الغایة من الإتهام بالجنون

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
الأقسام القرآنیة
الغایة من الإتهام بالسحر المقسم له الأوّل: اتهامات خاویة


إن العاقل فی منظار أتباع أهل الدنیا هو الشخص الذی یأکل الخبز بسعر یومه (کما یقول المثل) ویسبح مع التیار ولا یسیر بخلاف حرکة الریاح، ومن أجل التخلص من المشاکل والمآزق والأخطار فإنّه یندمج مع الجماعة ویتحرک معهم ویتلون بلونهم، وبما أنّ النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله) کان یتحرک فی مسیر مخالف لسائر الناس فی مکّة وعلى الضد من عقائدهم وأفکارهم وسلوکیاتهم، وکان یعبد الله الواحد ولا یعبد الأصنام، وقد سلک مسلکاً مخالفاً لمسلک المجتمع العربی الجاهلی، فلذلک اتهموه بالجنون.
وقد مرض أبوطالب وجاء المشرکون وزعماء مکّة لعیادته، وفی الحقیقة کانوا یریدون أن یتفاوضوا مع النبی محمد(صلى الله علیه وآله) عند أبی طالب، وبعد عیادته طلبوا منه أن یبعث وراء ابن أخیه محمد لیتباحثوا معه فی مسألة ادعائه النبوة وما سبّبته هذه الدعوة من مشاکل ومصاعب للمشرکین ولقریش، فجاء النبی محمّد(صلى الله علیه وآله) إلیهم تلبیة لدعوة عمّه الکریم وحضر تلک الجلسة، فقال له زعماء قریش: ماذا تقصد من دعوتک هذه وما هو هدفک من طرح هذا الدین الجدید؟ إذا کنت ترید مقاماً وجاهاً، فسوف نعطیک مقاماً عالیاً وجاهاً عزیزاً، بشرط أن تتخلى وتترک ما أنت علیه ولا تتعرض لأصنامنا ولا تسفه عبادتنا لها، وإذا أردت المال فسوف نعطیک مالاً کثیراً، بشرط أن تترک دعوة الناس إلى دینک الجدید، وإذا کنت ترید زوجة جمیلة فسوف نختار لک أفضل وأجمل نساء العرب، وهکذا نرى أنّ المقام والثروة تعدّ أهم عناصر الحیاة لدى أتباع الدنیا، بحیث إنّهم لا یمتنعون من ارتکاب أیة جریمة فی هذا السبیل، والشخص الذی یرفض هذه الأمور ولا یهتم لهذه الامتیازات، فهو فی نظرهم إنسان مجنون لا عقل له.
فقال لهم رسول الله(صلى الله علیه وآله):
«وَلـکِنْ یُعْطُونی کَلِمَةً یَمْلِکُونَ بِهَا الْعَرَبَ وَیُدینُ لَهُمْ بِهَا الْعَجَمُ».
فقال أحد المشرکین، والظاهر أنّه أبوسفیان: «نعم، و عشر کلمات»، أی نحن مستعدون لنعطیک عشر کلمات بدلاً من کلمة واحدة.
فقال رسول الله(صلى الله علیه وآله): «تَشْهَدُونَ أن لا إِلـهَ إِلاَّ اللهُ وَأَنّی رَسُولُ اللهِ».
فنظر المشرکون بعضهم إلى بعض وقالوا: إنّ خصامنا ونزاعنا على هذه الکلمة، فنحن لسنا بتارکی آلهتنا، وأنت ترید منّا ترک 360 صنماً ونعبد إلهاً واحداً غیر مرئی!(1).
أجل! إنّ المشرکین وعبّاد الأوثان یعتبرون الأشخاص الذین لا یعتقدون بأفکارهم ولا یسیرون فی خط الباطل مثلهم، ولا یأکلون الخبز بسعر الیوم أنّهم مجانین، فی حین أنّ التاریخ یقرر بوضوح هذه الحقیقة الحاسمة، وهی أنّ نبی الإسلام(صلى الله علیه وآله) لم یستسلم لإغراءاتهم الدنیویة ولم یرضخ للإمتیازات المادیة، ولم یهتز للوعود البراقة، بل أعرض عن کل هذه الأمور فی سبیل نیل رضا الله تعالى والتقرب إلیه.
 


(1) . بحار الأنوار، ج 18، ص 182 .

 

الغایة من الإتهام بالسحر المقسم له الأوّل: اتهامات خاویة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma