حرمة تزویج الدائمة لمن کانت عنده أربع زوجات دائمیات

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
انوار الفقاهة - کتاب النکاح-2
جواز کون الخامسة فصاعداً متمتّعاً بها حکم تزویج المرأة التی لم تشرع فی العدّة

 


حرمة تزویج الدائمة لمن کانت عنده أربع زوجات دائمیات
(مسألة 10) : من کانت عنده أربع زوجات دائمیات تحرم علیه الخامسة دائمة، وأمّا المنقطعة فیجوز الجمع بما شاء خاصّة، أو مع دائمیات.
 
حرمة تزویج الدائمة لمن کانت عنده أربع زوجات دائمیات
أقول: هذه المسألة من المسلّمات فی الفقه الإسلامی، بل قال فی «الجواهر»: «إجماعاً من المسلمین، بل ضرورة من الدین. وما عن طائفة من الزیدیة من جواز نکاح تسع، لم یثبت، بل المحکی عن مشایخهم البراءة من ذلک»(1).
وذکر سیّدنا الاُستاذ فی «المستمسک»: «أنّه وردنا فی هذه الأیّام من العلویین من اللاذقیة سؤال عن میّت مات عن ثمان» أی ثمان دائمیات ثمّ قال: «ولعلّه لم یکن عن اعتقاد المشروعیة»(2).
ودعوى الإجماع فیه ـ بل إجماع المسلمین ـ مستفیض. ولعلّ نقل التسع عن بعض من لا یعرف، ناظر إلى أنّ النبی(صلى الله علیه وآله وسلم) مات عن تسع زوجات، أو عن احتمال فی الآیة الشریفة: (مَثْنى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ)(3); أی کون الواو للعطف، وجمع الاثنین والثلاث والأربع یکون تسعاً.
ولکن کلاهما ضعیفان جدّاً; لمخالفتهما لإجماع المسلمین، وضرورة الدین، ولکون الأوّل من خصائص النبی(صلى الله علیه وآله وسلم) وأمّا الثانی فهو احتمال رکیک; لأنّ من یرید ذکر التسع التی لها اسم خاصّ، لا یعدل عنه إلى ذکر «اثنین، وثلاث، وأربع» فکیف بکلام الله المنزل على أعلى درجات البلاغة؟!
الاستدلال بالکتاب
وعلى کلّ حال: الأصل فی هذا الحکم ـ قبل الإجماع ـ هو قوله تعالى: (وَإنْ خِفْتُمْ ألاَّ تُقْسِطُوا فِى الْیَتَامَى فَانْکِحُوا مَا طَابَ لَکُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإنْ خِفْتُمْ ألاَّ تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً)(4).
واللازم أوّلا بیان معنى الآیة الشریفة ومفادها من خلال اُمور:
الأوّل: ما وجه الارتباط بین الشرط والجزاء؟ فإنّه قد یبدو فی النظر البدوی، أنّه لا ربط بین الخوف فی أمر القسط فی الیتامى، وبین نکاح النساء.
وقد ذکر فی «مجمع البیان» وجوهاً ستّة لبیان الارتباط(5)، ولعلّ أحسنها أنّهم بعد نزول الآیات فی تشدید أمر نکاح الیتامى بأقلّ من مهر المثل، خافوا من نکاحهم، فنزلت الآیة، والمراد: إن خفتم من عدم العدالة فی نکاحهم، فانکحوا غیرهنّ، ثمّ أجاز لهم نکاح الاثنتین، والثلاث، والأربع.
الثانی: معنى قوله تعالى: (مَثْنى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ) اثنین اثنین، وثلاث ثلاث، وأربع أربع; أی کلّ واحد منکم یتزوّج باثنین، أو ثلاث، أو أربع; إن أحبّ، فالتعدّد لتعدّد المکلّفین، وأمّا الذی یخاف من عدم العدالة بینهنّ، فیختار واحدة فقط.
الثالث: الواو هنا بمعنى «أو» فهو للتنویع، لا للجمع. ویشهد له أنّه لو کان بمعنى الجمع کان معناه جواز التسع، أو جواز ثمانی عشرة، کما ذکره المحقّق الثانی(6); لأنّ مثنى بمعنى اثنتین اثنتین، وکذا ما بعده ولا یقول به أحد.
وقد عرفت: أنّ للتسع لفظاً خاصّاً بها، ولا تجد إنساناً فی أقلّ حدّ من المعرفة، یختار لبیان عدد «التسع»: «اثنین، وثلاث، وأربع» فکیف بالله العالم القادر فی کتابه الذی قال فی حقّه: (قُرْآناً عَرَبِیّاً غَیْرَ ذِى عِوَج)(7)؟!
الرابع: أنّه کیف تدلّ الآیة على عدم جواز الزیادة على الأربع؟
والجواب عن هذا السؤال معلوم; فإنّها فی مقام بیان من یجوز نکاحهنّ من النساء، لا من باب مفهوم العدد حتّى یقال: لا حجّیة فیه، کما یستفاد من بعض الأکابر، بل من باب کون ذکر العدد فی مقام الاحتراز، أو فی مقام بیان المقدار المجاز.
الاستدلال بالسنّة
وأمّا الأخبار الواردة فی مصادر الأصحاب وأهل الخلاف، فمتواترة أو قریبة من التواتر، وهی طوائف کثیرة، وقد عقد فی «الوسائل» أبواباً ستّة فی فصل استیفاء العدد، نقل فیها 19 حدیثاً، کلّها أو جلّها دلیل على المقصود إمّا بالمنطوق، أو بالمفهوم، أو بالملازمة، فلنذکر من کلّ باب حدیثاً تأکیداً للحکم الذی هو من الوضوح بمکان:
1ـ ما فی الباب الأوّل من أبواب ما یحرم باستیفاء العدد من روایة محمّد بن سنان، عن الرضا(علیه السلام) فیما کتب إلیه: «وعلّة التزویج للرجل أربع نسوة وتحریم أن تتزوّج المرأة أکثر من واحد...» إلى أن قال: «وعلّة التزویج للعبد اثنتین لا أکثر منه; لأنّه نصف الرجل الحرّ فی الطلاق والنکاح...»(8).
2ـ حدیث آخر فی نفس الباب، عن الصادق(علیه السلام): «لا یحلّ لماء الرجل أن یجری فی أکثر من أربعة أرحام»(9).
3ـ ما فی الباب الثانی من صحیح زرارة ومحمّد بن مسلم، عن أبی عبدالله(علیه السلام)قال: «إذا جمع الرجل أربعاً وطلّق إحداهنّ، فلا یتزوّج الخامسة حتّى تنقضی عدّة المرأة التی طلّق...»(10).
4ـ ما فی الباب الثالث من روایة علی بن أبی حمزة قال: سألت أبا إبراهیم(علیه السلام)عن الرجل یکون له أربع نسوة، فیطلّق إحداهنّ، أیتزوّج مکانها اُخرى؟ قال: «لا، حتّى تنقضی عدّتها»(11).
5ـ ما فی الباب الرابع من روایة جمیل بن درّاج، عن أبی عبدالله(علیه السلام): فی رجل تزوّج خمساً فی عقدة، قال: «یخلّی سبیل أیّتهنّ شاء، ویمسک الأربع»(12).
6ـ ما فی الباب الخامس من روایة عنبسة بن مصعب قال: سألت أبا عبدالله(علیه السلام)عن رجل کان له ثلاث نسوة، فتزوّج علیهنّ امرأتین فی عقدة، فدخل على واحدة منهما، ثمّ مات... إلى أن قال(علیه السلام): «وإن کان دخل بالمرأة التی سمّیت وذکرت بعد ذکر المرأة الاُولى، فإنّ نکاحها باطل...»(13).
7ـ ما فی الباب السادس من روایة عقبة بن خالد، عن أبی عبدالله(علیه السلام): فی مجوسی أسلم وله سبع نسوة، وأسلمن معه، کیف یصنع؟ قال: «یمسک أربعاً، ویطلّق ثلاثاً»(14).
8 ـ ما فی الباب الثامن من روایة محمّد بن مسلم، عن أحدهما(علیهما السلام) قال: سألته عن العبد، یتزوّج أربع حرائر؟ قال: «لا، ولکن یتزوّج حرّتین، وإن شاء أربع إماء»(15).
هذا وقد روی عن طریق المخالفین ما یدلّ على المقصود، قال ابن قدامة فی«المغنی» بعد نقل إجماع أهل العلم على عدم جواز الجمع بین أکثر من أربع زوجات دائمیات، ونقل الخلاف عن القاسم بن إبراهیم أحد أئمّة الزیدیة، قال: «هذا خرق للإجماع، وترک للسنّة; فإنّ رسول الله(صلى الله علیه وآله وسلم) قال لغیلان بن سلمة حین أسلم وتحته عشر نسوة: «أمسک أربعاً، وفارق سائرهنّ» وإذا منع من استدامة زیادة عن أربع فالابتداء أولى»(16) أی بالمنع. وقد استدلّ بهذه الروایة غیره أیضاً.
فتحصّل من جمیع ما ذکرنا: أنّ عدم جواز الأکثر من أربع فی الدائمیات، أظهر من أن یخفى على أیّ فقیه، بل أیّ مسلم. وسنذکر إن شاء الله حکمة تعدّدالزوجات فی الإسلام.


(1). جواهر الکلام 30 : 2.
(2). مستمسک العروة الوثقى 14 : 93.
(3). النساء (4): 3.
(4). النساء (4): 3.
(5). مجمع البیان 3 : 11.
(6). جامع المقاصد 12 : 374.
(7). الزمر (39): 28.
(8). وسائل الشیعة 20 : 517، کتاب النکاح، أبواب ما یحرم باستیفاء العدد، الباب 1، الحدیث2.
(9). وسائل الشیعة 20 : 518، کتاب النکاح، أبواب ما یحرم باستیفاء العدد، الباب 1، الحدیث3.
(10). وسائل الشیعة 20 : 518، کتاب النکاح، أبواب ما یحرم باستیفاء العدد، الباب 2، الحدیث1.
(11). وسائل الشیعة 20 : 520، کتاب النکاح، أبواب ما یحرم باستیفاء العدد، الباب 3، الحدیث2.
(12). وسائل الشیعة 20 : 522، کتاب النکاح، أبواب ما یحرم باستیفاء العدد، الباب 4، الحدیث1.
(13). وسائل الشیعة 20 : 523، کتاب النکاح، أبواب ما یحرم باستیفاء العدد، الباب 5، الحدیث1.
(14). وسائل الشیعة 20 : 524، کتاب النکاح، أبواب ما یحرم باستیفاء العدد، الباب 6، الحدیث1.
(15). وسائل الشیعة 20 : 525، کتاب النکاح، أبواب ما یحرم باستیفاء العدد، الباب 8، الحدیث1.
(16). المغنی، ابن قدامة 7 : 436 ـ 437.
 


 

جواز کون الخامسة فصاعداً متمتّعاً بها حکم تزویج المرأة التی لم تشرع فی العدّة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma