تخمين زمن المطالعة:1 الدقيقة
1-حکمه التکليفي
الخلاصة : وأنتم أيها الاعزاء اجدد وصيتي لکم بالأصول الثلاثة التي هي رمز التوفيق والتقدم، وهي عبارة عن: النظم ـ الهمة والنشاط ـ الاخلاص. اسعوا على ان تکون برامجکم منظمة، في الليل وفي النهار، نظموا دروسکم ومطالعاتکم ومباحثاتکم وکتاباتکم وتدريسکم وعباداتکم، فتنظيم البرنامج يضاعف لمرات برکة وقت الانسان، في الوقت الذي عطاء الوقت وبرکته تقلان جداً مع عدم التنظيم.
کما ينبغي ان تکون الهمة عالية وجدية من اول يوم تشرع فيه الدروس، فينبغي الحضور في اول وقت الدرس وأول وقت المباحثة وأول وقت المطالعة، وأن نملک الهمة والنشاط والسعي الدؤوب وعدم الاحساس بالتعب والملل، خصوصاً مع الالتفات الى ان نسبة ايام الدرس الى ايام التعطيل هي الثلث تقريباً، اذاً يجب ان نواصل السعي لانجاز اعمالنا وان تکون برامجنا منظمة.
والأصل الثالث هو الاخلاص، کلما زاد خلوص النية زاد النمو والرشد،کما في الحديث المعروف ـ ظاهراً ـ عن النبي محمد (ص): (ماکان لله ينمو)، وکالشجرة الطيبة التي يتحدث عنها القرآن الکريم {أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أکلها کل حين بإذن ربها} ـ سورة ابراهيم، الآية 24 ـ 25 ـ يجب ان نخلص نياتنا فندرس لأجل الله ونعمل لأجل الله ونبلغ لأجل الله ونتکلم لأجل الله ونکتب لأجل الله، فمع الاخلاص يتقدم العمل بسرعة.
تحديد مورد البحث
وبالنسبة للمبحث الذي اخترناه هذه السنة فان مقداراً غير کثير من بحث الديات قد بقي من السنة الماضية، وقلنا بأن السادة الکرام يمکن لهم ان يکملوه بالمطالعة، ولذا فقد انتخبنا مبحث النکاح وملحقاته، والذي هو مورد ابتلاء شديد وفيه مسائل مستحدثة کثيرة في عصرنا لابد من حلها والاجابة عنها، والا فان مشاکل حياة الناس سوف تزداد کثيراً، وايضاً کما في السابق انتخبنا متن کتاب تحرير الوسيلة، وکما تعلمون فان تحرير الوسيلة هو في الاصل کتاب وسيلة النجاة للمرحوم آية الله السيد ابو الحسن الاصفهاني، والذي کان فقيهاً عالي الذوق وحسن السليقة ومحيطاً بالمسائل العلمية، کما وأنه کان في زمانه المرجع العام للشيعة في العالم.
والامام الخميني (قدس) لاحظ وسيلة النجاة فزاد عليها بعض المطالب وحذف منها مطالب اخرى وبعبارة أخرى أعاد صياغة بعض مواردها وتنظيمها حتى صارت على ما هي عليه الآن وسماها بتحرير الوسيلة.
أما لماذا نحن انتخبنا تحرير الوسيلة ولم نعتمد الکتب القديمة کالشرائع وامثالها على الرغم من کونها کتباً قيمة وجيدة فلأنها تحتوي على کثير من المسائل التي ليست محلاً للابتلاء في زماننا، وبالمقابل فان تحرير الوسيلة تلبي حاجاتنا الاساسية وکما يقول اهل زماننا فهي کتاب عملي بخلاف بعض الکتب القديمة حيث يستفاد منها في عصرنا من ناحية علمية لا من ناحية عملية أو الاجابة على المسائل والحاجات.
التوصية بمراجعة بعض الکتب المهمة
وأرى من اللازم اليوم ان أوصي حضرات السادة بأن لا يسنوا في مطالعاتهم على الدرس اربعة کتب:
1ـ جواهر الکلام ـ المجلد 29، فلا تترکوا مباحثته. والعمل الفردي لا ينتج ولذا أوصيکم بالمباحثة، وتقدموا في مباحثتکم على موضع الدرس، وأيضاً اطرحوا مطالب الدرس في المباحثة ودققوا في المسائل.
2ـ کتاب الحدائق ـ المجلد 23، حيث انه کتاب من حيث التتبع واسع جداً.
3ـ کتاب المسالک للشهيد الثاني.
4ـ کتاب رياض المسائل للمرحوم العلامة السيد علي.
والکتابان الاخيران رغم اختصارهما هما من الکتب الدقيقة والمليئة بالنکات.
فعلى الاقل راجعوا هذه الکتب الاربعة، بالاضافة الى کتاب المستمسک للمرحوم السيد الحيکم (قدس)، حيث أنه في المجلد (12) من الکتاب المذکور يتعرض لمباحث کتاب النکاح، وقد کان (قدس) من الفقهاء اصحاب الذوق الرفيع.
ونحن إذا وجدنا أنه في العروة الوثقى يتعرض لنکات غير موجودة في تحرير الوسيلة فسوف نذکرها ان شاء الله مضافاً الى نکات تحرير الوسيلة.
وبالنسبة للاحاديث فسوف نرجع الى کتابي وسائل الشيعة أو مستدرک الوسائل ان شاء الله.
فمطالعاتنا ان شاء الله سوف تکون جامعة وشاملة لنخرج کذلک بنتائج جامعة وشاملة.
مقدمة البحث
يوجد سلسلة من المسائل السهلة في اول کتاب النکاح يتعرض فيها للمستحبات والمکروهات والآداب والسنن، وهذه المسائل لابد من أن نطويها بسرعة، وذلک کما فعل المرحوم السيد الحکيم في المستمسک حيث بدأ شرحه من المسألة (26) من العروة الوثقى، وأما المسائل الخمس والعشرين الأولى فقد اکتفى فيها بنقل نفس عبارة العروة، ومن الجيد ان نفعل نحن نفس الشيء فنتعرض للمسائل الأولى دفعة واحدة.
والآن لنرى الامام الخميني (قدس) في مقدمة کتاب النکاح من تحرير الوسيلة ماذا يقول.
يقول (قدس): (کتاب النکاح، وهو من المستحبات الاکيدة، وما ورد في الحث عليه والذم على ترکه مما لا يحصى کثرة) والاحاديث في هذا المجال متواترة عند السنة والشيعة، واما الامام (قدس) فيذکر اربعة احاديث فيقول: (فعن مولانا الباقر (ع) قال: قال رسول الله (ص): ما بني بناء في الاسلام احب الى الله من التزويج).
ونتصور أن التعبير بالبناء بمناسبة کون الزواج الحجر الاساس في بناء النظام الاسري، والنظام الاسري والعائلي بدوره الحجر الاساس لنظام المجتمع البشري، فالمجتمع الانساني وحدة کبيرة تتألف من وحدات صغيرة کل منها تشکلها عائلة وأسرة، وهذه العائلة تتشکل وحجرها الاساس هو الزواج. اذاً من الممکن ان يکون التعبير بالبناء نشأ من هذه الجهة.
الحديث الثاني: (وعن مولانا الصادق (ع): رکعتان يصليهما المتزوج افضل من سبعين رکعة يصليها اعزب).
ومن الممکن ان تکون النکتة في هذا الحديث هي ما سوف نشرحه لاحقاً ان شاء الله من ان الاعزب يبتلي ببعض الذنوب، والحديث الشريف يقول: (من تزوج فقد احرز نصف دينه فليتق الله في النصف الآخر)، ولعل هذا لأجل کون غريزة الجنس عند الانسان تعادل بقية غرائزه، فالغريزة الجنسية في جانب وبقية الغرائز في جانب آخر، ودور هذه الغريزة يعادل دور بقية الغرائز، والذنوب التي تسببها هذه الغريزة تعادل الذنوب التي تسببها بقية الغرائز، فالشخص الذي يحصن نفسه بالزواج يکون قد احرز نصف دينه. اذاً حينما يصلي المتزوج رکعتين فان ذهنه لايکون مشغولاً کثيراً بالذنوب، وهذا يسبب ان تکون صلاته افضل من صلاة الاعزب.
الحديث الثالث: (وعنه يعني الامام الصادق (ع) ـ قال: قال رسول الله (ص): رذال موتاکم العزاب).
وقد رأيت في بعض الموارد (رذال) بالتشديد، ولکن الظاهر انها جمع رذل فتکون (رذال)، کما يقال: ثعب، ثعاب، وهي بمعنى حقير.
الحديث الرابع: (وفي خبر آخر عنه (ص): أکثر أهل النار العزاب).
الى هنا نقلنا اربعة احاديث ذکرها الامام الخميني (قدس) في تحرير الوسيلة وذکرنا بعض الشرح حولها.
ثم انه (قدس) في ذيل کلامه له بعض الجمل القصيرة کغيره من الأعلام حيث يقول: (ولا ينبغي ان يمنعه الفقر والعيلة بعدما وعد الله عز وجل بالاغناء والسعة بقوله عز وجل {ان يکونوا فقراء يغنهم الله من فضله}) النور 32
وفي المجلد 14 من الوسائل يوجد بابان يتعرضان لهذه المسائل، حيث قد ورد الذم على من يفر من الزواج بسبب الفقر والحاجة وضيق ذات اليد وعلى العکس يؤمر بالتعامل مع الزواج على انه من الأمور السهلة والعادية، وسنذکر في البحوث الآتية ان شاء الله انه توجد رواية تقول (الرزق مع النساء) ودليله واضح باعتبار ان الانسان عندما يکون يعيش وحيداً فانه لا يحمل الا مسؤولية نفسه، فلا يهتم کثيراً بما يلبس أو ما يأکل أو أين ينام، اما حينما يتزوج فانه يشعر حينئذ بالمسؤولية، ويخجل ان يقصر في وظائفه کمعيل للأسرة، فيذهب الى أي مکان لأجل تأمين معاش عياله، واحساس المسؤولية هذا يعبئ في الانسان تمام قواه لأجل العمل والکسب، ولذا کثير من الناس لم يکن لديهم شيء أول زواجهم ولکن فيما بعد شيئاً فشيئاً اصبحوا يملکون کل شيء تقريباً يحتاجونه في حياتهم، وهذا حصل في ظل الاحساس بالمسوؤلية الناتج عن الزواج، وکما يقول القرآن الکريم (ان يکونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم). (النور 32) فهذه مسالة مسلمة من ناحية نفسية وثابتة ايضاً من الآيات والروايات.
وفي ذيل هذه الآية ينقل (قدس) حديثاً خامساً فيقول(فعن النبي (ص): من ترک التزويج مخافة العيلة فقد أساء الظن بالله عز وجل)فالله سبحانه في الآية الشريفة وعد بالرزق وهو قادر مطلق وحکيم مطلق فلابد أن يفي بوعده، اذاً لا دليل على اساءة الظن هذه.
الاقوال في مسألة استحباب النکاح
ومن جهة الاقوال فان استحباب النکاح من المسلمات، ويصرح بهذا الاستحباب تمام المسلمين من السنة والشيعة، ولذا يقال ان المسالة اجماعية، بل ان البعض عد استحباب النکاح من ضروريات الدين، حيث ان أي شخص يعيش بين المسلمين يعرف أهتمامهم بمسألة النکاح وأنه أمر مطلوب عندهم من ناحية دينية.
وفي هذا المجال انقل لکم کلاماً للشهيد الثاني في المسالک، وکلاماً لصاحب الجواهر.
عندما يصل الشهيد الثاني (قده) في المجلد الأول من المسالک الى مسألة استحباب النکاح يقول: (الا جماعة شاذة)، يعني هل هؤلاء يقولون بعدم استحبابه؟ لا، بل يقولون بوجوبه، فهم شاذون من هذه الناحية (الا من شذ منهم حيث ذهب الى وجوبه). ونحن سوف نصل الى بعض الموارد التي سنبحث فيها عن الوجوب وان کانت طبيعة النکاح الأولية هي الاستحباب، وموارد الوجوب هي موارد استثنائية، والامام (قده) في تحرير الوسيلة لم يشر الى هذه المسألة بحسب الظاهر، بينما في العروة اشار لها.
واما في الجواهر ففي المجلد 29 صفحة 8 يقول (النکاح مستحب لمن تاقت نفسه) أي اشتاقت (من الرجال والنساء)، وهذه نفس عبارة الشرائع التي شرحها في الجواهر، وقد قيد استحبابه بالاشتياق ولکننا فيما بعد سنعرف انه لا يکون مقيداً به فمن لا يرغب کثيراً بالنکاح يستحب له ايضاً ان يتزوج (کتاباً وسنة مستفيضة أو متواترة) والواقع ان الاحاديث متواترة (واجماعاً بقسميه) وهنا الشاهد، فهناک الکثير فمن ادعى الاجماع وايضاً الماتن بنفسه حصله (من المسلمين فضلاً عن المؤمنين أو ضرورة من المذهب بل الدين)، فالمسألة اذاً أعلى من الاجماع حيث تصل لعلها الى حد الضرورة في الدين.
وضروري الدين هو ذلک الشيء الذي يتضح لمن يأتي ويعيش مع المسلمين ولو لعدة أيام فيعرف مثلاً أنهم يهتمون جداً بمسألة النکاح.
وهنا اشير الى فهرسة المسائل التي تقع تحت هذه المسألة ـ استحباب النکاح ـ فنشرحها دفعة واحدة بخلاف بعض المسائل الاخرى التي اذکرها لکم في يوم سابق لکي تطالعوها.
وسوف نتعرض لشرح خمسة مطالب في ذي الکلام الذي نقلناه عن الامام الخميني(قده):
الأول: نذکر ثلاثة ادلة لاستحباب النکاح بل اربعة حيث نضيف دليل العقل.
الثاني: فلسفة واسرار استحباب النکاح، ولن نأتي بشيء في هذا المجال من عندنا بل سنعتمد على النکات الموجودة في الروايات والآيات، حيث جمعناها فصارت اربع أو خمس نکات تبين فلسفة وأهمية النکاح.
الثالث: ان النکاح بطبيعته مستحب ولکنه في بعض الموارد قد يصير واجباً، وفي موارد شاذة قد يکون مکروهاً أو محرماً أو مباحاً.
الرابع: تفسير کلمة (النکاح).
الخامس: ان النکاح من حيث التقسيم الفقهي هل يکون جزء المعاملات بمعناها الاعم أو جزء العبادات.
وصلّى الله على سيدنا محمد وآله الطاهرين.
بسم الله الرحمن الرحيم
رمز التوفيق وأصوله الثلاثة
نشکر الله سبحانه وتعالى أن وفقنا مرة اخرى وفي سنة جديدة للبدء بدروس الحوزة العلمية في قم المقدسة، وفي بداية هذا العام التحصيلي الجديد اسأل الله سبحانه من کل قلبي أن يوفقنا جميعاً لتحصيل العلم والعمل به ونشره بين عباده.
لا يوجد تعليق