ترتیب وجوب الإنفاق ترتیب وجوب الإنفاق

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
انوار الفقاهة - کتاب النکاح-3
وللمسألة صورتان:وأمّا الفروع

أقول: قد ذکر أصحابنا المتأخّرون هذه المسألة، وأطنبوا فیها، مع عدم الحاجة إلى هذا الإطناب، وقد أجاد المحقّق(رحمه الله) فی «الشرائع» حیث لخّصها کما یلی: «تجب نفقة الولد على أبیه، ومع عدمه أو فقره، فعلى أب الأب وإن علا; لأنّه أب، وإن عدمت الآباء فعلى اُمّ الولد، ومع عدمها أو فقرها فعلى أبیها واُمّها وإن علوا; الأقرب، فالأقرب، ومع التساوی یشترکون فی الإنفاق»(1).
ویظهر من مجموع کلماتهم اُمور:
الأوّل: أنّ الأب مقدّم على الاُمّ; حتّى الأجداد البعیدة للأب.
الثانی: أنّ اُمّ الاُمّ واُمّ الأب وهکذا أب الاُمّ، کلّهم فی الرتبة بعد الأب سواء، فإذا وصلت النوبة إلى الاُمّ، لم یکن فرق بین اُمّ الأب، وأب الاُمّ، وغیره.
الثالث: أنّ اللازم فی جمیع هذه المراتب، هو الأخذ بالأقرب فالأقرب; أی الأخذ بالأقرب فالأقرب من ناحیة الأب، وثمّ بعد ذلک الأخذ بالأقرب فی ناحیة الاُمّهات من طریق الأب أو الاُمّ; حتّى أنّ أبا الاُمّ واُمّ الأب سواء.
الرابع: أنّهم إذا کانوا فی رتبة واحدة ـ أی کلّهم من النسل الأخیر، أو ما قبل الأخیر، أو قبله ـ یشترکون فی أداء النفقة، هذا.
ولکن ذکر هذه المراتب وما یتفرّع علیها، إنّما یصحّ على قول المشهور من التعدّی من الأب إلى الجدّ، ومن الاُمّ إلى الجدّة، ومن الابن إلى ابن الابن. وقد عرفت أنّهم ادّعوا الإجماع على جمیع ذلک، وممّن ادّعى الإجماع ـ إجمالا ـ هو صاحب «الریاض» حیث قال: «وکیف کان فهو» أی الإجماع «العمدة فی الحجّیة»(2). وهکذا السیّد السند فی «نهایة المرام»(3).
وقال صاحب «الحدائق»: «إنّ کثیراً من المتأخّرین، لم یتعرّضوا لحکم الآباء والاُمّهات من قبل الاُمّ» ثمّ قال: «لم أقف فی النصوص على ما یتضمّن هذا الحکم; أعنی حکم الاُمّ وآبائها واُمّهاتها، والظاهر أنّ هذا من تخریجات الشیخ(رحمه الله)»(4).
وقال فی «الجواهر» ـ بعد ذکر کلام المحقّق إلى قوله: «الأقرب فالأقرب» ـ «بلا خلاف أجده فی شیء من ذلک، بل عن جماعة الإجماع علیه»(5).
نعم، أورد على المحقّق: بأنّه لم یذکر حکم الآباء والاُمّهات من قبل اُمّ الأب.
ولکنّ الظاهر أنّه لا یفرّق بین اُمّ الأب، واُمّ الاُمّ.
وکیفما کان: فالظاهر أنّه لم یرد نصّ خاصّ فی المسألة، ولکنّ الأصحاب استدلّوا لها باُمور لا یمکن الاکتفاء بها:
منها: الإجماع، والظاهر أنّه مدرکی لا یمکن کشف قول المعصوم منه.
ومنها: آیة اُولی الأرحام المذکورة فی سورتین: سورة الأنفال، وسورة الأحزاب، قال الله تعالى فی سورة الأحزاب: (النَّبِىُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِینَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَأُولُوا الاَْرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْض فِى کِتَابِ اللهَ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ وَالْمُهَاجِرِینَ إِلاَّ أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِیَائِکُمْ مَعْرُوفاً)(6).
والظاهر أنّها ناظرة إلى حکم الإرث، فقیاس باب النفقات علیه قیاس مع الفارق.
هذا مضافاً إلى أنّها لا تدلّ على ما هو المعروف فی الألسنة والأذهان; من أنّ التوارث بین الأرحام یکون بالأقربیة، فیرث الأقرب، فالأقرب، بل المراد منها أنّ توارث اُولی الأرحام بعضهم من بعضهم، أولى من غیرهم من الأجانب، فقد کانوا فی أوّل الإسلام وقبله فی الجاهلیة، یتوارثون أیضاً بالإخاء، والمعاقدة، وفی الإسلام بالهجرة، فنزلت الآیة، ونفت جمیع ذلک، جاعلة الإرث بین اُولى الأرحام. والشاهد على هذا ذیل الآیة.
ولنعم ما قاله المحقّق الطبرسی فی تفسیره: «معناه: ذوو الأرحام والقرابة، بعضهم أحقّ بمیراث بعضهم من غیرهم، عن ابن عبّاس، والحسن، وجماعة من المفسّرین، وقالوا: صار ذلک نسخاً لما قبله من التوارث بالمعاقدة، والهجرة، وغیر ذلک من الأسباب، فقد کانوا یتوارثون بالمؤاخاة... ولمّا ذکر سبحانه أنّ أزواج النبی(صلى الله علیه وآله)اُمّهات المؤمنین، عقّبه بهذا، وبیّن أن لا توارث إلاّ بالولادة والرحم»(7).
وقد ذکر فی سورة الأنفال(8) أیضاً ما یقرب من هذ(9).
فتحصّل: أنّ القرائن الحافّة بالآیة، تدلّ على أنّ الآیة لیست بصدد بیان مراعاة الأقربیة بین ذوی الأرحام، بل الآیة بصدد بیان أنّ ذوی الأرحام أولى من غیرهم. وبذلک تقدر على إصلاح کلمات جماعة کثیرة، فی الاستدلال بالآیة على مراعاة الأقربیة بین ذوی الأرحام فی أبواب الإرث، وفیما نحن فیه.
نعم، هناک روایات ذکرها فی «تفسیر البرهان» فی ذیل آیة الأنفال، وهی زهاء تسعة أحادیث، عدّة منها تدلّ على المعنى الأوّل، وعدّة منها على الثانی، مثل قصّة جبرئیل، وقصّة دلالتها على ولایة أمیرالمؤمنین(علیه السلام)(10) وقصّة عثمان(11).
ولکنّ العمل على ما هو ظاهر کتاب الله.
ومنها: ما رواه غیاث بن إبراهیم، عن أبی عبدالله(علیه السلام) قال: «اُتی أمیرالمؤمنین(علیه السلام)بیتیم، فقال: خذوا بنفقته أقرب الناس منه من العشیرة; کما یأکل میراثه»(12).
ویمکن المناقشة فیها ـ مع الغضّ عن سندها ـ : بأنّها غیر معمول بها; لأنّها تشمل الأعمام، والأخوال، وغیرهم، مع عدم القول به، وتخصیصها بخصوص الآباء والأبناء، لعلّه من تخصیص الأکثر، أو الکثیر المستهجن.
نعم، یمکن أن یقال: إنّ القول بالترتیب هو القدر المتیقّن من أدلّة وجوب الإنفاق.
أو یقال: إنّ الترتیب فی أمثال المقام ارتکاز عقلائی، ولذا أخذ به الأصحاب مع عدم وجود دلیل آخر.
بقی هنا شیء: وهو أنّه قد یقال فی موارد اتّحاد المرتبة والشرکة: بأنّ هنا طرقاً اُخرى لحلّ المشکلة; منها القرعة، أو تخییر المنفق علیه بالرجوع إلى کلّ واحد شاء، فلا وجه للتشریک; لعدم الدلیل علیه.
ولکنّ التشریک فی أمثال المقام ممّا هی من الأموال، حکم عقلائی، کما ذکرنا غیر مرّة، والله العالم.
هذا کلّه بالنسبة إلى الترتیب فی إنفاق الآباء والاُمّهات.
وأمّا إن کان المنفق هو الابن وابن الابن، والبنت وبنت البنت أو بنت الابن، وشبه ذلک، فالذی ذکره المصنّف ـ تبعاً للأصحاب ـ عدم الفرق بین الابن والبنت; فهما فی درجة واحدة، وکذا لافرق بین أبنائهما وبناتهما; أعنی ابن الابن، وبنت الابن، وهکذا بنت البنت، وابن البنت، وأمثالها، فکلّ من کانوا فی رتبة واحدة اشترکوا بالسویة، وإلاّ یؤخذ بالأقرب، فالأقرب.
ولکن یبقى الکلام فی أنّه لماذا یقدّم الأب على الاُمّ، ولایقدّم الابن على البنت؟
الظاهر أنّ دلیله قوله تعالى: (فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَکُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ)(13)، فإنّها تدلّ على تقدیم الأب على الاُمّ فی وجوب الإنفاق، ولیس مثل ذلک فی مورد الابن والبنت.
وأمّا إذا اشترک الأب والابن فی وجوب الإنفاق على الولد; بأن لم یقدر الولد على قوته، وکان أبوه موسراً، وکذلک ابنه أیضاً ـ من قبیل اجتماع الاُصول والفروع الذی ذکره المصنّف ـ فاللازم هنا أیضاً على مذهب المشهور، ملاحظة الأقرب فالأقرب، وعند المساواة یشترکان فی وجوب الإنفاق.
مثلا: إذا کان أب للفقیر، وابن ابن، أو ابن بنت، أو ما أشبه ذلک، وجب الإنفاق على الأب فقط.
ولو کان بالعکس; بأن کان للفقیر جدّ وابن، یکون الإنفاق على الابن.
ولو تساویا فی الرتبة; بأن کان للفقیر جدّ وابن ابن، أو ابن بنت، یتشارکان فی الإنفاق علیه بالسویة.
ولکن أشکل المصنّف فی آخر کلامه فیما إذا اجتمعت الاُمّ مع الابن أو البنت، ثمّ قال «والأحوط التراضی والتسالم على الاشتراک بالسویة».
ووجه الإشکال: أنّ الاُمّ متأخّرة عن الأب; لما عرفت، فیحتمل أن تکون متأخّرة عن الابن والبنت; لأنّهما فی مرتبة الأب، قال فی «الجواهر»: «وهو الأقوى» ـ أی تقدیم الابن والبنت على الاُمّ «لأنّه من کسبه، ولوجود ما یدلّ على عدم الوجوب على الاُمّ من الکتاب والسنّة، بخلاف البنت»(14); أی والابن.
ولکنّ الإنصاف: أنّه لاوجه للتأخیر; لما عرفت من أنّ وجه تأخیر الاُمّ عن الأب، هو ما ورد فی قوله تعالى: (فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَکُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ) وهو أجنبیّ عمّا نحن فیه، والله العالم.
هذا کلّه فی الترتیب من ناحیة المنفق.
وأمّا الترتیب من ناحیة المنفق علیه، فقد صرّح المصنّف بأنّه تجری فیه أیضاً قاعدة الأقرب، فالأقرب، فإذا کان عنده ما یکفی لجمیع أقاربه ـ أعنی أباه وأولاده، مضافاً إلى نفسه وزوجته ـ فلا کلام.
وأمّا إن لم یکفِ ما عنده لجمیع من وجبت نفقتهم من الأقارب، فیؤخذ بالأقرب، فالأقرب; فالإنفاق على الأب مقدّم على الجدّ، کما أنّ الإنفاق على الولد مقدّم على ولد الولد... وهکذا.
وإن کانوا فی رتبة واحدة ـ کالأب مع الابن ـ یقسم بینهم بالسویة إذا أمکن ذلک، وإلاّ فیقرع بینهم.
والحاصل: أنّ هذه المسألة ـ من أوّلها إلى آخرها، على طولها وتفصیلها، وکثرة فروعها، مع ما قد یتفرّع عنها من عشرات الفروع ـ تبتنی على قواعد ثلاث:
الاُولى: قاعدة الأقرب فالأقرب فی باب الإنفاق; استناداً إلى الإجماع، أو الآیة الشریفة، أو روایة غیاث، وأولى من الجمیع الارتکاز العرفی العقلائی فی أمثال المقام.
الثانیة: قاعدة الاشتراک عند التساوی فی المرتبة، وهی ترجع إلى قاعدة العدل والإنصاف فی الاُمور المالیة المعمول بها عند العقلاء، وربّما تکون منصوصة فی بعض الروایات.
الثالثة: قاعدة القرعة عند عدم إمکان المشارکة بالسویة، وهی قاعدة معروفة لکلّ أمر مشکل، فیؤخذ بجمیع هذه القواعد فی فروع المسألة، والله العالم.


(1). شرائع الإسلام 2 : 574.
(2). ریاض المسائل 10 : 549.
(3). نهایة المرام 1 : 487.
(4). الحدائق الناضرة 25 : 135.
(5). جواهر الکلام 31 : 381.
(6). الأحزاب (33): 6.
(7). مجمع البیان 7 : 530.
(8). الأنفال (8): 75.
(9). مجمع البیان 3 : 864.
(10). البرهان فی تفسیر القرآن 4 : 374 / 4.
(11). البرهان فی تفسیر القرآن 4 : 375 / 6.
(12). وسائل الشیعة 21 : 526، کتاب النکاح، أبواب النفقات، الباب 11، الحدیث 4.
(13). الطلاق (65): 6.
(14). جواهر الکلام 31 : 385.
 


 
 

وللمسألة صورتان:وأمّا الفروع
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma