فصل: فی القسم والنشوز والشقاق

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
انوار الفقاهة - کتاب النکاح-3
الحقّ الأوّللزوم الوفاء بالشرط إذا اشترط الإسکان فی مکان خاصّ


 
فصل: فی القسم والنشوز والشقاق
حقّ کلّ من الزوجین على الآخر
لکلّ واحد من الزوجین حقّ على صاحبه یجب علیه القیام به وإن کان حقّ الزوج أعظم. ومن حقّه علیها أن تطیعه ولا تعصیه ولا تخرج من بیتها إلاّ بإذنه ولو إلى أهلها حتّى لعیادة والدها أو فی عزائه، بل ورد: أن لیس لها أمر مع زوجها فی صدقة ولا هبة ولا نذر فی مالها إلاّ بإذنه، إلاّ فی حجّ أو زکاة أو برّ والدیها أو صلة قرابتها، وتفصیل ذلک کلّه موکول إلى محلّه. وأمّا حقّها علیه فهو أن یُشبعها ویکسوها، وأن یغفر لها إذا جهلت، ولا یقبّح لها وجهاً، کما ورد فی الأخبار، والتفصیل موکول إلى محلّه.
 
حقّ کلّ من الزوجین على الآخر
أقول: من أعظم الحقوق وأشملها حقوق کلّ من الزوجین على الآخر، فقد ورد فی الکتاب والسنّة شیء کثیر فی هذا الباب. وحقوق الزوج وإن کانت أکثر، ولکن حقوق الزوجة کثیرة، وقد یستقلّها بعض; بحیث یوجب ذلک مفاسد کثیرة، ویوجب جرأة الأزواج على هضم حقوق زوجاتهم، وتشویه سمعة الإسلام; بحیث یقال: «إنّ الإسلام دین الرجال، ولیس للنساء فیه إلاّ شیء قلیل» مع أنّ کلاّ منهما من عباد الله، وقد جاء الإسلام للدفاع عن حقوقهم.
وربّما یوجب ذلک جرأة المدّعین لحقوق الإنسان على دعوة النساء إلى أنفسهم، وابتعادهنّ عن المسلمین، ورمی الإسلام ببعض ما یلیق بهم،لا بالإسلام ورسوله(صلى الله علیه وآله).
وکفاک فی ذلک ما ورد فی الذکر الحکیم; قال الله تعالى: (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِى عَلَیْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ)(1).
وقد ورد هذا بعد ذکر شیء من أحکام الطلاق والعدّة; حتّى لا یتوهّم أنّ کون الطلاق بید الرجل ـ لبعض المصالح التی لا تخفى ـ معناه عدم حقّ لهنّ فی شیء من الاُمور، بل لهنّ حقوق، کما علیهنّ حقوق، وهذا من أوضح ما فی هذا الباب.
وقال تعالى: (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ)(2).
وقد کانت العرب فی الجاهلیة، تتزوّج بعض النساء لأموالهنّ من دون رغبة فیهنّ، ثمّ تترقّب موتها وإرثها، أو کانت تجعل النساء فی ضیق حتّى یذهبوا بمهورهنّ... إلى غیر ذلک من المظالم. وقد ذکر ذلک بعد بیان شیء من أحکام المهور.
وذکر فی ذیل الآیة ما یدلّ على لزوم المداراة لهنّ حتّى مع کراهتهنّ; قال تعالى: (فَإِنْ کَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَکْرَهُوا شَیْئاً وَیَجْعَلَ اللهُ فِیهِ خَیْراً کَثِیراً)(3) والخیر الکثیر أمر مهمّ فی حیاة الإنسان.
وقال تعالى ـ بعد ذکر شیء من خصائص النبی فی أمر النکاح ـ : (قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَیْهِمْ فِى أَزْوَاجِهِمْ)(4).
وهذا یدلّ على حقوق مهمّة للزوجات على الأزواج.
وفی الآیة 35 من الأحزاب، دلیل واضح على مساواة النساء للرجال فی کثیر من الاُمور وإن کان للرجال حقوق خاصّة بهم، قال الله تعالى: (إِنَّ الْمُسْلِمِینَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِینَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِینَ وَالْقَانِتَاتِ)(5).
ومن أوضح ما فی هذا الباب، ما یحصل من الغور فی معنى الزوجیة; وهی جعل شیء إلى جانب شیء مثله، فالزوجان متماثلان، قال الله تعالى: ( وَمِنْ آیَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَکُمْ مِنْ أَنْفُسِکُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْکُنُوا إِلَیْهَا وَجَعَلَ بَیْنَکُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِى ذلِکَ لاَیَات لِقَوْم یَتَفَکَّرُونَ)(6).
یستفاد من هذه الآیة اُمور مهمّة:
منها: أنّ المرأة خلقت من طینة الإنسان، لا کما کان یزعمه بعض العوامّ من أنّ لها خلقاً آخر، فهما فرعان من أصل واحد.
ومنها: أنّ الزوجة سبب للسکینة والسکون والرَوْح والراحة.
ومنها: أنّ الله جعل بین الجنسین المودّة والرحمة(7)، وجعل کلّ ذلک من آیات الله فی ابتداء الآیة وخاتمتها لقوم یتفکّرون. فالجنسان یرجعان إلى أصل واحد، وکلّ واحد منهما مکمّل للآخر، لا أنّ أحدهما خادم، والآخر مخدوم.
وقد أکّد القرآن على حفظ حقوق المرأة; وأنّه لا یجوز أخذ شیء من مهرها ولو کان قنطاراً، وأنّ أخذه منها بهتان وإثم مبین، کما قال تعالى: (وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْج مَکَانَ زَوْج وَآتَیْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَاراً فَلاَ تَأْخُذُوا مِنْهُ شَیْئاً أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِیناً)(8). إلى غیر ذلک ممّا ورد فی الذکر الحکیم.
وفی روایات المعصومین تأکید شدید على حفظ حقوقهنّ وإلیک نبذة منها:
قال رسول الله(صلى الله علیه وآله): «ألا خیرکم خیرکم لنسائه، وأنا خیرکم لنسائی»(9).
وعنه(صلى الله علیه وآله): «ملعون ملعون من ضیّع من یعول»(10).
وعنه(صلى الله علیه وآله) أیضاً: «من کان له امرأة تؤذیه لم یقبل الله صلاتها، ولا حسنة من عملها; حتّى تعینه وترضیه، وإن صامت الدهر وقامت، وأعتقت الرقاب، وأنفقت الأموال فی سبیل الله، وکانت أوّل من ترد النار»، ثمّ قال رسول الله(صلى الله علیه وآله): «وعلى الرجل مثل ذلک الوزر والعذاب...»(11).
فهما متقابلان فی الحقوق; لکلّ واحد حقّ على الآخر.
وفی «الکافی» بسند معتبر، عن محمّد بن مسلم، عن أبی عبدالله(علیه السلام) قال:«قال رسول الله(صلى الله علیه وآله): أوصانی جبرئیل بالمرأة; حتّى ظننت أنّه لاینبغی طلاقها إلاّ من فاحشة مبیّنة»(12).
وهذا دلیل على استحباب تحمّل أذاها مهما کان، و عدم طلاقها إلاّ عند حدوث أمر فجیع.
ومثلها غیرها ممّا ورد فی هذا المعنى.
وفی مقابلها أخبار تدلّ على الاهتمام بحقّ الزوج; وأنّه أکبر من حقّ الزوجة، وهذا ممّا لا ینبغی الشکّ فیه فی الجملة; وقد قال الله تعالى: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْض وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ)(13)، والمراد من «القوّام» هو القائم بالأمر، والمدبّر له، والحافظ له من أیّ خطر وضرر، فالرجال یقومون باُمور النساء، ویحفظونهنّ، ویدبّرون اُمورهنّ.
والواقع أنّ نظام الاُسرة نظام صغیر من أنظمة المجتمع الإنسانی، وفیه رئیس، ومعاون له، ومرؤوسون; فالرجل بمنزلة الرئیس، والمرأة معاونة له، والأولاد أعضاء لهذا المجتمع الصغیر، والدلیل على ذلک أمران:
أوّلهما: فضل الرجل على المرأة من حیث أمر السیاسة والتدبیر، والغربیّون وإن کانوا ینکرون الفرق بین الرجل والمرأة من جمیع الجهات، وینادون بنداء المساواة من جمیع النواحی، ولکنّهم مراؤون ومخالفون لهذا تماماً، ویقولون بأفواههم ما لیس فی قلوبهم، فرجالهم مقدّمون فی جمیع أمر الحکومات، فلا یرى فیهم امرأة إلاّ نادراً.
وعلى کلّ حال: لا یمکن أن یکون فی نظام اجتماعی ـ صغیر أو کبیر ـ رئیسان، بل لو کانا اثنین کان أحدهما رئیساً، والآخر معاوناً.
وثانی الدلیلین على تقدّمهم فی نظام الاُسرة: هو مسؤولیاتهم من ناحیة الاُمور المالیة، فقد کلّف الرجال بالإنفاق على جمیع الاُسرة من المرأة والأولاد، وهذا دلیل آخر على أنّهم قوّامون على هذا النظام.
ولکن لیس معنى ذلک، أنّ الرجال فعّالون لما یشاؤون، بل لهم مسؤولیات کثیرة فی مقام الاُسرة، فکما أمر الله النساء بإطاعة أزواجهنّ وعدم ارتکاب ما یسوؤهم، أمر الرجال کذلک، فعن جابر، عن أبی عبدالله(علیه السلام) قال: «إنّ الله کتب على الرجال الجهاد، وعلى النساء الجهاد; فجهاد الرجل أن یبذل ماله ودمه حتّى یقتل فی سبیل الله، وجهاد المرأة أن تصبر على ما ترى من أذى زوجها وغیرته»(14).
و فی حدیث آخر عن موسى بن بکر، عن أبی إبراهیم(علیه السلام)قال: «جهاد المرأة حسن التبعّل»(15).
فیجب على کلّ واحد منهما الجهاد; فجهاد الرجل هو الجهاد مع العدوّ ومع النفس، وجهاد المرأة هو الجهاد مع النفس فی مقام بعض إیذاء الرجل، فالمبالغة فی المساواة أمر غیر واقعی، کما إنّ جعل الرجل مسیطراً على کلّ شیء فی نظام الاُسرة ـ بحیث لا تملک المرأة لنفسها شیئاً ـ هو أیضاً خروج عن طریق الحقّ، و عدول عن سواء السبیل.
إذا عرفت هذا، فلنرجع إلى شرح الحقوق الثلاثة التی ذکرها المصنّف فی کلامه للرجال تبعاً لغیره من الفقهاء:


(1). البقرة (2): 228.
(2). النساء (4): 19.
(3). النساء (4): 19.
(4). الأحزاب (33): 50.
(5). الأحزاب (33): 35.
(6). الروم (30): 21.
(7). لعلّ الفرق بینهما: أنّ المودّة من الجانبین والرحمة تکون من جانب واحد. )منه دام ظلّه(
(8). النساء (4): 20.
(9). وسائل الشیعة 20 : 171، کتاب النکاح، أبواب مقدّمات النکاح، الباب 88، الحدیث 11.
(10). وسائل الشیعة 20 :171، کتاب النکاح، أبواب مقدّمات النکاح، الباب 88، الحدیث 6.
(11). وسائل الشیعة 20 : 163، کتاب النکاح، أبواب مقدّمات النکاح، الباب 82، الحدیث 1.
(12). الکافی 5 : 512 / 6; وسائل الشیعة 20 : 170، کتاب النکاح، أبواب مقدّمات النکاح، الباب 88، الحدیث 4.
(13). النساء (4): 34.
(14). وسائل الشیعة 20 :157، کتاب النکاح، أبواب مقدّمات النکاح، الباب 78، الحدیث 6.
(15). وسائل الشیعة 20 :163، کتاب النکاح، أبواب مقدّمات النکاح، الباب 81، الحدیث 2.
 
 


 
 

الحقّ الأوّللزوم الوفاء بالشرط إذا اشترط الإسکان فی مکان خاصّ
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma