لزوم تعیین المهر بما یرفع عن الجهالة

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
انوار الفقاهة - کتاب النکاح-3
عدم اشتراط ذکر المهر فی صحّة العقد الدائم تعمیم حکم الخمر والخنزیر لسائر المحرّمات


(مسألة 3) : لا بدّ من تعیین المهر بما یخرج عن الإبهام، فلو أمهرها أحد هذین أو خیاطة أحد الثوبین ـ مثلاً ـ بطل المهر دون العقد، وکان لها مع الدخول مهر المثل. نعم، لا یعتبر فیه التعیین الذی یعتبر فی البیع ونحوه من المعاوضات، فیکفی مشاهدة الحاضر وإن جهل کیله أو وزنه أو عدّه أو ذرعه، کصبرة من الطعام، وقطعة من الذهب، وطاقة مشاهدة من الثوب، وصبرة حاضرة من الجوز، وأمثال ذلک.
 
لزوم تعیین المهر بما یرفع عن الجهالة
أقول: حاصل الکلام فی المسألة أنّه لابدّ فی المهر من التعیین لرفع الجهالة. ولکن لیس التعیین هنا مثل المعاوضات، وکأنّه برزخ بین التعیین الکامل، والجهالة التامّة، فلذا اکتفوا هنا برفع الجهالة فی الجملة ـ بمثل المشاهدة ـ وإن جهل الوزن والمقدار الذی یضرّ بصحّة المعاوضات; قال فی «الجواهر»: «بلا خلاف أجده فیه، بل نسبه بعضهم إلى قطع الأصحاب»(1) ولکن یظهر من بعض الأصحاب عدم الفرق بینه وبین المعاوضات; قال فی «المسالک»: «من جملة المفسدات للمهر جهالته، فمتى عقد على مجهول ـ کدابّة و تعلیم سورة غیر معیّنة بطل المسمّى; لأنّ الصداق و إن لم یکن عوضاً فی أصله، إلاّ أنّه مع ذکره فی العقد تجری علیه أحکام المعاوضات، والجهالة من موانع صحّتها»(2).
ولکن قال فی «الریاض»: «ولابدّ من تعیینه إذا ذکر فی متن العقد; لیخرج عن الجهالة الموجبة للغرر والضرر المنهیّ عنهما فی الشریعة. ویتحقّق بالوصف المعیّن له ولو فی الجملة، ولا یعتبر فیه استقصاء الأوصاف المعتبرة فی السلم، أو بالإشارة... وتکفی فیه المشاهدة عن اعتبار کیله، أو وزنه، أو عدّه».
ثمّ استدلّ على ذلک باُمور:
الأوّل: قطع الأصحاب بکفایة ارتفاع معظم الغرر، واغتفار الباقی فی النکاح.
الثانی: موافقة الأصل.
الثالث: عمومات الکتاب والسنّة.
الرابع: ما دلّ على تزویجه(صلى الله علیه وآله) المرأة من الرجل بما یحسن من القرآن،مع جهالته قطعاً.
الخامس: ما دلّ على کفایة مثل هذا فی العقد الموقّت، فهنا بطریق أولى(3).هذا ملخّص کلامه.
وقد أجاد فی ذکر أدلّة المسألة. ولکن یمکن المناقشة فی بعضها:
أمّا قطع الأصحاب، فالظاهر أنّه مستند إلى سائر ما ذکره من الأدلّة، ومستنبط منها.
وأمّا موافقة الأصل، فإن کان مراده من الأصل الأصل العملی، فمقتضاه الفساد، وإن کان المراد العمومات الدالّة على الصحّة ـ مثل قوله تعالى: (وَأُحِلَّ لَکُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِکُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِکُمْ...)(4); حیث إنّ الابتغاء بالأموال یشمل ما نحن بصدده ـ فهو یرجع إلى الدلیل الثالث; وهو الأخذ بالعمومات.
وأمّا الثالث، فقد یقال: إنّ المراد به هو الأخذ بقوله(علیه السلام): «الصداق کلّ شیء تراضى علیه الناس; قلّ، أو کثر» الوارد فی روایات کثیرة فی الباب الأوّل من أبواب المهور فی «الوسائل»(5) ولا بأس بالأخذ بهذه العمومات; إذا لم تکن الجهالة فی المهر ممّا یرغب عنه العقلاء، وإلاّ فتکون الروایات منصرفة عنها.
والدلیل الرابع من أحسن الأدلّة فی المقام; وهو ما ورد فی معتبرة محمّد بن مسلم، عن أبی جعفر(علیه السلام) فی قصّة المرأة التی جاءت إلى النبی(صلى الله علیه وآله) وطلبت إنکاحها لواحد من المسلمین، فزوّجها برجل على أن یعلّمها ما معه من القرآن(6); إذ لا شکّ فی أنّ ما معه من القرآن، لم یکن معلوماً بما یعتبر فی المعاوضات.
اللهمّ إلاّ أن یقال: تعلیم القرآن بالمقدار الذی کان عند الرجل، لم یکن شیئاً تتفاوت اُجرته عرفاً بما یوجب الغرر والضرر، فلا یمکن الاستدلال بهذه الروایة، فتأمّل.
وأمّا الخامس، فالظاهر أنّه لا اعتبار به; لأنّ الکفّ کانت نوعاً من الکیل، ولا سیّما فی سالف الأیّام.
ویظهر من صدر کلام «الریاض» الاستدلال على بطلان الإبهام فی المهر: بأنّه یوجب الغرر والضرر ـ والغرر هو الجهل الموجب للخدیعة ـ وهو کذلک.
لکن إن قلنا: إنّ حدیث الغرر وارد فی خصوص البیع ـ «نهى النبی(صلى الله علیه وآله) عن بیع الغرر»(7) ـ فالتعدّی منه إلى غیره لا یجوز إلاّ بإلغاء الخصوصیة.
وإن قلنا: إنّ الحدیث عامّ صحّ الاستدلال به; قال شیخنا الأعظم الأنصاری فی «کتاب البیع» عند الاستدلال على لزوم کون الثمن معلوماً: «والأصل فی ذلک حدیث نفی الغرر المشهور بین المسلمین»(8) وحینئذ یجوز الاستدلال به فی أبواب المهر.
وأوضح منه التمسّک بحدیث نفی الضرر; فإنّ الإبهام فی المهور سبب للإضرار کثیراً، ویوجب العداوة والبغضاء.
وأمّا ما قد یقال: «من أنّ النکاح لیس معاوضة; حتّى یجرى فیه لزوم کون العوض معلوماً من جمیع الجهات» فهو أیضاً قابل للمناقشة; لأنّه إن اُرید نفی المعاوضة کالبیع، فلا ریب فیه; لأنّه لا یباع الحرّ، ولا معنى له.
وإن اُرید منه نفی المعاوضة مطلقاً، فهوممنوع; لأنّ المرأة ترضى بالنکاح فی مقابل المهر، فالمعاوضة بین النکاح والمهر، لا بین المرأة ومهرها. والشاهد علیه إطلاق «الأجر» على المهر حتّى فی العقد الدائم. وعدم لزوم ذکرالمهرفی النکاح، لیس بسبب عدم لزوم العوض، بل لأنّه معلوم عند عدم ذکره; وهو مهر المثل.
والأحوط کون المهر معلوماً من جمیع الجهات، ولا سیّما فی عصرنا; فإنّ أولیاء المرأة والرجل یهتمّون کثیراً بمقدار المهر، فیجتمعون قبل العقد فی مجلس خاصّ ویتکلّمون بالدقّة فی أمر المهر أکثر من اشتراء دار أو شبهها، فالجهل بالمقدار والعدد وشبه ذلک، مع هذا غرری وضرری، والله العالم.


(1). جواهر الکلام 31 : 18.
(2). مسالک الأفهام 8 : 180.
(3). ریاض المسائل 10 : 408 ـ 409.
(4). النساء (4): 24.
(5). راجع وسائل الشیعة 21 : 239، کتاب النکاح، أبواب المهور، الباب 1.
(6). وسائل الشیعة 21 : 242، کتاب النکاح، أبواب المهور، الباب 2، الحدیث 1.
(7). وسائل الشیعة 17 : 448، کتاب التجارة، أبواب آداب التجارة، الباب 40، الحدیث 3.
(8). المکاسب، ضمن تراث الشیخ الأعظم 17 : 206.
 
 

 

عدم اشتراط ذکر المهر فی صحّة العقد الدائم تعمیم حکم الخمر والخنزیر لسائر المحرّمات
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma