کان ابن کوّاء من المنافقین المتمردین والمعاندین وقد وضع نفسه فی زمرة أنصار الإمام علی(علیه السلام)وأتباعه وکان یتحرک فی مواجهته للإمام(علیه السلام) من موقع العداوة والخصومة، وکان الإمام أمیرالمؤمنین علی(علیه السلام)یوماً على المنبر یخطب فی الناس، فقال له ابن کوّاء: ما معنى الآیات الاُولى من سورة الذاریات؟ وما المقصود من هذه الأقسام؟
فقال له الإمام علی(علیه السلام): هی الریاح.
فقال: (فالحاملات وقراً) فأجاب (علیه السلام): هی السحاب.
فقال: (فالجاریات یسراً) فقال (علیه السلام): هی السُفن.
فقال: (فالمقسمات أمراً) فقال: الملائکة.
إذن «الریاح» التی تتحرک من هنا إلى هناک وتدفع السحب باتجاه المناطق الجافة، أو تنقل حبوب اللقاح وبذور النباتات المختلفة إلى مناطق مختلفة لتنمو هناک.
وأمّا «الحاملات» فهی السحب، والتی تحمل آلاف الأطنان من الماء مع الالتفات إلى أنّ الله تعالى قادر على حمل بحار من الماء فوقنا بصورة سحب معلقة بین السماء والأرض تتولى سقی الأراضی الجافة من خلال الأنهار والجداول والآبار والعیون التی تسقی الأشجار والنباتات حتى لا تتأذى الأحیاء.
و«الجاریات» السفن التی تجری فی البحار، جمع «جاریة» وتجمع أیضاً «جوار» کما تقول الآیة الشریفة (وَلَهُ الْجَوَارِ الْمُنْشَـَاتُ فِی الْبَحْرِ کَالاَْعْلاَمِ)(1).
و«المقسّمات» الملائکة التی تقسم الأعمال فیما بینها وفق نظام دقیق ومدروس لتدبیر أمور العالم بأحسن وجه»(2).
النتیجة، طبقاً لتفسیر الإمام علی(علیه السلام)، أنّ الله تعالى أقسم بالسحاب والریاح والفلک والملائکة فی هذه السورة، والأمر الذی تشترک فیه هذه الأمور التی وقعت مورد القسم أنّها تقدّم خدمة کبیرة للمجتمع البشری.