الخاتمة: البلاغ المعنوی للشیعة
فهرست موضوعات
جستجو 
البلاغ المعنوی للشیعة الموجه للناس کافة، لایزید على جملة وهی «اعرفوا الله» وبتعبیر آخر، اسلکوا طریق معرفة الله کی تسعدوا وتفلحوا، وهذه هی العبارة التی قالها النبی الأکرم (ص) فی بدایة دعوته: «قولوا لا اله الا الله تفلحوا».
کی یتضح هذا البلاغ نقول مجملاً:
نحن البشر بحسب الطبع، نهوى الکثیر من مناحی الحیاة، ولذائذها المادیة، کالأکل والشرب والألبسة الفاخرة، والقصور والمناظر الخلابة والزوجات الحسناوات والأصدقاء المخلصین، والثروات الطائلة، اما عن طریق القدرة والسیاسة، والمقام واتساع السلطة والحکومة، او القضاء على کل ما یخالف مأربنا الذی نطمح الوصول الیه.
ولکننا ندرک جیداً مع ما أوتینا من فطرة الهیة، ان هذه الامور واللذائذ کلها خلقت لأجل الانسان، لا ان الانسان خلق لها، ویجب ان تکون هذه فی طلب الانسان، لا الانسان یسعى فی طلبها، واذا ما کان الهدف الغائی هو الغریزة والشهوات فهذا هو منطق الحیوانات والأنعام، وما القتل والفتک والاطاحة بسعادة الآخرین الا منطق الذئاب، واما منطق الانسان فیبتنی على العقل والعلم فحسب.
ان منطق العقل، والالتقات الى واقعنا، یدعونا الى اتباع الحق، لا اتباع هوى النفس، ان انواع الشهوات وحب الذات والأنانیة، تعتبر حسب منطق العقل الانسانی جزء من عالم الطبیعة ولیس لها أی استقلال، وعلى خلاف ما یتصوره الانسان من انه هو الحاکم للطبیعة والکون، ویظن ان الطبیعة الطاغیة یجب ان تکون اداة طیعة له.
ان منطق العقل یدعو الانسان الى التفکر والتعمق فی هذه الحیاة الغابرة کی یتضح ان الوجود وما فیه لم یکن لیوجد من تلقاء نفسه؛ بل ان الکون وما فیه یستلهم وجوده من منبع ومصدر غیر متناه.
ولکی یظهر جلیاً فان الجمال والقبح والکائنات الأرضیة والسماویة والتی تظهر بصورها الواقعیة المستقلة فی نظر الانسان، ما هی الا واقعیات تظهر الى الوجود بوجود واقعیات أخرى، وما ظهورها الا ظهور تلک الواقعیات ولیست واقعیتها من انفسها، وکما ان الواقعیات والقدرات العظیمة التی کانت تتمتع بالوجود أمس لم تصبح الا اسطورة، فکذلک الواقعیات الیوم ایضاً، والنتیجة ان کل شیء فی حدوده وعند نفسه لایتجاوز الاسطورة؟.
ان الله جل وعلا هو الواقعیة التی لاتزول، وکل ما فی الوجود یستمد وجوده منه، ولولا وجود الله لما ظهرت هی الى الوجود.
وعندما یتسلح الانسان بهذه المعرفة، عندئذ لایشاهد وجوده اکثر من فقاعة، فیرى ببصیرته ان العالم والعالمین، یرتکزان على وجود غیر محدود، وغیر متناه من حیث الحیاة والقدرة والعلم والکمال المطلق، وما ظهور الانسان وسائر ظواهر العالم الا نوافذ شتى، وکل حسب امکاناته یدل على العالم الأخروی وما وراء الطبیعة.
وعندها یفقد الانسان کل اصالة واستقلال لنفسه، وکذا کل کائن ویردها الى صاحبها الأصلی والأصیل، ویتصل القلب بالله الأحد، ولایستسلم لشیء سوى لعظمة الله تعالى وکبریائه.
وعندها یستقر الانسان تحت قدرة الله الخالق وهیمنته، فکل ما یتعرف علیها یعرفها مع الله تعالى، ویتصف بالاخلاق الفاضلة والأعمال الحسنة (الاسلام، والتسلیم للحق الذی هو الفطرة) برعایة الله وعنایته.
وهذه هی الدرجة الرفیعة والکمال الانسانی ومقام الانسان الکامل، أی مقام الامام، والذی قد وصل الیه وناله برعایة من الله تعالى وعنایته، والذین یسعون للوصول الى هذه المرتبة الرفیعة والکمال الشامخ، مع اختلاف فی درجاتهم یعتبرون التابعین الحقیقیین للامام.
ویتضح مما سبق، ان معرفة الله تعالى ومعرفة الامامة، لاتنفصلان، کما ان معرفة الله ومعرفة النفس لاتنفصل احداهما عن الأخرى، ان الذی عرف وجوده المجازی، سیکون عارفاً بوجود الله الغنی.
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma
آبی
سبز تیره
سبز روشن
قهوه ای