدلّة البدلیّة، والمقامات مختلفة وتفصیله فی الفقه.


1. سورة النساء، الآیة 43 وسورة المائدة، الآیة 6.
2. وسائل الشیعة، ج 2، کتاب الطهارة، أبواب التیمّم، الباب 21، ح 1.
3. المصدر السابق، الباب 14، ح 12.


 

المقام الثالث: إجزاء الأوامر الظاهریّة الشرعیّةالمقام الأوّل: إجزاء المأمور به عن أمر نفسه
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma