المقام الثانی: فی الضدّ الخاصّ، والمراد منه أمر وجودی یزاحم الفعل
المأمور به.
المقام الأوّل : فی الضدّ العامّ
والأقوال فیه أربعة:
أحدها: الاقتضاء بنحو العینیة والمطابقة(2).
ثانیها: الاقتضاء بنحو التضمّن والجزئیّة(3).
ثالثها: الاقتضاء بنحو الدلالة الالتزامیّة إجمالا; أعمّ من أن یکون اللزوم لفظیّاً على نحو یکون النهی عن الضدّ من اللوازم البیّنة بالمعنى الأخصّ للأمر بالشیء، أو عقلیّاً على نحو یکون من اللوازم البیّنة بالمعنى الأعمّ(4).
رابعها: عدم الاقتضاء مطلقاً(5).
أمّا القول الأوّل: فلا إشکال فی فساده; لأنّ المفروض أنّ الصلاة مثلا وترکها اثنان، وأنّ الأمر دعوة إلى الشیء والنهی زجر عن الشیء، ولا معنى حینئذ للعینیّة.
هذا إثباتاً، وأمّا ثبوتاً فلأنّ ملاک الحرمة هو وجود مفسدة فی متعلّقها، کما أنّ ملاک الوجوب وجود مصلحة فی متعلّقه، فما لا مفسدة فیه لا حرمة له، وما لا مصلحة فیه لا وجوب له، ولا شکّ فی أنّه لیس کلّ ما کان ذا مصلحة فی فعله کان فی ترکه مفسدة، بل کثیراً ما یساوق ترکه فقدان المصلحة فقط، وهذا واضح جدّاً.
وأمّا القول الثانی: فإنّه متفرّع على قبول ترکّب الوجوب من طلب الفعل والمنع من الترک وهو ممنوع جدّاً، لأنّ الوجوب له معنى بسیط، وهو البعث الشدید نحو الفعل، فی مقابل الحرمة الّتی هی الزجر الشدید عن الفعل.
وأمّا القول الثالث: فهو أیضاً غیر تامّ لنفس ما مرّ فی الجواب عن القول الأوّل، لأنّ وجود الملازمة بین وجوب شیء وحرمة ضدّه العامّ یستلزم وجود الملازمة بین وجود المصلحة فی فعل ووجود المفسدة فی ترکه مطلقاً، فیکون فی ترک کلّ ذی مصلحة مفسدة، وهو ممنوع کما مرّ.
فظهر أنّ المتعیّن هو القول الرابع، وهو عدم الاقتضاء مطلقاً، نعم قد یعبّر بالاقتضاء مسامحة عن التلازم الاتفاقی بأن تکون المصلحة فی الفعل مقارنة للمفسدة فی الترک، کما هو کذلک فی مثل الصلاة والزکاة وبعض الواجبات الاُخر.