التنبیه الثالث: فی مرجّحات النهی على الأمر

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
طریق الوصول إلى مهمّات علم الاُصول ج2
دلیل العقل / الإستلزامات الحکمیّة / النهی عن العبادات والمعاملات التنبیه الثانی: فی آثار باب التزاحم

قد تقدّم أنّ المتّبع فی باب التزاحم إنّما هو الأهمّ من الملاکین، فبناءً على القول بالامتناع فی باب الاجتماع وفقد المندوحة حیث إنّ المقام یدخل فی باب التزاحم فلابدّ من ملاحظة المرجّحات وکشف الأهمّ من الحکمین بالرجوع إلى لسان الأدلّة وملاحظة مذاق الشارع المقدّس فی مجموع الأحکام، فإن کان الترجیح مع الأمر کان الواجب العمل به وإتیان المأمور به، وإن کان الترجیح مع النهی کان اللازم أیضاً العمل به وترک المنهیّ عنه، فمثلا یستفاد من أدلّة وجوب الصلاة «أنّ الصلاة لا تترک بحال»(1) ولازمه کونها أهمّ من الغصب، فیقدّم الأمر على النهی ویؤتى بالصلاة فی الدار المغصوبة بجمیع أجزائها إلاّ ما یکون له البدل کالرکوع والسجود فیؤتى بهما إیماءً.
هذا ممّا لا إشکال فیه، إنّما الإشکال فیما إذا لم یمکن کشف الأهمّ من لسان الأدلّة الخاصّة فهل هناک ضابطة عامّة تدلّ على ترجیح الأمر أو النهی أو لا؟
قد یقال: بترجیح جانب النهی إلاّ ما خرج بالدلیل، واستدلّ له بوجوه:
الوجه الأوّل: ما هو ناظر إلى عالم الإثبات، وهو أنّ أدلّة النهی على حرمة مورد الاجتماع شمولی ویکون بالعموم، ودلالة الأمر على وجوبه بدلی ویکون بالإطلاق، والعامّ الشمولی أقوى دلالة منه، لأنّ الأوّل یستفاد من اللفظ والعموم، والثانی یستفاد من الإطلاق ومقدّمات الحکمة، ولا إشکال فی تقدیم العموم على الإطلاق ووروده علیه لأنّ من مقدّمات الحکمة عدم البیان، وعموم العامّ بیان.
ویردّه: أنّ هذا الوجه لا یوجب ترجیحاً للنهی على الأمر، لأنّ المقصود من عدم البیان فی مقدّمات الحکمة لیس هو عدم البیان إلى الأبد حتّى یکون کلّ بیان وارداً ومقدّماً علیه، بل المقصود هو عدم البیان فی مقام التخاطب وفی زمان البیان، فإذا لم یرد بیان فی مقام البیان والتخاطب تمّت مقدّمات الحکمة وصار المطلق ظاهراً فی العموم البدلی، ولا فرق بینه وبین العامّ من حیث قوّة الدلالة وضعفها.
الوجه الثانی: ما هو ناظر إلى عالم الثبوت وهو أولویّة دفع المفسدة من جلب المنفعة، ولا إشکال فی أنّ ترک المنهیّ عنه دفع للمفسدة، والعمل بالمأمور به جلب للمنفعة.
وهذا الوجه أیضاً غیر تامّ صغرى وکبرى:
أمّا الصغرى فلأنّ الموارد مختلفة: فتارةً یکون وجود الواجب سبباً لجلب المنفعة کأکثر الواجبات، واُخرى یکون سبباً لترک المفسدة کوجوب النهی عن المنکر.
وأمّا الکبرى فلأنّها لا دلیل علیها شرعاً ولا عقلا ولا عقلائیّاً:
أمّا شرعاً فلأنّا نشاهد موارد کثیرة فی لسان الشرع قدّم جلب المنفعة فیها على دفع المفسدة، منها الجهاد فإنّه سبب لعزّ الإسلام مع ما فیه من الأضرار الکثیرة بالنسبة الى الأموال و النفوس.
وأمّا عقلا فلأنّ العقل ینظر إلى میزان الأهمّیة من دون فرق بین المصلحة والمفسدة، فإن رأى أنّ درجة أهمّیة المفسدة أکثر یقدّمها على المصلحة وإن رأى أنّ درجة أهمّیة المنفعة أکثر یقدّمها على المفسدة ولا خصوصیّة فی میزانه للمفسدة من حیث هی مفسدة.
وأمّا عقلائیاً فلأنّا نشاهدهم أنّهم تارةً یقدّمون المفسدة على المصلحة واُخرى بالعکس فیما إذا استهدفوا مصلحة عظیمة فإنّهم مثلا فی الصناعات والتجارات یصرفون ثروة عظیمة بعنوان رأس المال ویستقبلون المضارّ الکثیرة لمنافع هامّة محتملة.
فظهر أنّه لا دلیل على قاعدة عامّة بعنوان أولویة دفع المفسدة من جلب المنفعة.


1. وسائل الشیعة، ج 2، کتاب الطهارة، أبواب الاستحاضة، الباب 1، ح 5، و ج 3، ص 28، کتاب الصلاة، أبواب أعداد الفرائض، الباب 11.
دلیل العقل / الإستلزامات الحکمیّة / النهی عن العبادات والمعاملات التنبیه الثانی: فی آثار باب التزاحم
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma