تخمين زمن المطالعة:1 الدقيقة
13/ فلسلفة البلايا
الخلاصة : الجواب:
حسب علمنا و شهادة الکتب التي ورثناها من أسلافنا العلماء، إنّ هذه الأسئلة کانت و ما زالت تدور في أذهان بعض أفراد البشر ـ خاصةً عند وقوع مثل هذه الحوادث تنشغل أفکار و أذهان هؤلاء أکثر من ذي قبل ـ، حتى أنّ تاريخ العقائد و الأديان يثبت أنّ عدم الحصول على الاجابة الشافية و الواقعية لهکذا أسئلة أدى أحياناً الى الانسياق وراء «العقيدة المادية» و «الالحاد» و الاعراض عن أصل «التوحيد و معرفة الله»; لأنّهم نتيجةً للمطالعة السطحية و اصدار الاحکام المستعجلة أثناء و وقوع هذه الحوادث يرونها بشکل مرعب و مکروه، و يعبرون عنها أحياناً بغضب الطبيعة و خصامها! في الوقت الذي نستنتج غير ذلک لو نظرنا الى شکلها الواقعي بنظارة العقل و الفکر.
الشرح:
حکمنا على النفع و الضرر للأشياء نسبي دائماً، و نعتبر ما ينفعنا حسناً و مفيداً، و ما يضرنا سيو مضر، و لا نلتفت أبداً الى أنّ الحادثة الفلانية التي ترکت أثراً سيئاً علينا تمتلک آثاراً مثمرةً في الوقت الذى تعتبر دواءاً شافياً بحق الآخرين و بالعکس... لکن هل يمکن أن يکون نفعنا و ضرنا ملاکاً لجودة وردائة الشي الموجود أو الحادثة المعينة، أو يجب أن نأخذ بنظر الاعتبار و قبل إصدار الحکم النهائي مجموع تأثير هذه الحادثة من جميع الجهات و نطالعها بصورة عمومية؟
إلتفتوا الى المثال التالي البسيط لا تضاح هذه الحقيقة:
عندما يهطل المطر الشديد فستکون له فوائد و أضرار قطعاً، و يختلف حکم الناس على ذلک، فالأشخاص الذين تهمدت بيوتهم أو تلفت مزارعهم من جراء السيل يتضرعون و يقولون: لا أعرف لماذا أصابني هذا البلاء فجأةً!
و يقول الآخرون الذين يشکون نقص الماء في حدائقهم و مزروعاته هم قد أدت هذه الأمطار الى امتلاء أنهارهم و قنواتهم: بخ بخ! ما أعظمها من نعمة، لقد شملنا الله تعالى بألطافه.
لکن لو نظر الى مجموع تأثير هذه الأمطار لسميت جميعها «أمطار الرحمة» لا غضب الطبيعة. بالاضافة الى أنّ بعض البلايا نعمة کبيرة لکنّنا نغفل عن حقيقتها; مثلا بعض الأوبئة و الأمراض التي تصيب الانسان مرةً واحدةً في عمره، فانّ من جملة آثارها أنّها توجد مناعةً دائمةً لدى الشخص بعدم إصابته بذلک الوباء أو ما يشبهه.
اذا نظرنا الى لحظة الابتداء و الاصابة، فسوف نسمي ذلک بلاءاً بينما لوأخذنا آثاره على تمام العمر بنظر الاعتبار فسنعتبره نعمةً قطعاً.
العلة الأخرى لوقوع البلايا إدارک وجود النعم.
لا يمکن إنکار أنّنا نسبح في بحر من النعم و المواهب الالهية، لکننّا لا نشعر بوجود أغلب تلک النعم; إلاّ إذا سلبت تلک النعمة منا بصورة مؤقتة. تصوروا لو لم يوجد مريض فى العالم فکيف نستطيع أن ندرک أنّ السلامة و الصحة نعمة کبيرة! أو اذا لم يوجد الظلام، کيف يمکننا أن نفهم أنّ الأمواج الضوئية للشمس التي تغطي ربوع العالم في النهار نعمة عظيمة و ثمينة! اذا لم تهتز الأرض ـ مهد الحياة ـ قليلا تحت أرجلنا بين الفينة و الأخرى هل کنا نعلم معنى استقرار الأرض! و اذا لم يحصل القحط و الجدب أحياناً هل کان من الممکن أن نلتفت الى الدور الرئيسي للأمطار في حياتنا!.
بناءاً على هذا، لکي يدرک البشر نعم و مواهب الحياة اللامتناهية و يلتفت إليها و يشکر و يثني على الله تعالى الواهب لها، يقع تغيير بسيط فيها بين الحين و الآخر ليوقفنا على هذه الحقيقة العظيمة و القيمة. نحن نطلق لفظ «البلاء» على هذه التغييرات البسيطة و المؤقتة.
مع الالتفات الى هذه النقطة، ألا يکون هذا البلاء درساً تعليمياً للمجتمع الانساني، و هل من العجيب أن
نطلق عليه و نسميه « نعمة کبيرة».
أما لماذا تحدث هذه البلايا في بعض نقاط العالم... و لماذا تصيب بعض الناس فقط...؟
يجب الالتفات الى أنّ للبلايا منشأ طبيعى أيضاً، أينما توفرت الشروط و الظروف المناسبة يقع البلاء.
أحد أدلة نزول البلاء ـ کما جاء في بعض الروايات أيضاً ـ شيوع بعض الکبائر من الذنوب بين الناس; نقرأ في دعاء کميل: «اللهم اغفر لي الذنوب التي تغير النعم، اللهم اغفرلي الذنوب التي تنزل البلاء!».
يقول القرآن الکريم أيضاً: «واتقوا فتنةً لا تصيبنّ الذين ظلموا منکم خاصةً»
السؤال:
عند ما تقع حوادث من قبيل الزلازل و السيول يسأل بعض الناس أنفسهم أسئلةً من هذا القبيل: «لماذا تحرق الزلازل و السيول و الأوبئة افتاکة و أمثالها ممتلکات البعض بين الحين و الآخر؟» «لماذا تقع هذه الحوادث في بعض الأماکن بينما تسلم الأماکن الأخرى من ذلک؟» «ما هي فلسفة نزول هذه الآفات و البلايا؟» لماذا و لماذا و...
لا يوجد تعليق