الطریق الأمثل للحل
FehrestMozoei
البحث 

إنّ هذه الأقوال المختلفة والمتعارضة تجبر الإنسان على المطالعة الجدیة، وإلاّ فما هو الداعی لهذا القدر من التناقض فی الروایات، ولماذا ینتخب کل محدّث أو فقیه رأیاً خاصاً به؟

وکیف یمکن الجمع بین هذه الروایات المتعارضة؟

ألا یکون هذا الکم من الاختلاف دلیلا على أنّ هذه المسألة المطروحة حساسة سیاسیاً، ممّا أدى إلى تحریک بعض واضعی الحدیث لوضع بعض الأحادیث، باستغلال بعض أسماء أصحاب رسول الله(صلى الله علیه وآله)وأتباعه، ونسبتها لهم، وهم بالتالی ینقلون عن النبی(صلى الله علیه وآله) أنّه قال کذا وکذا.

إنّ المسألة السیاسیة لیست إلاّ ما قاله الخلیفة الثانی «متعتان کانتا مشروعتین فی عهد رسول الله(صلى الله علیه وآله) وأنا أنهى عنهما،متعة الحج ومتعة النساء».

وهذا الحدیث له نتائج سلبیة عجیبة، فإذا استطاع آحاد الأمّة أو الخلفاء أن یغیروا الأحکام الإسلامیّة بشکل صریح، ـ ولا یوجد دلیل على اختصاص هذا الأمر بالخلیفة الثانی ـ فالآخرون أیضاً من حقّهم أن یجتهدوا فی مقابل نص النبی(صلى الله علیه وآله)، وسیؤدّی هذا إلى حصول الفوضى والاختلاف العجیب فی الأحکام الإسلامیّة، فهناک واجبات ومحرمات، ولکن مع مرور الزمان لا یبقى من الإسلام شیء.

واضطروا لتفادی الآثار السلبیة لهذا الأمر أن یوظفوا مجموعة لتقول: إنّ تحریم المتعتین کان فی عصر النبی(صلى الله علیه وآله)، ووضعوا أحادیث ونسبوها إلى صحابة النبی(صلى الله علیه وآله)، وبسبب عدم واقعیتها وقع بینها التناقض والتضاد وانکشف الأمر.

وإلاّ کیف یمکن أن یفسّر کل هذا التناقض والتضاد فی الروایات، حتى إنّ بعض الفقهاء ولأجل الجمع بینها قال: «کانت المتعة مباحة لفترة، وبعد ذلک حرّمت، ثم أبیحت، ثم حرّمت»!!

فهل أصبحت الأحکام الإلهیّة لعباً ولهواً؟!

وإذا تجاوزنا کل هذا، نقول: إنّ إباحة المتعة فی عصر النبی(صلى الله علیه وآله) کانت للضرورة حتماً، وهذه الضرورة قد تحصل فی العصور اللاحقة أیضاً، وخصوصاً فی عصرنا الحاضر إن لم تکن أشدّ، فلماذا تصبح حراماً؟ وهذه الضرورة تشمل بعض الشبّان أو المسافرین إلى بلاد بعیدة وبخاصة بلاد الغرب سفراً طویلاً.

ولم یکن الوضع فی العالم الإسلامی فی ذلک الزمان بهذه الصورة المهیجة، فلم توجد النساء السافرات وغیر المحجبات والأفلام السیئة فی التلفاز والإنترنت والصحون اللاقطة للمحطات الفضائیة والمجالس المفسدة والإعلام المضلل الذی یؤثر على الکثیر من الشبّان مورداً للإبتلاء.

فهل یمکن القبول بهذا الکلام: بأنّ المتعة کانت مباحة فی ذلک العصر لضرورة ثم تحرم تحریماً أبدیاً؟

وإذا تجاوزنا هذا أیضاً، ولنفرض أنّ هناک مجموعة کثیرة من فقهاء الإسلام ترى حرمة الزواج المؤقت، وهناک مجموعة أخرى أیضاً ترى حلّیته، وإنّ المسألة خلافیة، فإذاً لیس من اللائق أن یتهم من یقول بالحلّیة مخالفیه بأنّهم غیر ملتزمین بالأحکام الدینیة، وکذلک أن یتهم المحرّمون من أباحها بإشاعة الزنا ـ والعیاذ بالله ـ . بماذا سیجیبون الله یوم القیامة؟

وأقصى ما یمکن قوله فی هذا الموضوع: إنّه اختلاف فی الاجتهاد.

قال الفخر الرازی فی تفسیره وبعصبیة خاصة فی هذا النوع من المسائل: «ذهب السواد الأعظم من الأمّة إلى أنّها صارت منسوخة، وقال السواد منهم أنّها بقیت کما کانت»(1)، وبعبارة أخرى:إنّ المسألة خلافیة.

وهنا نختم بحث الزواج المؤقت، ونأمل من الجمیع أن لا یحکموا قبل البحث، ولا ینسبوا الأقوال بشکل غیر صحیح، فلابدّ من إعادة البحث والتدقیق ثم الحکم، وسیطمئنوا بأنّ المتعة مازالت حکماً إلهیّاً، ومع مراعاة الشروط ستحلّ الکثیر من المشاکل یقیناً.


1. التفسیر الکبیر للفخر الرازی، ج 10، ص 49 .
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma
آبی
سبز تیره
سبز روشن
قهوه ای