تخمين زمن المطالعة:1 الدقيقة
55-قسمة الخمس ومستحقّوه
الخلاصة : ولا بأس بالنظر الاجمالي اليها کي يتبين حالها، والناظرفيکلامه يرى فيها الامور التالية.
1ـ قسم کبير منها ناظر الى بيان اقوال الفقهاء لافيالمسألة، بلفيالابواب الاُخرفياثبات ان ولد البنت ولدفيالحقيقة کابواب المواريث والأوقاف والوصايا.
وقد عرفت انها کلها خارجة عن محل الکلام لان کون ولد البنت ولدا حقيقة مما لا ريب فيه، ولذا يترتب عليها احکام الولد بلا کلامفيالارث والمناکح، انما الکلامفيوجود خصوصيةفيباب الخمس يوجب اختصاص الحکم لمن ينتسب من قبل الاب فقط.
2ـ قسم کبير آخر منها ناظر الى الروايات الدالة على ان ولد البنت ولد حقيقة، وان ائمة أهل البيت الهداة المهديين ـ عليهم السلام ـ أولاد رسول الله(ص) حقيقة لا مجازاً.
وهذا أيضا حق لا ريب فيه ولکن خارج عن محل الکلام.
3ـ قد جعل أحسن الادلةفيالمقام مرسلة حماد، ثم أورد عليها بانها ضعيفة السند على مصطلح القوم وان کانت صحيحة على مختارة، وأورد عليها أيضا بانها مخالفة لکتاب الله أولا وموافقة للعامة ثانيا.
اما مخالفتها لکتاب الله فلانّه دال على ان ابن البنت ابن حقيقة، واما مخالفته للعامة فلما ذکره السيد المرتضى من ان مخالفينا لا يوافقونافيتسمية ولد البنت ولدا على الحقيقة.
وفيه اولا: ان المرسلة منجبرة بعمل الاصحاب کما عرفت فهي معتبرة على اصطلاحنا أيضا.
وثانيا: أول المرجحات هي الشهرة کما ذکرفيمحله، والشهرة هنا موافقة لحرمان أولاد البنت.
وثالثا: قد عرفت مرارا انه ليس الکلامفيکون ولد البنت ولدا حقيقة، وان المرسلة أيضا لا تنفي ذلک حتى تکون مخالفة لکتاب الله بل هي ناظرة الى النسب الاجتماعي والطائفي وانما هو الى الاب لا الام، هکذا کان الامرفيالاعصار السابقة وفي عصرنا هذا.
ورابعا: ان العامة أيضا لا يخالفونافياجراء احکام الولد على ولد البنت، وانما انکر بعض المعاندين منهم تسمية الائمة ـ عليهم السلام ـ باسم أولياء رسول الله انکارا لفضلهم.
4ـ وأخيراً ذکرفيکلامه موارد من روايات أهل البيت ـ عليهم السلام ـ ورد التعبير فيها بالعلوي او المحمّدي (لافيباب الخمس واشباهه بلفيمناسبات اُخرى).
ولکن من الواضح انها ليست ناظرة الى عشيرة أو طائفة بهذا الاسم، بل انما هوفيمقام بيان شرف بعض الاشخاص وعلو منزلتهم مثلما قد يقال سلمان المحمّدي بدلاً عن سلمان الفارسي .
ثم قالفيالحدائق: «الظاهر ان معظم الشبهة عند من منعفيهذه المسألة من تسمية المنتسب بالامّ ولدا بالنسبة الى جدّه من امّه هو انه انما خلق من ماء الاب والام انما هي ظرف ووعاء». ثم أشار الى حديثين احدهمافيبيان ما اعترضه هارون الرشيد على الامام الکاظم(ع) بقوله لماذا لا تمنعون شيعتکم عن خطابکم بابن رسول الله(ص؟ فأجابه(ع) بقوله تعالى: فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ اَبْنَائَنَا وَاَبْنَائَکُمْ وَنِسَائَنَا وَنِسَائَکُمْ وَاَنْفُسَنَا وَاَنْفُسَکُمْ ثُمَّ نَبْتَهِل فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ الله عَلَى الْکَاذِبِينَ فان المراد من الابناء هو الحسن والحسين ـ عليهما السلام ـ ابناء رسول الله(ص) وبقوله تعالىفيسورة الانعام (الآية 184).
والآخر هو قصة الحجاج مع الشعبي الذي کان من علماء العامة لکن کان له ميل الى اهل البيت ـ عليهم السلام ـ فاطلع الحجاج على ذلک واستعظمه فامر بعقد مجلس من علماء مصرين واعترض فيه على الشعبي اعتراضا شديدا، فأجابه الشعبي بالآية السابقة والحديث المعروف المنقول عن الرّسول (ص): «ان هذا ابني حسن، فبهت الذي کفر».
ثم استدلفيالحدائق لحسم مادة الشبهة عند المشهور (على زعمه) بقوله تعالى: يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرائِبِ فان الصلب من الرجل والترائب من المرأة، وقوله تعالى: اِنّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ اَمْشَاجٍ ففسّر الامشاج بنطفة مختلطة من نطفة الاب ونطفة الام، وبالاحاديث القائلة بانه ان سبقت نطفة الاب فکان الولد شبيها لابيه، وان سبقت نطفة الام فکان شبيها لامّه فلا مجال لما زعمه لا مشهور.
اقول: قد سبق ان قلنا ان الامر اشتبه على صاحب الحدائق ـ رضوان الله عليه ـ فتواهم ان الموضوعفيباب الخمس هو صدق الولد على اولاد البنت ولکن عرفت ان الحق خلافه، فان للانسان نسبتين:
الاولى: نسبته الى ابيه وامه وعليه فلا شک ان ولد البنت ولد حقيقة، وهذا هو موضوع البحثفيابواب المواريث والاوقاف والنکاح.
الثانية: نسبته الى قومه نسبة اجتماعية ولا اشکالفيملاحظة الانتساب من طريق الاب فيها دون الام، والاضافة الملحوظةفياطلاق الهاشمي او بني هاشم على شخص فانما هي الاضافة الاجتماعية من اجل التمييز بين القبائل والانساب.
وقد قال المجلسي الاول ـ رحمه الله ـ: الاحتياط عدم اخذ المنتسب الى الام من الخمس ولا الزکاة.
لکن لا يخفى ان هذا خلاف الاحتياط جدّا اذ الخمس والزکاة شرعا لاغناء الفقراء ورفع حوائجهم، فکيف يجوز منع کثير من الناس وهم المنتسبون الى هاشم من ناحية الام عن الخمس والزکاة؟!
ثم هل يکون المستحق للخمس منحصرافيبني علي(ع) وبني فاطمة او يشمل مطلق بني هاشم؟
قالفيالجواهر: «الاجماع محصل ومنقول عليه يعني على استحقاق مطلق بني هاشم علوياً کانوا او عباسياً او عقيلياً او غيرهم».
ولا يخفى ان ولد هاشم منحصرفيعبد المطلب وقد اختلففيعدد اولاده بين العشرة واحد عشر واثني عشر، وقد بقي خمسة منهم وهم عبد الله وابو طالب وعباس وحمزة وزبير، واما عبدالله وأبو طالب فصار نسلهما نسلا واحدا لزواج علي(ع) وفاطمة ـ عليهما السلام ـ واما ابناء عقيل بن ابي طالب فلم يعرف احد منهم، واما حمزة والزبير فلم يبق منهما نسل.
وقد استدل على المجمع عليه بين الاصحاب اولا: باخبار کثيرة قد سبقت بعضها من جعل الحکم على عنوان المطلبي والهاشمي .
وثانيا: بما رواه عبدالله بن سنان عن ابي عبدالله(ع) قال: «لا تحل الصدقة لولد عباس ولا لنظرائهم من بني هاشم».
وهذه الرواية صحيحة معمول بها بين الاصحاب، وقد ذکر(ع) فيها بني عباس بالخصوص ثم عمّم الحکم لمطلق بني هاشم.
لکن هناک اخبار قد يستشم منها الخلاف، لترتب الحکم فيها على عنوان بني فاطمة، والتعبير بان الخمس فينا خاصة.
والحق انهافيمقام بيان الفرد الجليّ لا اقتصار الخمس على بني فاطمة ـ عليهم السلام ـ ولا شکفيکون رواية عبدالله بن سنان وما وافقها من الاخبار اقوى من هذه الروايات.
ثم ان السيادة امر معنوي ناشىء من وجود الرّسول(ص) المبارک فانه(ص) کان سيداً بذاته فسيادة الهاشم کان منه(ص) لا بالعکس وهذه السيادة قد اثرتفيابنائه الى يوم القيامة، واما سيادة عبدالله وعبد المطلب وهاشم فلقد کانت من اثر نورانية وجوده(ع) لکونهم حاملين لنوره(ع) فيصلبهم.
واما ابو هاشم وسائر اجداده ـ رضوان الله عليهم ـ فلا يکفي الانتساب اليهم (لو ثبت)فيسيادة الشخص، وذلک لا لعدم تأثير نور وجوده(ص) فيهم فانه ممتد الى آدم(ع) بل لمحدودية الانتساب الاجتماعي فتدبر.
الثانية: قال المحقق اليزدي فيالعروة: «وينبغي تقديم الاتم علقة بالنبي(ص) على غيره او توفيره کالفاطميين» وقد تبعفيذلک صاحب الجواهر وغيره ـ قدس الله اسرارهم ـ حيث صرحفيبعض کلماته بعد نقل کلام الدروس» ينبغي توفير الطالبيين على غيرهم وولد فاطمة على الباقين» ثم قال: «ولا بأس به خصوصا الثاني منه بل ولا بمافيکشف الغطاء انه ليس بالبعيد تقديم الرضوي ثم الموسوي ثم الحسيني ثم الحسني وتقديم من کان علاقته بالائمة ـ عليهم السلام ـ اکثر».
وقد افتىفينجاة العباد ايضا بمثل ذلک وقال: «وينبغي تقديم الاتم علقة بالنبي(ص) على غيره او توفيره».
والمراد من التوفير، جعل سهامهم ازيد من غيرهمفيخصوص ما يحتاجون لا ازيد من مقدار الحاجة، کما ان المراد من التقديم اعطائهم وعدم اعطاء غيرهم اذا لم يکن المال بمقدار يرفع حاجة کليهما، هذا ولم يذکر دليلا على هذا المعنى ولعله لوضوحه فان المستحق وان کان کل هاشمي ، الا ان حفظ حرمة من کان علاقته اتم يکون حفظا لحرمة النبي(ص).
هذا ولکن قد يکون هذا معارضا لجهة اخرى توجب اولوية غيرهم، کما اذا کان غيرهم شديد الحاجة بخلافهم، او کان العلوي او الحسني اتقى وافضل واشد علاقة بخدمة الاسلام من الرضوي او الموسوي او شبه ذلک.
الثالثة: بماذا يثبت النسب؟
الظاهر ان طريق ثبوته کسائر الموضوعات، فلا بد من ان يثبت بالعلم او الشياع المفيد له او قول البينة لو قامت بينةفيمثل المقام، بل الظاهر کفاية الشياع والاشتهارفيبلده وان لم يوجب ذلک علما، وذلک لجريان السيرة عليهفيباب الانساب بل ليس له طريق غالبا الا هذا، بحيث لو لم نقبل الشياعفيبلده انسد طريق اثبات النسبفيغالب الموارد، وان شئت قلت: مقدمات الانسداد الصغير قائمة هنا فلا بد من الاخذ بها والعمل على وفقها، ولکن العدول الى کل ظن مشکل، لان نتيجة مقدمات الانسداد مهملة لابد من الاخذ بالقدر المتيقن وهو الشياعفيالبلد.
والحاصل: ان قيام السيرة من جانب، وامکان تحصيل مقدمات الانسداد الصغير من جانب آخر ـ لعدم امکان تعطيل احکام الانساب ـ يوجب التعويل على مثل هذا الشياع.
ولعل هذا هو المراد مما ذکره الصدوق فيما رواه بعض الاعلام منه انه: «يؤخذ بظاهر الحالفيخمسة امور: الولايات والمناکح والذبائح والشهادات والانساب» والا ليس هنا طريق الى ظاهر الحال الا ما ذکر.
نعم الاخذ بزيّ السادة من العمامة السوداء او الخضراءفيبلده الذي يعرفه الناس ايضا دليل على اشتهاره بالنسب فيه، والا لم يکن يقدر على الاخذ بزيّهم کما هو واضح، ويمکن ان يکون کلام الصدوق اشارة اليه.
ثم انه هل يصدق مدعي النسب ام لا؟ قالفيکشف الغطاء: انه يصدق مدعي النسب ان لم يکن متهما کمدعي الفقر» وخالفهفيذلک صاحب الجواهر وتبعه صاحب العروة وجماعة من المحشين والمستمسک ومستند العروة.
ويدل على ذلک ـ اي عدم تصديق المدعي ـ انه لم يقم دليل على کفاية الادعاءفيذلک ومقتضى الاصل عدم براءة الذمة بدفع الخمس اليه، فانه مال السادة ولا يجوز دفعه الى مشکوک الحال.
وقد يقال: ان مقتضى استصحاب العدم الازلى ايضا عدم الانتساب الى هاشم ولا يعارضه عدم الانتساب الى غيره ايضا، لان الاول له الاثر الشرعي والثاني لا اثر له.
ان قلت: اثره جواز اعطاء الزکاة له.
قلت: هذا من آثار عدم الانتساب الى هاشم لا من اثار انتسابه الى غيره فتأمل جيدا.
والعمدة انا ذکرنافيمحله عدم حجية استصحاب العدم الازلى لعدم الحالة السابقة لهفينظر العرف، فان زيدا مثلا قبل ولادته لم يکن شيئا مذکورا حتى يقال بانه منتسب الى هاشم او ليس منتسبا اليه، والمنتفي بانتفاء الموضوع انما هو شيء حاصل بالدقة العقلية الخارجة عن افهام العرف.
وان شئت قلت: ان السالبةفيالحالة السابقة هي السالبة بانتفاء الموضوع وفي الثانية بانتفاء المحمول، فاتحاد القضيتين المعتبرفيصحة الاستصحاب غير حاصل هنا.
اما قياس المسألة على مسألة مدعي الفقر، فقياس مع الفارق لان مدعي الفقر مسبوق به لکون الفقر موافقا للاصلفيکل انسان الا ما شذ، ولکن قد عرفت ان الاستصحاب غير جارفيمسألة الانتساب الى هاشم.
هذا مضافا الى ان تصديق مدعي الفقر ايضا محل اشکال، بل المتيقن منه هو قبول من يکون ظاهره الفقر وان کان يکفي فيه الظن کما ذکرنافيمحلهفيالزکاة.
هذا وقد يستند لجواز التصديق باصالة صحة دعوى المسلم فيما لا يعارضه فيه احد کما جرت عليه سيرة العقلاء، فمن ادعى ان الکيس المطروحفيالطريق ماله وقد اخذه بنفسه من الطريق، حکم له بالملکية وجرت عليها آثارها.
وقد وردفيالحديث ذلک ايضا، ففي مرسلة منصور بن حازم عن ابي عبدالله(ع) قال: «قلت: عشرة کانوا جلوسا وسطهم کيس فيه الف درهم، فسأل بعضهم بعضا الکم هذا الکيس؟
فقالوا کلهم: لا . وقال واحد منهم: هو لي فلمن هو؟ قال: للذي ادعاه».
وبعض طرق الحديث خال عن الارسال.
وهکذا الروايات الکثيرة الدالة على قبول قول المرأةفيعدم کون الزوج لها (راجع الباب 23 و 24 من ابواب عقد النکاح الى غير ذلک) فجميع ذلک دليل على قبول قول المدعي اذا لم يعارضه غيره.
وفيه: انه لا دخل لها بما نحن فيه، فان الکلام هنافيجواز دفع مال له مالک خاص الى من لا يعرفه، واين هذا من اخذ المدعي المال الذي لا نعلم مالکه؟ وما نحن فيه انما هو من قبيل ما اذا کان هناک مال من الموقوفة او من الارث، وادعى واحد انه من الموقوف عليهم او من ابناء الميت، فلا اشکال ولا کلامفيعدم جواز دفعه اليه بمجرد هذه الدعوى، ومسألة دعوى الخلو عن الزوج ايضا مسألة خاصة واردةفيمورد خاص لا يتعدى منه الى غيره.
بقي هنا شيء: وهو انه قال
لا يوجد تعليق