الإمام علی(علیه السلام) والطلب غیر المنطقی لعقیل

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
الأقسام القرآنیة
الإمام علی(علیه السلام) والرشوة! تأثیر الإیمان بالمعاد فی حیاة الإمام علی(علیه السلام)


ثم یشیر الإمام فی هذه الخطبة إلى قصّة أخیه عقیل(1) وقال:
«وَ اللّهِ لَقَدْ رَأَیْتُ عَقِیلاً وَ قَدْ أَمْلَقَ حَتَّى اسْتََماحَنِی مِنْ بُرِّکُمْ صَاعاً، وَ رَأَیْتُ صِبْیَانَهُ شُعْثَ الشُّعُورِ، غُبْرَ الاَْلْوَانِ مِنْ فَقْرِهِمْ، کَأَنَّما سُوِّدَتْ وُجُوهُهُمْ بِالْعِظْلِمِ، وَ عَاوَدَنِی مُؤَکِّداً، وَ کَرَّرَ عَلَیَّ الْقَوْلَ مُرَدِّداً، فَأَصْغَیْتُ إِلَیْهِ سَمْعِی، فَظَنَّ أَنِّی أَبِیعُهُ دِینِی، وَ أَتَّبِعُ قِیَادَهُ مُفَارِقاً طَرِیقَتِی، فَأَحْمَیْتُ لَهُ حَدِیدَةً، ثُمَّ أَدْنَیْتُهَا مِنْ جِسْمِهِ لِیَعْتَبِرَ بِهَا، فَضَجَّ ضَجِیجَ ذِی دَنَف مِنْ أَلَمِهَا، وَ کادَ أَنْ یَحْتَرِقَ مِنْ مِیْسَمِهَا، فَقُلْتُ لَهُ: ثَکِلَتْکَ الثَّوَاکِلُ، یَا عَقِیلُ! أَتَئِنُّ مِنْ حَدِیدَة أَحْمَاهَا إِنْسَانُهَا لِلَعِبِهِ، وَ تَجُرُّنِی إِلَى نَار سَجَرَهَا جَبَّارُهَا لِغَضَبِهِ! أتَئِنُّ مِنَ الاَْذَى وَ لاَ أَئِنُّ مِنْ لَظىً؟!»(2).
وهنا تثار هذه النقطة وهی: کیف یتعامل الإمام علی(علیه السلام) مع الآخرین بهذه الشدّة؟ إنّ إیمان الإمام لا یسمح له أن یعطی طعاماً ولو قلیلاً إلى أخیه الفقیر والمحتاج وهو وعیاله خلافاً للضوابط والأحکام، ولکن تعال وانظر إلى زعماء العالم من أهل الدنیا وصناع القرار فی البلدان المختلفة وما یرتکبونه من مخالفات وفیما یأخذونه من رشوات وتلاعب بالمقدرات بحیث أخجلوا البشریة من أفعالهم وانحطاطهم، وانظر إلى البون الشاسع بین هذا الإمام(علیه السلام) وبین هؤلاء.
 


(1) . کان لأبی طالب أربعة أولاد، وکان کل واحد منهم یکبر عن الآخر بعشر سنوات. وهم على الترتیب السنی عبارة عن: 1. طالب. 2. عقیل. 3. جعفر. 4. الإمام علی(علیه السلام).
وکان أبوطالب یحبّ عقیلاً حبّاً شدیداً، ولذا قال له النبی(صلى الله علیه وآله): «إنّی اُحبّک حبّین: أحدهما لأنّک من أرحامی، والآخر لحبّ أبی طالب لک» وقد اشترک عقیل فی معرکة مؤتة مع أخیه جعفر، وکان عارفاً بأنساب العرب وتاریخ الجاهلیة وکان سریع البدیهیة وحاضر الجواب، وهناک خلاف بین المؤرخین فی زمن ذهابه إلى معاویة وهل کان قبل شهادة الإمام علی(علیه السلام) أم بعدها، ولکنّ المحققین یعتقدون بأنّها کانت بعدها (شرح نهج البلاغة، ج 2، ص 597).
(2) . ونقل عقیل قصّة الحدیدة المحماة لمعاویة کما یلی:
«أصابتنی مخمصة شدیدة، فسألته فلم تند صفاته، فجمعت صبیانی وجئته بهم، والبؤس والضرّ ظاهران علیهم، فقال: إئتنی عشیة لأدفع إلیک شیئاً، فجئته یقودنی أحد ولدی، فأمره بالتنحی، ثم قال: ألا فدونک، فأهویت حریصاً وقد غلبنی الجشع أضنّها صرّة فوضعت یدی على حدیدة تلتهب ناراً، فلما قبضتها نبذتها، وخُرت کما یخور الثور تحت ید جازره، فقال لی: ثکلتک اُمّک! هذا من حدیدة أوقدت لها نار الدنیا، فکیف بک وبی غداً إن سُلکنا فی سلاسل حهنّم ثم قرأ: (إِذِ الاَْغْلاَلُ فِى أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلاَسِلُ یُسْحَبُونَ) (سورة غافر، الآیة 71).
ثم قال: لیس لک عندی فوق حقّک الذی فرضه الله لک إلاّ ماترى فانصرف إلى أهلک.
فجعل معاویة یتعجب ویقول: هیهات هیهات! عقمت النساء أن یلدن مثله. (شرح نهج البلاغه لابن أبی الحدید،
ج 11، ص253).

 

الإمام علی(علیه السلام) والرشوة! تأثیر الإیمان بالمعاد فی حیاة الإمام علی(علیه السلام)
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma