فی مراحل دفع النشوز عن الزوجة

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
انوار الفقاهة - کتاب النکاح-3
هذا هو القسم الثانی من النشوز; القول فی النشوز


 
(مسألة 1) : لو ظهرت منها أمارات النشوز والطغیان; بسبب تغییر عادتها معه فی القول أو الفعل; بأن تجیبه بکلام خشن بعد ما کان بکلام لیّن، أو أن تظهر عبوساً وتقطّباً فی وجهه وتثاقلاً ودمدمة بعد أن کانت على خلاف ذلک وغیر ذلک یعظها، فإن لم تسمع یتحقّق النشوز بخروجها عن طاعته فیما یرجع إلى الاستمتاع، فحینئذ جاز له هجرها فی المضجع; إمّا بأن یحوّل إلیها ظهره فی الفراش، أو یعتزل عن فراشها، فإذا هجرها ولم ترجع وأصرّت علیه جاز له ضربها، ویقتصر على ما یؤمّل معه رجوعها، فلا یجوز الزیادة علیه مع حصول الغرض به، وإلاّ تدرّج إلى الأقوى فالأقوى ما لم یکن مدمیاً ولا شدیداً مؤثّراً فی اسوداد بدنها أو احمراره، واللازم أن یکون ذلک بقصد الإصلاح لا التشفّی والانتقام، ولو حصل بالضرب جنایة وجب الغرم.
 
فی مراحل دفع النشوز عن الزوجة
أقول: هذه المسألة ـ على نحو الإجمال ـ موافق لفتوى جمیع فقهاء الإسلام; لأنّه مفاد الآیة 34 من سورة النساء وهی صریحة فیها. إنّما الخلاف فی بعض فروعها، ومقتضى ظاهر الآیة: (... وَاللاَّتِى تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِى الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَکُمْ فَلاَ تَبْغُوا عَلَیْهِنَّ سَبِیلاً...) هو وجود المراحل الثلاث فی دفع النشوز عن الزوجات، ولا ینبغی الشکّ فی عدم وجود التخییر بینها بل هی مراتب مختلفة من الأسهل فالأسهل، ولا معنى للتخییر بین الوعظ والضرب کما هو متفاهم أهل العرف.
وهنا أمور یجب التنبیه علیها:
1ـ المراد من الهجر فی المضاجع لیس خصوص تحویل الظهر إلیها، بل یحصل بعدم اتّحاد المضاجع لصدقه علیهما عرفاً.
2ـ لا یجوز ما یوجب الإدماء أو أمر آخر فیه دیة; لأنّه مقتضى الجمع بین الآیة وأدلّة حرمة ما یوجب الدیة. وإن شئت قلت: الأصل عدم جواز الضرب والإیذاء، ویقتصر فی الخروج عنه على القدر المتیقّن وهو ما لا یوجب شیء ممّا ذکرنا فلو حصل شیء ممّا یوجب الدیة فاللازم أداء دیته إلیها بمقتضى عموم الأدلّة.
3ـ لا شکّ أنّه لابدّ أن یکون ذلک بقصد الإصلاح، لا الانتقام والتشفّی لأنّه الظاهر من الآیة الشریفة لو لم یکن صریحها.
4ـ ظاهر الآیة کفایة الخوف العقلائی عن النشوز بظهور آثارها، والقول بأنّ الخوف هنا بمعنى العلم دعوى بلا دلیل، ففی الواقع الآیة ناظرة إلى الدفع لا إلى الرفع، ومن الواضح أنّ الدفع أسهل من الرفع غالباً.
5ـ مجرّد مخاطبة الزوج بکلام خشن أو تقطّب الوجه أحیاناً لا یکون دلیلاً على النشوز وإنّما یکون دلیلاً علیه لو استمرّ على ذلک مدّة بحیث صار کالعادة لها، والدلیل علیه عدم الصدق العرفی على الأوّل، مضافاً إلى أنّه فی الجملة کثیر بین الزوجین فلا یمکن الحکم بنشوزهما بمجرّد ذلک.
6 ـ هل النشوز لابدّ أن یرجع إلى ما یوجب منع الزوج عن الاستمتاع، أو یکفی سوء معاشرتها; بحیث یصعب تحمّلها على الزوج؟
ظاهر المتن هو الأوّل، وظاهر الآیة هو الثانی; لأنّها مطلقة من هذه الجهة.
7 ـ ومن أهمّ ما یذکر فی هذا الباب هو مناقشة بعض المخالفین من أنّه کیف أجاز الإسلام ضرب النساء وهذا أمر مخالف لحقوق الإنسان؟ هذا مضافاً إلى أنّ النشوز قد یکون من ناحیة الرجال فکیف لم یرخّص للنساء ضربهم؟
والجواب عنه ظاهر لأنّهم صرّحوا بأن لا یکون الضرب مبرحاً ولا مدمیاً ولا سبباً للإسوداد ولا للإحمرار ولو کان ذلک وجب فیه الدیة، بل فی غیر واحد من روایات الباب أنّ الضرب یکون بالسواک، ومن المعلوم أنّه لا یمکن الضرب بالسواک(1) فالظاهر أنّه کنایة عن الحدّ الأقلّ للضرب.
ثمّ إنّه یکون نوع تعزیر لمن تخلّف عمّا یجب علیه من الحقوق الزوجیة بعد إتمام الحجّة وطىّ المراحل الأخرى وعدم الجدوى فیها، وأیّ مانع من أن یجعل التعزیر هنا بید الزوج.
وأمّا عدم ترخیص ذلک للنساء بالنسبة إلى ضرب الرجال فالوجه فیه واضح; لأنّ النساء غالباً لایقدر على ذلک، وقد یکون سبباً لمشاکل کثیرة، والحکم تابع للأعمّ الأغلب.
وسیأتی فی المسألة الآتیة أنّ تعزیر الرجل الناشز یکون بید الحاکم الشرعی بعد رفع أمرها إلیه، فلایکون فرق بینها فی هذه الجهة.
هذا کلّه مع ما صرّحوا به بأنّ الضرب إنّما یکون بما یؤمّل معه إصلاح أمرها، فلو لم یکن الضرب سبباً لذلک فلا یجوز. فلو ثبت أنّ الضرب فی بعض الأمکنة أو الأزمنة لا یفید شیئاً، بل یزداد الشقاق والبغضاء فلا یجوز; لما عرفت من أنّ الغرض منه الرجوع إلى أداء الحقوق، فتدبّر جیّداً والله العالم.


(1). راجع جواهر الکلام 31 : 206.
 


 

هذا هو القسم الثانی من النشوز; القول فی النشوز
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma