الثانی: وجه عدم حجّیة الأصل المثبت

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
طریق الوصول إلى مهمّات علم الاُصول ج2
الثالث: فیما استثنی من الأصل المثبتالأوّل: المراد من الأصل المثبت

لابدّ أوّلاً من إشارة إجمالیّة إلى معنى الحجّیة هنا، فإنّ حجّیة الأصل مثل الاستصحاب معناها جعل الحکم المماثل; أی جعل حکم ظاهری مماثل لنفس المستصحب إذا کان المستصحب هو الحکم، أو جعل حکم ظاهری مماثل لحکم المستصحب إذا کان المستصحب هو الموضوع، ولا یخفى أنّ من فسّر الحجّیة بالجری العملی أو التطبیق فی مقام العمل أو الالتزام بالحکم السابق یعود کلامه إلى جعل الحکم المماثل أیضاً; لأنّه لا نعرف من وجوب الجری العملی أو تطبیق العمل على مؤدّى الأصل إلاّ جعل حکم ظاهری مماثل لمؤدّاه، وهکذا الالتزام بالحکم السابق، فإنّ المراد من الالتزام هنا هو الالتزام العملی.
وأما الحجّیة بمعنى جعل المنجّزیة والمعذّریة فلا یصحّ; لأنّ المنجّزیة والمعذّریة من حکم العقل، ولا تنالها ید الجعل، وهکذا الحجّیة بمعنى جعل صفة الیقین أو صفة المحرزیّة فإنّه غیر معقول أیضاً; لأنّ صفة الیقین من الاُمور التکوینیّة الّتی لا تتعلّق بها الجعل والإنشاء، ولا یمکن أن یصیر الشاکّ قاطعاً بالإنشاء، وهکذا صفة المحرزیة.
إذا عرفت هذا فلنعد إلى وجه عدم حجّیة الأصل المثبت، وقد ذکر له وجوه:
الأوّل: ما أفاده الشیخ الأعظم(رحمه الله) من أنّ تنزیل الشارع المشکوک منزلة المتیقّن کسائر التنزیلات إنّما یفید ترتیب الأحکام والآثار الشرعیّة المحمولة على المتیقّن السابق، فلا دلالة فیها على جعل غیرها من الآثار العقلیّة والعادیة، لعدم قابلیتها للجعل، ولا على جعل الآثار الشرعیّة المترتّبة على تلک الآثار، لأنّها لیست آثاراً لنفس المتیقّن، ولم یقع ذووها مورداً لتنزیل الشارع حتّى تترتّب هی علیه(1).
وحاصل کلامه(رحمه الله): أنّ الآثار مع الواسطة لا یجری فیها الاستصحاب لعدم وجود أرکانه فیها، لأنّ الیقین السابق کان فی خصوص حیاة زید مثلا، لا ما یشمل لوازمه العقلیّة والعادیة فی حال الشکّ.
الثانی: ما ذهب إلیه المحقّق الخراسانی من أنّ مفاد الأخبار لیس أکثر من التعبّد بالمستصحب وحده بلحاظ ما لنفسه من الآثار الشرعیّة، ولا دلالة لها بوجه على تنزیل المستصحب بلوازمه العقلیّة والعادیة حتّى تترتّب علیه آثارها أیضاً، فإنّ المتیقّن إنّما هو لحاظ آثار نفسه، وأمّا آثار لوازمه فلا دلالة هناک على لحاظها(2).
والظاهر أنّ نظره إلى أنّ إطلاق «لا تنقض» لا تشمل المقام لأنّ من شرائط الأخذ بالإطلاق عدم وجود القدر المتیقّن وهو مفقود فی ما نحن فیه، لوجود القدر المتیقّن وهو الآثار الشرعیّة من دون الواسطة.
ویردّه ما قرّر فی محلّه من منع ما تبنّاه فی مقدّمات الحکمة من لزوم عدم وجود القدر المتیقّن، فإنّ لازمه سقوط أغلب المطلقات عن الإطلاق; لأنّ القدر المتیقّن فیها موجود، ولا أقلّ من أنّ القدر المتیقّن هو مورد سؤال الراوی، مع أنّ سیرة الفقهاء ودیدنهم على أخذ الإطلاق فیها وأنّ المورد لیس بمخصّص.
الثالث: ما ذکره المحقّق الحائری(قدس سره) من عدم شمول إطلاقات الأخبار لما نحن فیه، لانصرافها إلى الآثار الشرعیّة بلا واسطة; لأنّ الإبقاء العملی للشیء ینصرف إلى إتیان ما یقتضیه ذلک الشیء بلا واسطة(3).
وما أفاده هو الصحیح، فإنّ الإطلاقات منصرفة إلى الآثار الشرعیّة بلا واسطة، وإلیک بأمثلة یکون الوجدان أقوى شاهد على انصراف الأدلّة عنها:
منها: ما إذا کان فی الحوض کرّ من الماء، ثمّ وجدناه فارغاً من الماء وقد سقط فیه ثوب فی البارحة وکان نجساً وکان ینغسل لو کان الماء باقیاً، فإنّه لا إشکال فی أنّ استصحاب بقاء الماء حین سقوط الثوب لا یثبت الانغسال الذی یکون من الآثار العقلیّة لبقاء الماء، حتّى یترتّب علیه أثره الشرعی وهو الطهارة.
ومنها: ما إذا کان زید جالساً فی حجرته وشککنا فی خروجه منها وعدمه، فإذا فرض أنّ رجلاً أحرق الحجرة فلا یثبت احتراق زید باستصحاب بقائه إلى حین الاحتراق حتّى یترتّب علیه أثر القصاص.
ومنها: ما إذا کان إناء مملوّاً من اللبن وشکّ فی انتقاله منه إلى إناء آخر، ثمّ علمنا بأنّه کسره إنسان فی ظلمة اللیل بحیث لو کان اللبن باقیاً فقد أتلفه، فلا یثبت إتلاف اللبن باستصحاب بقاء اللبن فی الإناء حین الانکسار حتّى یترتّب علیه أثره الشرعی وهو الضمان.


1. فرائد الاُصول، ج 3، ص 234.
2. کفایة الاُصول، ص 415.
3. درر الفوائد، ج 2، ص 554.
الثالث: فیما استثنی من الأصل المثبتالأوّل: المراد من الأصل المثبت
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma