303-المصاهرة

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 

303-المصاهرة

بسم الله الرحمن الرحیم

والصلاة والسلام على أشرف الخلق محمد وآله الطاهرین.

لو عقد على الأختین ولم یعرف السابق من اللاحق

بقی هنا نکتتان:

الأولى: أنّ لهذه المسألة فروعاً مختلفة وصوراً عدیدة تأتی الإشارة إلى بعضها فی المسائل اللاحقة، ولکن أمّهات هذه الفروع والصور هی الصور الأربع السابقة، ویعلم حکم البقیة ممّا سبق؛ فإمّا یُعمل بالاحتیاط، أو بالقرعة، أو یرجع إلى قاعدة العدل والإنصاف.

الثانیة: قاعدة العدل والإنصاف:

لم تبحث هذه القاعدة ـ بحسب اطّلاعی ـ بشکل مستقلّ فی کلمات الفقهاء والأصولیین، وإنّما یشیرون إلیها بشکل عابر ضمن أبحاثهم، وأحیاناً لا یقبلون بها. وهی قاعدة عقلائیة فی باب الأموال، یعمل بها ـ مثلاً ـ فیما إذا وقع خلاف على مال بین جماعة من دون أن یعلم صاحبه؛ ولا یرجع إلى قاعدة القرعة.

أدلة القاعدة

1 ـ بناء العقلاء: حیث إنّ سیرة العقلاء جاریة ـ ومنذ القدم ـ على تنصیف المال أو توزیعه حصصاً بحسب الأطراف المتنازعین فیما إذا لم یمکن تعیین المالک بشکل ما، سواء فی الأخذ أو الإعطاء، کما فی تقسیم الدیة عند اشتباه القاتل بین عدّة أشخاص.

2 ـ الروایات الکثیرة الواردة فی مختلف أبواب الفقه من القضاء وإلى الإرث والصلح. وتصلح هذه الروایات دلیلاً مستقلاً على القاعدة بعد إلغاء الخصوصیة بینها، کما وأنّها دلیل على إمضاء الشارع المقدّس للبناء العقلائی السابق.

وأمّا تسمیة هذه القاعدة بقاعدة العدل والإنصاف فلیس المراد منها العدالة المطلقة؛ لأنّ العدالة المطلقة هی أن نعطی تمام الحقّ إلى صاحب الحق، ولکنّها على کلّ حال عدالة نسبیة یصل معها شیء من الحقّ بحسب النسبة إلى صاحب الحقّ، بینما یحتمل ألاّ یصل إلیه شیء فیما لو عملنا بالقرعة.

1 ـ... عن إسحاق بن عمّار، عن أبی عبد الله علیه السلام: ((إنّ رجلین اختصما إلى أمیر المؤمنین ـ علیه السلام ـ فی دابة فی أیدیهما، وأقام کل واحد منهما البیّنة أنّها نتجت عنده، فأحلفهما علی علیه السلام... فقیل له: فلو لم تکن فی ید واحد منهما وأقاما البیّنة؟ فقال:... فإن حلفا جمیعاً جعلتها بینهما نصفین...))(1).

2 ـ... عن غیاث بن إبراهیم، عن أبی عبد الله ـ علیه السلام ـ: ((إنّ أمیر المؤمنین ـ علیه السلام ـ اختصم إلیه رجلان فی دابة وکلاهما أقام البیّنة أنّه أنتجها، فقضى بها للذی فی یده، وقال: لو لم تکن فی یده جعلتها بینهما نصفین))(2).

3 ـ... عن تمیم بن طرفة: إنّ رجلین عرّفاً بعیراً [یعنی: ادّعیا بعیراً] فأقام کل واحد منهما بیّنة، فجعله أمیر المؤمنین ـ علیه السلام ـ بینهما(3).

4 ـ محمد بن علی بن الحسین بإسناده، عن عبد الله بن المغیرة، عن غیر واحد من أصحابنا، عن أبی عبد الله ـ علیه السلام ـ فی رجلین کان معهما درهمان فقال أحدهما: الدرهمان لی، وقال الآخر: هما بینی وبینک، فقال: ((أمّا الذی قال: هما بینی وبینک فقد أقرّ بأنّ أحد الدرهمین لیس له وأنّه لصاحبه، ویقسّم الآخر بینهما))(4).

5 ـ محمد بن علی بن الحسین بإسناده عن السکونی، عن الصادق، عن أبیه ـ علیه السلام ـ فی رجل استودع رجلاً دینارین فاستودعه آخر دیناراً فضاع دینار منها قال: ((یعطی صاحب الدینارین دیناراً، ویقسّم الآخر بینهما نصفین))(5).

6 ـ ... عن یونس بن یعقوب، عن أبی عبد الله ـ علیه السلام ـ فی امرأة تموت قبل الرجل أو رجل قبل المرأة، قال: ((ما کان من متاع النساء فهو للمرأة، وما کان من متاع الرجال والنساء فهو بینهما، ومن استولى على شیء منه فهو له))(6).

أی ومن استولى منهما على شیء من المتاع سواء کان من متاع النساء أو من متاع الرجال فهو له. وقد حاول بعضهم إعطاء معنى آخر لهذه الفقرة، فحذف (منه)، فصار المقصود الإشارة إلى قاعدة الید، أی أنّ کل ذی ید هو صاحب الحقّ فی ما تحت یده. ولکن الصحیح ما ذکرناه من أنّ المراد هو متاع البیت فقط لا کلّ شیء.

7 ـ... عن رفاعة النخاس، عن أبی عبد الله علیه السلام، قال: ((إذا طلّق الرجل امرأته وفی بیتها متاع فلها ما یکون للنساء، وما یکون للرجال والنساء قُسّم بینهما...))(7).

8 ـ ... عن السکونی، عن جعفر، عن أبیه، عن علی ـ علیهم السلام ـ فی رجل أقرّ عند موته لفلان وفلان، لأحدهما عندی ألف درهم، ثم مات على تلک الحال، فقال علی ـ علیه السلام ـ: ((أیهما أقام البینة فله المال، وإن لم یقم واحد منهما البینة فالمال بینهما نصفان))(8).

9 ـ ... عن هشام بن سالم، عن أبی عبد الله علیه السلام، قال: قلت له: المولود یولد، له ما للرجال وله ما للنساء، قال: ((یورث من حیث یبول من حیث سبق بوله،فإن خرج منهما سواء فمن حیث ینبعث، فإن کانا سواء ورث میراث الرجال ومیراث النساء))(9).

10 ـ ... عن إسحاق بن عمّار، عن جعفر بن محمد، عن أبیه ـ علیهما السلام ـ: أنّ علیّاً ـ علیه السلام ـ کان یقول: ((الخنثى یورث من حیث یبول... فإن مات ولم یبل فنصف عقل المرأة ونصف عقل الرجل))(10).

11 ـ... عن أبی البختری، عن جعفر، عن أبیه ـ علیهما السلام ـ: ((إنّ علیّ بن أبی طالب ـ علیه السلام ـ قضى فی الخنثى... فإن لم یبل من واحد منهما حتى یموت فنصف میراث المرأة ونصف میراث الرجل))(11).

فحکم الإمام ـ علیه السلام ـ بالتنصیف هنا فی میراث الخنثى المشکل لیس هو إلاّ لأجل قاعدة العدل والإنصاف. ومن الممکن فی الخنثى المشکل أحیاناً أن یرجع إلى القرعة، ولکن فی مورد الأموال نرجع إلى قاعدة العدل والإنصاف وندع القرعة.

12 ـ ... عن محمد بن قیس، عن أبی جعفر علیه السلام، قال: ((قضى أمیر المؤمنین ـ علیه السلام ـ فی أربعة شربوا مسکراً، فأخذ بعضهم على بعض السلاح فاقتتلوا فقتل اثنان وجرح اثنان، فأمر المجروحین فضرب کلّ واحد منهما ثمانین جلدة [حدّ شرب الخمر] وقضى بدیة المقتولین على المجروحین...))(12) والحال أنّه یمکن أن یکونوا قد قتلوا بید شخص واحد، ولکن بما أنّه أمرٌ مالی یرجع إلى قاعدة العدل والإنصاف.

والشیء الذی یستفاد من هذا الحدیث أنّ الجنایات التی تحصل فی حال السکر تکون جنایات شبه عمدیة؛ وذلک لأنّ الإمام ـ علیه السلام ـ لم یحکم بالقصاص وإنّما حکم بالدیة. وهناک أحادیث أخرى غیر ما سبق رواها فی (المستدرک)(13)، ویمکن أن یکون هناک غیرها.

والنتیجة: مع ضمّ هذه الروایات بعضها إلى بعض وإلغاء الخصوصیة بینها نحصل على حالة شبیهة بالاستقراء یستفاد منها قاعدة کلیة باسم قاعدة العدل والإنصاف، تجری فی أبواب الأموال.

وبهذا یظهر ما فی کلام السید الحکیم ـ قدّس سرّه ـ حیث ناقش فی هذه القاعدة بأنّه لا یمکن التعدّی عن مورد الروایات والوصول إلى قاعدة کلیّة منها؛ وذلک لأنّ هذه الموارد لیست فی أبواب العبادات حتى تکون تعبدیة لا یمکن التعدّی عنها.

وصلّى الله على سیدنا محمد وآله الطاهرین.

__________________________

(1) الوسائل 27: 250، أبواب کیفیة الحکم، الباب 12، ح2.

(2) المصدر السابق: ح3.

(3) المصدر السابق: ح4.

(4) الوسائل 18: 450، کتاب الصلح، الباب 9، ح1.

(5) الوسائل 18: 452، کتاب الصلح، الباب 12، ح1.

(6) الوسائل 26: 216، أبواب میراث الأزواج، الباب 8، ح3.

(7) المصدر السابق: ح4.

(8) الوسائل 19: 323، کتاب الوصایا، الباب 25، ح1.

(9) الوسائل 26: 285، أبواب میراث الخنثى، الباب2، ح1.

(10) المصدر السابق: ح2.

(11) المصدر السابق: ح6.

(12) الوسائل 29: 233 أبواب موجبات الضمان، الباب 1، ح1.

(13) المستدرک، أبواب موجبات الضمان، الباب 2، ح1، 2، 3. والباب 10 من أبواب کیفیة الحکم، ج17، ح1. والباب 5 من أبواب الصلح، ح1.

الهوامش:
  
    
تاريخ النشر: « 1279/01/01 »
CommentList
*النص
*المفتاح الأمني http://makarem.ir
عدد المتصفحين : 2561