الذرائع التی یقدمها الوهابیون
FehrestMozoei
البحث 

الذریعة الأولى: یجب ألاّ تتخذ القبور مساجد:

تارة یقولون: إنّ البناء على القبور یؤدّی بالنتیجة إلى عبادتها والحدیث النبوی شاهد على عدم جواز ذلک: «لَعنَ اللهُ الیَهودَ اتّخَذُوا قُبورَ أنْبِیَائِهِمْ مَساجِدِ»(1)، ولکن هذا الأمر واضح لجمیع المسلمین، فلا یوجد أحد یقوم بعبادة قبور أولیاء الله. وهناک فرق بیِّن وواضح بین «الزیارة» و«العبادة»، فکما نذهب لزیارة الأحیاء ونقدم الاحترام للکبار ونطلب منهم الدعاء، نذهب لزیارة الأموات احتراماً لزعماء الدین وشهداء الإسلام، ونطلب منهم الدعاء.

فهل هناک عاقل یقول: إنّ زیارة العظماء فی حیاتهم بالصورة التی ذکرت تکون عبادة، وشرکاً وکفراً؟ وزیارتهم بعد وفاتهم کذلک أیضاً؟

فنبی الإسلام(صلى الله علیه وآله) کان یذهب لزیارة قبور البقیع، وهناک روایات کثیرة موجودة فی مصادر أهل السنّة تشیر إلى ذلک.

لعن الله الیهود بسبب اتخاذهم قبور الأنبیاء مساجد، لکن لا یوجد أی مسلم قد اتخذ أی قبر مسجداً.

والملفت للنظر أنّ قبة مرقد النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله) تشق عنان السماء بجانب المسجد النبوی، وجمیع الشعوب المسلمة وحتى الوهابیون یصلّون الفرائض الواجبة فی خمسة أوقات فی الروضة المقدّسة التی تقع بجوار المسجد النبوی والمتصلة به، ویصلُّون الصلوات المستحبة فی أوقات أخرى.

فهل یعد هذا عبادة للقبور وحراماً؟ أو أنّ القبر الطاهر للنبی(صلى الله علیه وآله)مستثنى من ذلک، فهل أدلة الشرک وحرمة عبادة غیر الله قابلة للاستثناء؟!

فزیارة القبور لا علاقة لها بالعبادة یقیناً، ولا یوجد أی إشکال فی الصلاة بجوار قبر النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله) وقبور سائر الأولیاء، والحدیث المذکور ناظر إلى هؤلاء الذین یعبدون القبور واقعاً.

فالذین یعرفون زیارة الشیعة فی العالم لقبور أئمتهم(علیهم السلام) یعلمون أنّهم یتوجهون للقبلة عندما یرتفع صوت المؤذن لإقامة الصلوات الواجبة جماعة، ویبدأون بالتکبیر عندما یریدون الزیارة وبعد الانتهاء یصلّون رکعتین استحباباً باتجاه القبلة، حتى یتضح أن العبادة هی لله خاصة ابتداءً وانتهاءً.

ولکن للأسف ولأجل دوافع خاصة أصبح باب التهمة والکذب والافتراء مفتوحاً، حیث قامت الأقلیة الوهابیة باتهام جمیع مخالفیها بأنواع التهم المختلفة.

وأفضل محمل على الصحة هو أن نقول: إنّهم غیر قادرین على تحلیل المسائل بشکل صحیح; بسبب ضحالة مستواهم العلمی، ولم یتمکنوا من إدراک حقیقة الشرک والتوحید، ولا یعرفون الفرق بین الزیارة والعبادة بشکل دقیق.

الذریعة الثانیة:

نقلوا حدیثاً عن صحیح مسلم: أنّ أباالهیّاج روى عن النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله)هذه الروایة: «قال لی علی بن أبی طالب: ألا أبعثک على ما بعثنی علیه رسول الله، ألاّ تدع تمثالاً إلاّ طمسْته ولا قبراً مشرفاً إلاّ سوّیته»(2).

وبسبب الفهم الخاطئ لبعضهم للحدیث رفعوا معاولهم ودمّروا جمیع قبور عظماء الإسلام باستثناء القبر الطاهر للنبی(صلى الله علیه وآله) وقبر الخلیفة الأول والثانی الموجودین بجوار قبر النبی(صلى الله علیه وآله) حیث ترکوها على حالها، ولا یوجد أی دلیل على هذا الاستثناء.

ولکن یرد على هذا الحدیث أمور: أولاً: إنّ فی سند هذا الحدیث أشخاصاً غیر موثقین من قبل رجال أهل السنّة، وبعضهم کان من أهل التدلیس وبالخصوص «سفیان الثوری» و«ابن أبی ثابت».

ثانیاً: وعلى فرض کون الحدیث صحیحاً، فإنّ معناه أن یکون القبر مسطحاً (على شکل ظهر السمکة کما کان الکفّار یعملون ذلک)، وهناک الکثیر من فقهاء أهل السنّة أفتوا بوجوب کون القبر مسطحاً، ولا علاقة لهذا الأمر بما نحن فیه.

ثالثاً: على فرض کون معنى الحدیث أنّه یجب أن یکون القبر على مستوى سطح الأرض لا بروز فیه. وهذا الموضوع لا علاقة له بالبناء على القبور، لنفرض أنّ هناک حجراً على قبر النبی(صلى الله علیه وآله) یوازی سطح الأرض، وفی الوقت نفسه توجد قبة فوق ضریحه ـ کما نراها الیوم ـ فلا منافاة مع الحکم المذکور.

کما أننا نقرأ فی القرآن المجید أیضاً عندما انکشف سر الکهف، فقال الناس لنبنی على قبورهم، وبعدها قالوا: (قَالَ الَّذِینَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَیْهِم مَّسْجِدًا)(3).

فالقرآن المجید ذکر القصّة ولم یعترض علیهم، وهذا یعنی أنّه لا مانع من بناء المسجد بجوار قبور العظماء.


1. صحیح البخاری، ج 1، ص 110. وجاء فی صحیح مسلم، ج2، ص 67. أیضاً بإضافة «النصارى». 
2. صحیح مسلم، ج 3، ص 61. ونقل فی مصادر أخرى لأهل السنّة. منها: مسند أبی یعلى، ج 1، ص 455، دارالمأمون للتراث.
3. سورة الکهف، الآیة 21.
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma
آبی
سبز تیره
سبز روشن
قهوه ای