عالم النجوم العجیب!

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
الأقسام القرآنیة
کتاب الأعمال فی الآیات القرآنیة الغایة من القسم بالسماء والنجوم اللامعة


والنجوم بدورها لها عالم خاصّ، ولنا نحن البشر عالمنا الخاصّ أیضاً.
فمن جهتنا نحن البشر فإنّ النجوم تعتبر زینة السماوات، وأداة لهدایة أهل الأرض فی الظلمات والدروب وفی المفاوز والصحارى والمتاهات فی الأسفار اللیلیة، ففی الماضی لم یکن البشر قد اخترع البوصلة، ولم تکن فی الطرق البریة والبحریة أیة علامة یهتدی بها الإنسان للوصول إلى مقصوده، فلم تکن هناک وسیلة سوى النجوم لهدایة هذا الإنسان الحائر، ویقرر القرآن الکریم هذه الحقیقة ویقول:
(وَهُوَ الَّذِی جَعَلَ لَکُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِی ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الاْیَاتِ لِقَوْم یَعْلَمُونَ)(1).
وما ورد فی بعض الروایات من تشبیه الأئمّة المعصومین(علیهم السلام) بنجوم السماء(2) فإنّه من هذه الجهة أیضاً، لأنّ هذه النجوم الأرضیة تهدی أفراد البشر المتحیرین والضالین إلى خطّ الهدایة والولایة والإیمان، وبإیجاز أنّ عالم النجوم فی نظر الإنسان عالم عجیب وزاخر بالأسرار.
إنّ النجوم لها عالم عجیب لنفسها أیضاً، لأنّ الکثیر منها آهلة بالسکان، وربّما یکون أهل هذه النجوم أذکى وأدهى من سکان الأرض، لأنّ الأمواج التی تستلمها المراصد الفلکیة من سائر الکرات السماویة تشیر إلى وجود رقی مذهل هناک، لأنّهم یستطیعون الاتصال بنا، ولکنّنا عاجزون عن الاتصال بهم، ورغم أنّنا نختلف معهم فی اللغة ولا ندرک عنهم شیئاً، ولکنّنا نعلم بهذه الحقیقة، وهی أنّ هؤلاء موجودات وکائنات تملک قابلیات وملکات أقوى وأکفأ منّا.
یعتقد بعض العلماء: «أنّ ملایین النجوم فی الکون توجد فیها حیاة وسکان» لأنّ الظروف التی تشجع الحیاة والنمو لا تنحصر بکرتنا الأرضیة، بل تتوفر مثل هذه الظروف فی ملایین الکرات السماویة، ومن هنا فلا یبعد وجود ساکنین فی النقاط الاُخرى من الکون، وهذه النظریة التی طرحها علماء عصرنا قد توصلوا إلیها بما لدیهم من أجهزة حدیثة ومتطورة، فی حین أنّ الإمام علی (علیه السلام) وقبل 1400 عام یقول فی هذا الصدد:
«هـذِهِ النُّجُومُ الَّتِی فِی السَّماءِ مَدائِنَ مِثْلُ الْمَدائِنِ الَّتی فِی الاْرْضِ مَرْبُوطَةٌ کُلُّ مَدینَة اِلى عَمُود مِنْ نُور»(3).
والسؤال هو: هل أنّ المقصود بـ «عمود النور» الأمواج الرادیوئیة وأمثالها، أم أنّها ترتبط فیما بینها بشکل آخر؟
هل أنّ لأهالی هذه النجوم أنبیاء خاصین، أو أنّ نبیّ الإسلام (صلى الله علیه وآله) هو نبیّهم أیضاً، وقد أرسل إلیهم من یعلّمهم ویهدیهم إلى الإسلام؟
هذه الأسئلة وعلامات الاستفهام ربّما یثیرها البعض بالنسبة لأهالی تلک النجوم السماویة، ولکنّ ما هو المسلّم والبدیهی أننا نحن البشر فی هذه الأرض لا نملک خصوصیة خاصّة نتمیز بها عن أولئک الساکنین فی تلک النجوم البعیدة.
الهدف من الأقسام: إلفات النظر إلى المعاد والقیامة
بحثنا فیما تقدّم باختصار عن السماء والنجوم والتی أقسم الله تعالى بهما، لدعوة الإنسان للتفکیر فی هذه المخلوقات العجیبة فی العالم والکون، وبالتالی تنفتح آفاق الإیمان والتوحید والتوجّه إلى الله بهذا النمط من التفکیر والتأمّل، وکلّما ازدادت مطالعاتنا ومعلوماتنا عن عالم الوجود أکثر فإنّ إیماننا بخالق هذا الکون سیقوى ویشتد.
وهنا یشیر القرآن إلى مسألة مهمّة بوصفها المقسم له، (أی ما أقسم الله تعالى من أجله) وهذه المسألة المهمّة هی یوم القیامة والحیاة بعد الموت، والتی تعتبر مکملة لبحث التوحید ومعرفة الله، وبما أنّ محکمة العدل الإلهی فی ذلک الیوم تعتبر من أهم الاُمور، بل إنّ محور هذه المحکمة العظیمة یدور حول أعمال المتهمین وملفاتهم، ولهذا نرى أنّ الآیات اللاحقة تشیر إلى کتاب أعمال العباد وتقول:
(إِنْ کُلُّ نَفْس لَّمَّا عَلَیْهَا حَافِظٌ).
أی: اُقسم بالسماء والنجوم اللامعة أنّ کلّ إنسان علیه رقیب وحفیظ من الملائکة، فالملائکة یحفظون ویکتبون أعمالنا بدقّة ولا تفلت منهم صغیرة ولا کبیرة، بل إنّهم مطّلعون على نیّاتنا وأفکارنا أیضاً.
سأل عبد اللّه بن موسى بن جعفر(علیه السلام) عن الملکین.. هل یعلمان بالذنب إذا أراد العبد أنْ یفعله، أو الحسنة؟
فقال الإمام(علیه السلام): «ریح الکنیف وریح الطیب سواء؟».
قال: لا.
قال: «إنّ العبد إذا همّ بالحسنة خرج نَفسه طیّب الریح، فیقول صاحب الیمین لصاحب الشمال: قم فإنّه قد همّ بالحسنة، فإذا فعلها کان لسانه قلمه وریقه مداده، فأثبتها له، وإذا همّ بالسیئة خرج نَفَسه منتن الریح، فیقول صاحب الشمال لصاحب الیمین، قف فإنّه قد همّ بالسیئة، فإذا هو فعلها کان لسانه قلمه وریقه مداده، وأثبتها علیه»(4).
أجل، إنّ هؤلاء الملائکة یعلمون بأفکارنا ونیّاتنا الباطنیة من خلال ما یترتب علیها من آثار على جسم الإنسان وروحه.
وکما یقول المثل: «إنّ المترشح من الکوز یحکی عمّا فیه».
 


(1) . سورة الأنعام، الآیة 97 .
(2) . نقرأ فی حدیث عن أمیرالمؤمنین(علیه السلام): «مثل أهل بیتی مثل النجوم» وفی حدیث آخر عن نبی الإسلام(صلى الله علیه وآله)یخاطب به الإمام علیّاً(علیه السلام): «أنت نجم بنی هاشم» (بحار الأنوار، ج 24، ص 82).
(3) . بحار الأنوار، ج 55، ص 91 .
(4). اُصول الکافی، ج2، ص429، باب «من یهمّ بالحسنة أو السیئة» ح 3.
کتاب الأعمال فی الآیات القرآنیة الغایة من القسم بالسماء والنجوم اللامعة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma