16. تعارض الاستصحابین

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
طریق الوصول إلى مهمّات علم الاُصول ج2
17. نسبة الاستصحاب مع القواعد الجاریة فی الشبهات الموضوعیّة15. النسبة بین الاستصحاب وسائر الاُصول العملیّة



وقد قسّمه المحقّق الخراسانی(رحمه الله) إلى قسمین:
فإنّهما تارةً یکونان من قبیل المتزاحمین; أی تکون لکلّ منهما مصلحة واقعیّة ولکن المکلّف لا یقدر على إتیانهما معاً، کما فی غریقین یمکن لنا نجاة أحدهما فقط، فمقتضى استصحاب حیاتهما وجوب إنقاذ کلیهما ولکن المکلّف لا یقدر إلاّ على إنقاذ واحد منهما.
واُخرى یکونان من قبیل المتعارضین کما إذا علمنا بطهارة أحد الإناءین اللذین کانا نجسین سابقاً فیجری استصحاب نجاسة کلّ واحد منهما مع العلم بمخالفة أحدهما للواقع(1).
أمّا القسم الأوّل: فقد ذهب صاحب الکفایة(رحمه الله) إلى أنّ حکمه التخییر إلاّ أن یکون أحدهما أهمّ من الآخر فیقدّم، کما إذا دار الأمر بین إنقاذ مسلم وذمّی.
لکن الصحیح أنّه على أقسام أربعة:
أحدها: أن تکون النسبة بینهما التساوی ولا ترجیح لأحدهما على الآخر لا من ناحیة المحتمل ولا من ناحیة الاحتمال، فالحکم حینئذ التخییر بلا إشکال.
ثانیها: أن یکون أحدهما أقوى احتمالا من الآخر مع تساویهما فی جانب المحتمل، کما إذا کانت درجة احتمال نجاة أحدهما ثمانین فی المائة ودرجة احتمال نجاة الآخر عشرین فی المائة مع عدم ترجیح بینهما فیقدّم الأوّل على الثانی طبقاً لقاعدة الأهمّ والمهمّ.
ثالثها: أن یکون أحدهما أهمّ فی جانب المحتمل مع تساویهما فی جانب الاحتمال، فیقدّم الأهمّ أیضاً على المهمّ.
رابعها: أن یکون أحدهما أکثر احتمالا والآخر أهمّ محتملا، فلابدّ حینئذ من الکسر والانکسار وتشخیص ما یکون أهمّ فی المجموع وتقدیمه على الآخر.
وأمّا القسم الثانی: وهو المتعارضان، فهو بنفسه على قسمین:
فتارةً یکون الاستصحابان طولیین بأن کان الشکّ فی أحدهما مسبّباً عن الشکّ فی الآخر على نحو لو ارتفع الشکّ فی السبب ارتفع الشکّ فی المسبّب، أی یکونان من قبیل أصلی السببی والمسبّبی، کما إذا شککنا فی بقاء نجاسة الثوب المغسول بماء شکّ فی بقاء طهارته، فإنّ استصحاب طهارة الماء مقدّم على استصحاب نجاسة الثوب.
واُخرى یکونان عرضیین کاستصحاب طهارة الإناءین مع العلم الإجمالی بنجاسة أحدهما بملاقاته للنجس.
ما هو الوجه فی تقدیم الأصل السببی على المسبّبی ولابدّ من التکلّم أوّلا فی معیار کون أحد الأصلین سببیاً والآخر مسبّبیاً، وثانیاً فی وجه تقدیم الأصل السببی على المسبّبی.
أمّا الأوّل: فالمناط فیه أن یکون أحدهما من الآثار الشرعیّة للآخر ففی المثال المزبور تکون طهارة الثوب المغسول من الآثار الشرعیّة لطهارة الماء بخلاف العکس، فلیست نجاسة الماء من الآثار الشرعیّة لنجاسة الثوب المغسول بل إنّها من لوازمها العقلیّة.
وأمّا الثانی: فاستدلّ المحقّق الخراسانی(رحمه الله)لتقدیم السببی على المسبّبی بعین ما استدلّ به لتقدیم الأمارة على الاستصحاب من الورود.
فقال: إنّ رفع الید عن الیقین السابق بنجاسة الثوب فی المثال المذکور مع استصحاب طهارة الماء المغسول به لیس من نقض الیقین بالشکّ بل بالیقین، وقال فی مقام الجواب عن إشکال عدم وجود مرجّح لتقدیم جانب السببی على المسبّبی: إنّ الأخذ بجانب السببی ممّا لا یلزم منه شیء سوى نقض الیقین بالیقین وهو لیس بمحذور بخلاف الأخذ بجانب المسبّبی فیلزم منه إمّا التخصیص بلا مخصّص أو التخصیص على وجه دائر(2).
ویمکن أن یقال بالحکومة هنا أیضاً من باب أنّ طهارة الثوب من اللوازم الشرعیّة لطهارة الماء، بخلاف العکس; لأنّ نجاسة الماء لیس من اللوازم الشرعیّة لنجاسة الثوب بل إنّها من لوازمها العقلیّة.
إن قلت: إنّ الحکومة تتوقّف على تعدّد الدلیل لیکون أحد الدلیلین ناظراً إلى الآخر ومفسّراً لمدلوله، فلا یعقل أن یکون دلیل واحد بالنسبة إلى تطبیقه على فرد منه ناظراً إلى نفسه بالنسبة إلى تطبیقه على فرد آخر کما فی ما نحن فیه.
قلت: إنّ الحکومة، هی أن یکون أحد الدلیلین ناظراً إلى الآخر ومفسّراً له إمّا بمدلوله المطابقی أو التضمّنی أو الالتزامی، ولا إشکال فی أنّ هذا المعنى قد یحصل فی دلیل واحد إذ انحلّ إلى أحکام متعدّدة، فإذا کان الماء المشکوک طهارته داخلا فی عموم «لا تنقض» کان معناه ترتیب آثار الماء الطاهر علیه، فإذا سئل من آثاره یمکن أن یقال: إنّ من آثاره رفع النجاسة عن الثوب المغسول به، وهذا معنى النظر التزاماً.
والحاصل: أنّه لا یعتبر فی حکومة دلیل على دلیل آخر أن یکون الدلیل الحاکم ناظراً إلى الدلیل المحکوم بمدلوله المطابقی، بل یکفی فیها أن یکون ناظراً بمدلوله الالتزامی.
ولا إشکال فی أنّ هذا المقدار من النظر لازم انحلال دلیل واحد إلى أحکام متعدّدة، حیث إنّ المقصود من النظر أن یکون أحدهما رافعاً لموضوع الآخر تعبّداً، وهذا حاصل بعد حصول الانحلال فی محلّ الکلام.
تعارض الاستصحابین إذا کان أحدهما فی عرض الآخر
وهذا مثل استصحاب طهارة کلّ واحد من الإناءین مع العلم الإجمالی بنجاسة أحدهما، وذهب الشیخ الأعظم(رحمه الله) إلى عدم شمول أدلّة الاستصحاب لهما مطلقاً(3)، واختار المحقّق الخراسانی(رحمه الله) شمولها لهما مع سقوطهما بالتعارض، فإنّ المقتضی تامّ ولکنّ المانع وهو المخالفة العملیّة القطعیّة یمنع عن جریانهما(4).
واستدلّ الشیخ الأعظم(رحمه الله) بأنّ جریان الاستصحاب فی ما نحن فیه یلزم منه التناقض فی دلیل الاستصحاب بین صدره وذیله، لأنّ صدره یقول: «لا تنقض الیقین بالشکّ» وهذا یشمل کلا الطرفین، بینما الذیل یقول: «انقضه بیقین آخر» وهو شامل لأحدهما إجمالا، لأنّ نجاسة أحدهما معلوم ومتیقّن.
کما یلزم هذا فی أدلّة بعض الاُصول الاُخر کقاعدة الحلّیة، فإنّ الصدر فیها یقول: «کلّ شیء لک حلال» فهو شامل لکلا الطرفین من العلم الإجمالی، والذیل یقول: «حتّى تعلم أنّه حرام» وهو أیضاً شامل لأحدهما المعلوم بالإجمال، وهذا یمنع عن شمول الدلیل لمحلّ البحث.
واُجیب عنه بأنّ الظاهر کون المراد من الیقین فی قوله(علیه السلام): «ولکن تنقضه بیقین آخر» هو خصوص الیقین التفصیلی لا الأعمّ منه ومن الإجمالی، إذ المراد نقضه بیقین آخر متعلّق بما تعلّق به الیقین الأوّل، وإلاّ لا یکون ناقضاً له، فحاصل المراد هکذا: کنت على یقین من طهارة ثوبک فلا تنقضه بالشکّ فی نجاسة الثوب بل انقضه بالیقین بنجاسته، فلا یشمل الیقین الإجمالی لعدم تعلّقه بما تعلّق به الیقین الأوّل، بل تعلّق بعنوان أحدهما(5).
وبعبارة اُخرى: إنّ الذیل لا یراد منه إلاّ نفس ما اُرید من الصدر، فهو توضیح وتفسیر للصدر، حیث إنّه یفهم من صدره لزوم النقض بالیقین التفصیلی بقرینة المقابلة.
وإن شئت قلت: کما أنّ الشکّ هنا فی کلّ واحد من الطرفین تفصیلی فالعلم المقابل له أیضاً لابدّ أن یکون تفصیلیاً فالعلم الإجمالی خارج عن نطاقه.
والحاصل: أنّه لا یلزم من شمول أدلّة الاستصحاب لأطراف العلم الإجمالی تناقض الصدر والذیل، فالمانع من جریان الاُصول فی أطرافه هو لزوم المخالفة القطعیّة لا غیر.


1. کفایة الاُصول، ص 430 و 431.
2. کفایة الاُصول، ص 431.
3. فرائد الاُصول، ج 3، ص 410.
4. کفایة الاُصول، ص 432.
5. مصباح الاُصول، ج 3، ص 259.
17. نسبة الاستصحاب مع القواعد الجاریة فی الشبهات الموضوعیّة15. النسبة بین الاستصحاب وسائر الاُصول العملیّة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma