تفسیر آخر للآیة: أسئلة علمیة ودینیة

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
الأقسام القرآنیة
شکر النعمة فی روایات المعصومین(علیهم السلام) الوظیفة الثانیة: الاهتمام بالمحتاجین


ذهب بعض المفسّرین إلى أنّ المراد من کلمة «سائل» فی هذه الآیة لیس السائل الفقیر والمحتاج للمال، بل الشخص الذی یسأل أسئلة علمیة ودینیة، وهذا التفسیر إنّما ینسجم مع سیاق الآیة السابقة فیما إذا فسّرنا «الضالّ» بمعنى فقدان العلم والغفلة عن تعالیم السماء، أی: أیّها النبی لقد وجدناک فاقداً للعلم والمعرفة وعلّمناک ما لم تکن تعلم، وعلیه فلا تطرد من یأتیک ویسألک عن أسئلة دینیة وعلمیة بل ینبغی علیک أن تتقبل هذه الأسئلة برحابة صدر وتجیب عنها بکلام لطیف ورقیق.
إنّ سیرة النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله) تشیر إلى أنّه کان یبذل اهتماماً کبیراً بهذا الأمر بحیث إنّه کان یوماً راکباً جواده ومتجهاً إلى میدان القتال والجهاد، فجاءه رجل وأخذ بلجام فرسه وقال:
«عَلِّمْنی عَمَلا أَدْخُلُ بِهِ الْجَنَّةَ».
فنظر إلیه المسلمون الذین کانوا مع النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله) والمتجهین إلى القتال نظروا إلیه شزراً ولعلهم اعترضوا علیه بأنّ هذا الوقت، لیس وقت السؤال، فقال لهم النبی(صلى الله علیه وآله): اترکوه، ثم التفت إلیه وقال:
«ما أَحْبَبْتَ، أَنْ یَأْتِیَهُ النّـاسُ إِلَیْکَ فَاْتِهِ إِلَیْهِمْ، وَمـا کَرِهْتَ، أَنْ یَأْتِیَهُ إِلَیْکَ فَلا تَأْتِهِ إِلَیْهِمْ، خَلِّ سَبیلَ الرّاحِلَةِ»(1).
وینقل مثل هذا السلوک الأخلاقی عن الإمام أمیرالمؤمنین علی(علیه السلام)أیضاً: «إنّ أعرابیاً قام یوم الجمل إلى أمیرالمؤمنین(علیه السلام) فقال: یا أمیرالمؤمنین أتقول: إنّ الله واحد؟ فحمل الناس علیه وقالوا: یا أعرابی أماترى ما فیه أمیرالمؤمنین من تقسم القلب؟ فقال:
«دعوه فإنّ الذی یریده الأعرابی هو الذی نریده من القول، ثم قال: یا أعرابی إنّ القول فی أنّ الله واحد على أربعة أقسام...»(2).
الوظیفة الثالثة: بیان النعم الإلهیّة وشکرها
أمّا الآیة الثالثة: (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّکَ فَحَدِّثْ) فتقرر الوظیفة الثالثة للنبی الأکرم(صلى الله علیه وآله)وتقول:
أیّها النبی لقد أنعمنا علیک نعماً کثیرة، فعلیک بشکرها وإظهارها للآخرین، والتحدّث بها فی المجالس.
ونرى أنّ بعض الناس یتحرکون فی سلوکهم وأخلاقهم خلافاً لمضمون هذه الآیة الشریفة، ویعملون على إخفاء ما وهبهم الله من نِعم، وعندما یسألهم شخص عن حالهم وکسبهم وعملهم، فیجیبون بالحسرة والتأوه على وضعهم المتدهور، ویقولون: «الحمد الله على أننا نملک لقمة من الخبز لسدّ رمق الجوع»! فی حین أنّهم یجمعون الآلاف المؤلفة فی أرصدتهم المصرفیة، ولا یمرّ یوم إلاّ ویزداد رصیدهم وتزداد أرباحهم.
إنّ إظهار النعم الإلهیّة یتضمن ثلاث مراحل:
1. المرحلة اللسانیة: یجب على الإنسان أن یشکر الله تعالى على نعمه الکثیرة فی حیاته، فلو حصلت على ربح من معاملة أو تجارة ودفعت دیونک من أرباح هذه المعاملة وصرفت الباقی فی ما تحتاجه من أمورک المعیشیة، فعلیک أن تشکر الله تعالى على هذه النعمة.
2. الشکر العملی: بمعنى إظهار هذه النعم والمواهب الإلهیّة على ساحة الحیاة، فلو ازداد راتبک الشهری فعلیک بتوفیر ما یحتاجه الأهل والأولاد من وسائل الراحة والرفاهیة، لا أن تتخذ حالة النفاق وتظهر نفسک بأنّک فقیر لا مال لک وتلبس ثیاباً رثة وتعیش عیش الفقراء وکل شخص یراک یتصور أنّک فقیر، وبیتک من الداخل کالقصر ولکنّه من خارجه أشبه بخربة لئلا یعلم الناس أنّک متمول وإنسان غنی، فهذا العمل یتنافى مع شکر النعمة الإلهیّة علیک، لأنّ هذا العمل یندرج تحت صفة النفاق والریاء، والإسلام لا یأمرک بالاسراف والتبذیر، بل یقول لک: علیک أن تستخدم هذا الرزق وتستفید من النعم الإلهیّة بأحسن وجه.
3. إشراک الآخرین بالنعمة: ومضافاً إلى الشکر اللسانی والعملی ینبغی إشراک الآخرین فی النعم الإلهیّة التی وهبنا الله إیّاها، ولا نحتکر هذه النعم لأنفسنا، یقول النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله) فی روایة شیّقة:
«إنَّ اللهَ یُحِبُّ أَنْ یَرى أَثَر نِعْمَتِهِ عَلى عَبْدِهِ»(3).
وهذا العمل إنّما یتحقق فیما إذا تحرکنا على مستوى العمل بهذه المراحل الثلاث للشکر.
 


(1) . بحار الأنوار، ج 74، ص 134، ح 45 .
(2) . المصدر السابق، ج 3، ص 206، ح 1 .
(3) . میزان الحکمة، باب 3911، ح 20424 .

 

شکر النعمة فی روایات المعصومین(علیهم السلام) الوظیفة الثانیة: الاهتمام بالمحتاجین
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma