القسم الأول والثانی: قسم باللیل والنهار

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
الأقسام القرآنیة
القسم الثالث: القسم بالذکر والانثى 5. أقسام سورة اللیل


سؤال: إنّ الله تعالى أقسم فی هذه الآیات مرّة أخرى باللیل والنهار، ألا یخل هذا التکرار بفصاحة القرآن وبلاغته، ولماذا للمرّة الثالثة یقسم الله تعالى باللیل والنهار، فهل تختلف هذه الأقسام فیما بینها ویعدّ کل واحد منها قسماً جدیداً؟
الجواب: إذا دققنا النظر فی الآیات محل البحث فسوف نرى أنّ هذه الأقسام غیر مکررة، ولیس فقط لا تتنافى مع فصاحة القرآن وبلاغته بل هی شاهد آخر على فصاحته وبلاغته، لأنّه بالرغم من أنّ هذه الموارد الثلاثة للقسم باللیل والنهار متشابهة فی الظاهر ولکنّ القسم بکل مورد منها فی الحقیقة قسم بجزء من اللیل والنهار، وذلک کما یلی:
فی مورد یقول القرآن: (وَاللَّیْلِ إِذْ أَدْبَرَ) فهنا لم یقسم بکل اللیل بل بالنصف الثانی منه.
وفی مورد آخر یقول: (وَاللَّیْلِ إِذَا عَسْعَسَ) وهنا نرى أنّ القسم وقع بوقت خاص من اللیل لا کلّ اللیل، وذلک فی الوقت الذی یقترب من آذان الصبح وقبل طلوع الفجر الصادق حیث تستعد أجواء السماء لاستقبال ضیاء الفجر.
وفی الآیات مورد البحث من سورة اللیل نقرأ:(وَاللَّیْلِ إِذَا یَغْشَى) أی قسم باللیل عندما یغطی الضیاء، فهنا القسم بوقت خاص من اللیل، أی أول اللیل، ومن هنا فإنّ الله تعالى أقسم بثلاثة أوقات خاصّة من اللیل ولم یقع التکرار فی هذه الأقسام.
وأمّا الآیات المتعلقة بالنهار، ففی مورد یقول:(وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ) وهو إشارة إلى بدایة الصبح.
وفی مورد آخر یقول: (وَالصُّبْحِ إِذَا أَسْفَرَ) وهنا نرى أنّ القسم بوقت طلوع الشمس.
وفی الآیة الثالثة یقول: (وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى) أی ما یقترب من الظهر وارتفاع الشمس، إذن فهذه الموارد الثلاثة من الأقسام تختلف فیما بینها. بل تحکی عن حالات مختلفة من النهار، ففی الأولى تتحدّث الآیة عن بدایة طلوع الفجر الصادق، وفی الثانیة بدایة طلوع الشمس، وفی الثالثة عند ارتفاع الشمس فی قلب السماء، وهذا یعکس غایة الفصاحة والبلاغة فی القرآن الکریم ویرید الله تعالى إفهامنا أنّ النهار بمجموعه لا یعتبر آیة واحدة، واللیل بمجموعه لیس آیة وحدة بل إنّ الحالات المختلفة للیل والنهار کل واحدة منها تعتبر آیة مستقلة من الآیات الإلهیّة، کما أنّ هذه الحقیقة فی مورد الإنسان وردت فی الآیتین 20 و 21 من سورة الذاریات:
(وَفِى الاَْرْضِ آیَاتٌ لِّلْمُوقِنِینَ * وَفِى أَنفُسِکُمْ أَفَلاَ تُبْصِرُونَ).
أی أنّ وجود کل إنسان لا یعتبر آیة وعلامة على عظمة الله فحسب، بل إنّ وجود کل إنسان یتضمن آیات وعلائم متعددة، وإحدى الآیات العجیبة فی وجود البشر هی أنّ الإنسان یتناول نوعاً واحداً من الغذاء، ولکنّ هذا الغذاء عندما یصل إلى عظام الإنسان یتحوّل إلى عظم، وعندما یصل إلى الدم یتحوّل إلى دم، وعندما یصل إلى عین الإنسان یتحوّل إلى دمع، والخلاصة فإنّ هذا الغذاء عندما یصل إلى کل عضو من أعضاء الإنسان یتبدل إلى ما یجانس ذلک العضو.
وهکذ الحال فی الطبیعة من الماء والهواء والأرض، فالنباتات والأشجار التی تستقی من ماء واحد وتتنفس هواءً واحداً وتنمو على أرض واحدة، تنتج محاصیل متنوعة وثماراً مختلفة، وکل واحد منها آیة مستقلة من آیات الله تعالى، فبدایة اللیل ووسطه ونهایته، وکذلک بدایة الیوم، وطلوع الشمس، وعند الظهر، کل واحدة منها لها خصوصیات معینة وقد أقسم الله تعالى بکل لحظة من هذه اللحظات، إنّ اللیل یوفّر للبشر بل والحیوانات وحتى الأشجار والکائنات الحیّة، أجواء ملائمة وهادئة للراحة، ولإزالة التعب(1)، فاللیل نعمة کبیرة یستحق أن یقسم الله به.
النتیجة، إنّ القسم الأول من آیات سورة اللیل، تبدأ بالقسم بمطلع اللیل حیث یحلّ الظلام فی أجواء العالم، والقسم الثانی قسم بمنتصف النهار حیث یسطع ضوء الشمس ویُضیء جمیع الأجواء.
 


(1) . یعتقد العلماء بأنّ النحل وحده الذی لا ینام ولا یستریح ویعمل بنشاط فی اللیل والنهار، کأنّ نشاطات النحل وأعماله إلى حدّ لا یجد مجالاً للراحة والهدوء!

 

القسم الثالث: القسم بالذکر والانثى 5. أقسام سورة اللیل
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma