شدّ الرحال لا یکون إلاّ للمساجد الثلاثة
FehrestMozoei
البحث 

یذکر التاریخ الإسلامی أنّ المسلمین لقرون عدّة کانوا یشدّون الرحال لزیارة النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله) ولم یکن لدى أحد مشکلة.

حتى جاء دور (ابن تیمیة) فی القرن السابع فقام بمنع أتباعه من هذا العمل وقال: إنّ شدّ الرحال لا یکون إلاّ إلى مساجد ثلاثة، ویمنع فی غیرها، واستدل هذه المرّة بحدیث عن «أبی هریرة».

یقول أبو هریرة: إنّ النبی(صلى الله علیه وآله) یقول: «لا تُشَدّ الِّرحال إلاّ إلى ثَلاثَةِ مَسَاجِدَ، مَسْجِدی هَذا والمَسْجِد الحَرَام والمَسْجِد الأقصى»(1).

والحال أولاً: إنّ موضوع الحدیث متعلق بالمساجد لا بزیارة أی مکان آخر، وعلى هذا یکون مفهوم الحدیث أنّه لا تشدّ الرحال لأی مسجد إلاّ إلى هذه المساجد الثلاثة.

ثانیاً: نقل هذا الحدیث بصیغة أخرى حیث لا توجد فیه أی دلالة على مقصودهم وهو: «تُشَدُّ الرِّحال إلى ثلاثة مَسَاجِدَ»(2).

وفی الحقیقة هو نوع من الترغیب لهذا العمل، من دون أن ینفی بقیة الموارد، وفی الاصطلاح «إنّ إثبات الشیء لا ینفی ما عداه».

فإذا لم یعلم النص الأصلی للحدیث بأنّه على الصیاغة الأولى أم الصیاغة الثانیة، یکون الحدیث مجملاً، وغیر قابل للاستدلال به.

وقد یقال إنّه جاء نص آخر فی نفس الکتاب وهو: «إنّما یسافر إلى ثلاثة مساجد...»(3).

وعلى هذا یکون شدّ الرحال جائز للمساجد الثلاثة فقط!

والجواب على هذا النقد واضح:

أولاً: هناک إجماع من الأمّة على جواز السفر لمقاصد عدّة سواء کان دینیاً أو غیر دینی. والسفر لا ینحصر بالسفر إلى المساجد الثلاثة، وبالنتیجة یکون هذا الحصر بحسب الاصطلاح «حصراً إضافیاً» وهو یعنی أنّ شدّ الرحال یکون للمساجد الثلاثة من بین بقیة المساجد.

ثانیاً: إنّ نص الحدیث مختلف فلا یعلم ما هو الواقع، فهل هو الأول أم الثانی أم الثالث؟ ویستبعد أنّ یعبر النبی(صلى الله علیه وآله) عن هذا الأمر بعبارات ثلاث، والظاهر أنّ رواة الأخبار نقلوا الحدیث بالمعنى، وعلیه یکون هذا الحدیث محفوفاً بالإبهام، ومع إبهام الحدیث یسقط الاستدلال به عن الاعتبار.


1. صحیح مسلم، ج 4، ص 102 . 
2. نفس المصدر، ص 126 .
3. صحیح مسلم، ج 4، ص 126 .
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma
آبی
سبز تیره
سبز روشن
قهوه ای