وبعد وصف الله تعالى للقرآن فإنّ أفضل شخص یمکنه رسم ملامح القرآن الکریم بشکل دقیق هو شخص النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله)، وخاصّة إذا کان المخاطب له یتمتع باستیعاب جید للمعارف الإلهیّة، من هنا نرى أنّ النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله) یخاطب معاذ ویقول:
«یـا مَعـاذُ! إِنْ أَرَدْتَ عَیْشَ السُّعَداءِ وَمَیْتَةَ الشُّهَداءِ وَالنَّجاةَ یَوْمَ الْحَشْرِ وَالاَْمْنَ یَوْمَ الْخَوْفِ وَالنُّورَ یَوْمَ الظُّلُماتِ(1) وَالظِّلَّ یَوْمَ الْحَرُورِ وَالرِّىَّ یَوْمَ الْعَطَشِ وَالْوَزْنَ یَوْمَ الْخِفَّةِ وَالْهُدى یَوْمَ الضَّلالَةِ فَادْرُسِ الْقُرْآنَ».
أی من أجل أن تحصل على جمیع هذه الامتیازات والمواهب فعلیک أن تقرأ القرآن من موقع العمق الفکری والإیمانی، واللافت أنّ النبی(صلى الله علیه وآله) لم یقل: إنّک من أجل تحصیل هذه المقاصد المذکورة علیک بتلاوة القرآن، بل أمره بدراسة القرآن وضرورة البحث فی مطاویه بدقّة واستلهام مضامینه والإیمان بها والتحرک لتطبیقها على مستوى العمل والممارسة.
ثم أضاف: «فَإِنَّهُ ذِکْرُ الرَّحْمنِ، وَحِرْزٌ مِنَ الشَّیْطانِ، وَرُجْحانٌ فِی الْمیزانِ»(2).
بمعنى أنّ هذه الامتیازات المهمّة المترتبة على دراسة القرآن (والتی یحصل علیها الإنسان من خلال العمل بالقرآن) تعود إلى أنّ القرآن کلام الله تعالى وأنّه یحفظ الإنسان من فخاخ الشیطان ویصده عن الانزلاق فی مهاوی الخطیئة ومتاهات الضلالة ویؤدی إلى رجحان کفة عمله یوم القیامة.