المقسم له

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
الأقسام القرآنیة
مضمون الأقسام الخمسة والمقسم له تفاسیر أخرى للفجر


بعد أن تبینّ المقصود من الأقسام المذکورة وأهمیّتها الکبیرة، نأتی إلى هذا السؤال الذی یفرض نفسه فی الموضوع وهو: ما هو الهدف أو الغایة من هذه الأقسام؟ ولماذا أقسم الله تعالى بهذه الوقائع المهمّة؟ وما هو الشیء الذی من أجله أقسم الله تعالى بهذه الأمور المهمّة؟
فی الوهلة الاُولى یبدو أنّ المقسم له لم یذکر فی هذه السورة، ولکنّ الأمر لیس کذلک لأنّه: أولاً: أنّ القرآن الکریم یقول بعد هذه الأقسام الخمسة مباشرة:
(هَلْ فِی ذَلِکَ قَسَمٌ لِّذِى حِجْر).
بمعنى أنّ هذه الأقسام تعتبر بالنسبة للعقلاء، أقساماً مهمّة، والإنسان العاقل لا یقسم قسماً مهمّاً بدون سبب وغرض، فکیف الحال بالله تعالى خالق العقل والفهم؟ فعلى هذا الأساس لا شک فی أنّ الله تعالى أقسم بهذه الأقسام لغرض مهم.
وثانیاً: ذهب جماعة من المفسّرین أنّ جواب القسم ورد فی الآیة 14 من هذه السورة، وذلک فی قوله تعالى:
(إِنَّ رَبَّکَ لَبِالْمِرْصَادِ).
وهذا یعنی: قسماً بطلوع الفجر من یوم عید الأضحى، قسماً بطلوع الصبح من جمیع أیّام السنة، قسماً ببعثة النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله)، قسماً بظهور الإمام المهدی(علیه السلام)، قسماً باللیالی العشرة الاُولى من ذی الحجّة، قسماً باللیالی العشرة الاُولى من شهر محرم، قسماً بالعشرة الأخیرة من شهر رمضان المبارک، قسماً بنظام الأعداد الذی یحکی عن وجود حسابات دقیقة فی أمر الکون، قسماً بالله الواحد وجمیع مخلوقاته، قسماً بهذه الأمور المهمّة جدّاً أنّ الله تعالى یقعد بالمرصاد للظالم وقوى الشر والجور والظلام.
والملفت للنظر أنّ کلمة «مرصاد» وردت فی موردین فقط من القرآن الکریم، أحدهما فی هذه الآیة مورد البحث وتعکس حقیقة هذا الموضوع، وهو أنّ الله تعالى یترصد حرکات الظالمین ویمکر بهم، والمورد الثانی فی سورة النبأ، حیث تتحدث السورة عن یوم القیامة، والنتیجه أنّ الله تعالى بالمرصاد للظالمین فی الدنیا والآخرة، وقد أشارت بعض الروایات الشریفة أیضاً إلى هذه المقولة:
فقود ورد فی الروایة: «...إذا وَقَفَ الخَلائِقُ وَجَمِیعُ الأولِینَ والآخرینَ، اُتی بِجهَنّم، ثُمّ یُضعُ عَلیها صراط أَدقّ مِنَ الشّعرِ وأحَدُّ من السّیفِ عَلیهِ ثَلاث قَناطِر... وَکانَ المنتهى إلى رَبّ العالِمینَ جلّ ذکره وَهو قول الله تبارک وتعالى: (إِنَّ رَبَّکَ لَبِالْمِرْصَادِ)»(1).
والمقصود من هذا الحدیث الشریف أنّ الظالمین وقوى الشر والجور إذا لم یتعرضوا للعذاب الإلهی فی هذه الدنیا ولم تمسهم العقوبة الإلهیّة فی حیاتهم الدنیویة فلا یتصوروا أنّهم بمنأى من العذاب وأنّهم بعیدون عن قدرة الله تعالى وهیمنته المطلقة، کلاّ، فإنّ الله تعالى بالمرصاد لهم فی یوم القیامة.
إنّ الله تعالى یضیق الخناق أحیاناً على الإنسان فی هذه الدنیا بحیث إنّه لا یجد فرصة لشربة ماء، ولکنّه أحیاناً یمنحه فرصة ویتیح له المجال فی هذه الحیاة، وهذه الفرصة تارة تکون للتوبة والأخرى للغرق أکثر فأکثر فی مستنقع الذنوب، والمعاصی، لا أنّ الله تعالى (نعوذ بالله) عاجز عن مؤاخذة الظالم وعقابه.
یحکى أنّ رجلاً من الأثریاء صعد إلى سیارته الفارهة وتحرکت السیارة فی طریقها، فسأله السائق: أین نذهب؟ فقال: إلى المت... فتعجب السائق من هذه الکلمة الغامضة، فاستدار لیسأل رئیسه عن معنى هذه الکلمة، فانتبه ورأى بکثیر من العجب أنّ صاحبه قد رحل من هذه الدنیا وفارق الحیاة، بسکتة قلبیة، ولم یمهله الله تعالى لیکمل هذه الکلمة «المتجر»، أجل إنّ الله تعالى للظالم لبالمرصاد فی الدنیا والآخرة.
وجاء فی حدیث آخر عن الإمام الصادق(علیه السلام):
«الْمِرْصادُ قَنْطَرَةٌ عَلَى الصِّراطِ لا یَجُوزُها عَبْدٌ بِمَظْلَمَةِ عَبْد»(2).
إنّ حقّ الناس فی غایة الأهمیّة ولایمکن المرور علیه من موقع اللامبالاة والإهمال.
 


(1) . نورالثقلین، ج 5، ص 572، ح 9 .
(2) . نورالثقلین، ج 5، ص 573، ح 13 .
مضمون الأقسام الخمسة والمقسم له تفاسیر أخرى للفجر
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma