7. القضاء والقدر
فهرست موضوعات
جستجو 
ان قانون العلیة فی الکون، سار ومهیمن، بحیث لایقبل الاستثناء، ووفقاً لهذا القانون کل مظهر من مظاهر هذا العالم، یرتبط بعلل عند وجودها، (الاسباب والشروط اللازمة للتحقق)، ومع توفر کل تلک الشروط (والتی تدعى العلة التامة) یتحتم وجود تلک الظاهرة (المعلول المفروض). ولو فرضنا عدم تحقق تلک الاسباب کلها او بعضها، فانه یستحیل تحقق وجود تلک الظاهرة.
مع الامعان فی هذه النظریة، یتضح لنا موضوعان:
الاول: لو قدر ان نقارن بین ظاهرة «المعلول» مع العلة التامة بأجمعها، وکذلک مع الاجزاء لتلک العلة التامة، تکون النسبة بینها وبین العلة التامة، نسبة الضرورة (الجبر) ولکانت النسبة بینها وبین کل من اجزاء العلة التامة (والتی تعتبر علة ناقصة) نسبة الامکان، لأن جزء العلة بالنسبة الى المعلول یعطی امکان التحقق والوجود، ولایعطی ضرورة الوجود.
على هذا فالکون وجزء من اجزائه یستلزم علة تامة فی تحقق وجوده، والضرورة مهیمنة علیها بأسرها، وقد نظم هیکلها من مجموعة حوادث ضروریة وقطعیة، فمع الوصف هذا، فان صفة الامکان فی أجزائها (الظواهر التی ترتبط مع غیر العلة التامة لها) محفوظة.
فالقرآن الکریم فی بیانه یسمی هذا الحکم الضروری بالقضاء الالهی، لأن الضرورة هذه تنبع من وجود الخالق، ولهذا یکون حکماً وقضاءً عادلاً حتمیاً غیر قابل للتخلف، اذ لایقبل لاستثناء او التبعیض.
ویقول جل شأنه: «الا له الخلق والأمر1».
ویقول: «اذا قضى امراً یقول له کن فیکون2».
ویقول: «والله یحکم لا معقب لحکمه3».
الثانی: ان کلاً من اجزاء العلة، لها مقدارها الخاص بها تمنحها الى المعلول، وتحقق المعلول وظهوره یطابق مجموع المقادیر التی تعینها العلة التامة، فمثلاً العلل التی تحقق التنفس للانسان، لاتحقق التنفس المطلق، بل یتنفس الانسان مقداراً معیناً من الهواء المجاور لفمه وأنفه وفی زمان ومکان معینین، ووفق طریقة معینة، ویتم ذلک عن طریق مجرى التنفس، حیث یصل الهواء الى الرئتین، وهکذا الرؤیة والابصار، فان العلل الموجودة لها فی الانسان (والذی هو جزء منها) لم تحقق ابصاراً من دون قید او شرط، بل یحقق ابصاراً معینا من کل جهة، بواسطة الوسائل اللازمة له، وهذه الحقیقة ساریة فی کل ظواهر الطبیعة، والحوادث التی تتفق فیها لاتتخلف.
والقرآن الکریم یسمی هذه الحقیقة ب«القدر» وینسبها الى خالق الکون ومصدر الوجود، بقوله تعالى: «انا کل شیء خلقناه بقدر»4.
ویقول: «وان من شیء الا عندنا خزائنه وما ننزله الا بقدر معلوم»5.
وکما ان کل ظاهرة وحادثة فی نظم الخلقة تعتبر ضروریة الوجود وفقاً للقضاء الالهی، ویتحتم وجوده، فکذلک وفقاً للقدر فان کل ظاهرة او حادثة عند تحققها لاتتخلف عن المقدار المعین لها من قبل الله تعالى.
-------------------------------------------------------------------------
(1) سورة الاعراف الآیة 54.
(2) سورة البقرة الآیة 117.
(3) سورة الرعد الآیة 41.
(4) سورة القمر الآیة 49.
(5) قال ابو عبد الله (ع): ان الله اذا اراد شیئاً قدره واذا قضاه امضاه. البحار ج3: 35.
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma
آبی
سبز تیره
سبز روشن
قهوه ای