258-شهادة النساء فی الحدود والدیات والقصاص

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 

258-شهادة النساء فی الحدود والدیات والقصاص

بسم الله الرحمن الرحیم

والصلاة والسلام على أشرف الخلق محمدٍ وآله الطاهرین.

تتمة الروایات الدالة على عدم قبول شهادة النساء فی الحدود

2 ـ عن محمد بن هلال، عن محمد بن محمد بن الأشعث، عن موسى بن إسماعیل بن جعفر، عن أبیه، عن آبائه، عن علی ـ علیهم السلام ـ قال: ((لا تجوز شهادة النساء فی الحدود، ولا قود))(1).

دلالة هذه الروایة قویّة، ولکن سندها مشکل من جهة محمد بن هلال، حیث إنّه مجهول الحال.

3 ـ عن السکونی، عن جعفر، عن أبیه، عن علی ـ علیهم السلام ـ أنه کان یقول: ((شهادة النساء لا تجوز فی طلاق، ولا نکاح، ولا فی حدود، إلاّ فی الدیون، وما لا یستطیع الرجال النظر إلیه))(2).

ولا یمکن الاعتماد على هذه الروایة لوقوع السکونی فی سندها.

4 ـ عن أبی عبد الله ـ علیه السلام ـ قال: قلنا: أتجوز شهادة النساء فی الحدود؟ فقال: ((فی القتل وحده...))(3).

مفهوم هذه الروایة هو عدم قبول شهادة النساء فی الحدود، وسندها معتبر فیمکن الاعتماد علیها.

إذن اثنتان من هذه الروایات معتبرة واثنتان ضعیفة، وقد نقل فی (المستدرک)(4) عدّة روایات اُخرى بنفس المضمون عن (دعائم الإسلام) و(الجعفریات)، وأسنادها مشکلة، فیمکن أن تکون مؤیّدة، ویمکن بضمیمة کلّ هذه الروایات إلى بعضها الحصول على تضافرٍ فی الروایات، مضافاً إلى أنّ المشهور قد عملوا بها.

إلاّ أنّه هناک روایة معارضة، هی: وعنه ـ أی الحسین بن سعید ـ عن القاسم، عن أبان، عن عبد الرحمن ـ والظاهر أنه ابن الحجاج الثقة ـ قال: سألت أبا عبد الله علیه السلام ... قال: ((تجوز شهادة النساء فی الحدود مع الرجال))(5).

وهی صریحة فی قبول شهادتهنَّ منضمات، فتکون معارضة للروایات السابقة.

والجواب عن هذه الروایة هو أنَّ فی سندها (القاسم)، ویستفاد من روایة الحسین بن سعید الأهوازی عنه أنّه القاسم بن سلیمان، وهو مجهول الحال ولم یوثّق، وهذا یکفی للحکم بضعف سند الروایة وسقوطها عن الحجیّة، فلا تصلح للمعارضة حینئذٍ.

وعلى فرض سلمنا صلوحها للمعارضة فإنّه یمکن الجمع دلالیاً فی المقام، وذلک بأن تکون تذکر استثناء من العام الذی تضمنته الروایات السابقة، وتکون بذلک ناظرة إلى خصوص الزنا الذی سوف یأتی قبول شهادة النساء مع الرجال فیه إذا اجتمعت بعض الشرائط، والشاهد على هذا الجمع بعض الروایات التی سوف تأتی وتصرّح بذلک.

ثم إن سلمنا عدم إمکان الجمع الدلالی واستحکام التعارض فلا شک حینئذٍ فی تقدیم الروایات السابقة؛ لموافقتها لکتاب الله وللمشهور.

إذن هذه الروایة ضعیفة سنداً، ولا یمکنها أن تقف فی قبال الروایات السابقة، ومُعَرض عنها بین الأصحاب، وعلیه فلا یمکننا أن نفتی بمضمونها.

بقی هنا أمران

الأمر الأوّل: الشهادة فی الزنا واللواط والمساحقة

یعتبر فی الشهادة على الزنا واللواط والمساحقة شهادة أربعة رجال، ویدل على ذلک فی الزنا صریح الآیة القرآنیة، بینما لا توجد لا آیة ولا روایة تدل على ذلک فی اللواط والمساحقة، فکیف أفتى المشهور إذن فیهما بلزوم أربعة شهداء؟

أمّا فی اللواط فاعتبار الأربعة شهداء یستفاد من القرائن، حیث إنّه لکی یثبت اللواط بالإقرار لابدّ من الإقرار أربع مرّات، وقد ورد فی بعض الأحادیث أنَّ کلّ إقرار یحلّ محل شاهد، وعلى هذا لابدّ أن یکون الشهود فی اللواط أربعة أیضاً.

وأمّا المساحقة فلم یرد فیها لزوم الإقرار أربعاً، ولکن لما کانت شبیهة باللواط من ناحیة أنَّ کلاً منهما میلٌ إلى الجنس المماثل فیکون لها حکمه.

أضف إلى ذلک أنَّ اللواط لیس أقلّ من الزنا؛ لأنَّ الأصل فی باب الحدود هو البراءة، ولا یُخرج عنه إلاّ بدلیل قوی. والمشهور قد أفتوا بلزوم أربعة شهداء فیه، فمراعاة الاحتیاط فی الحدود والدماء وأنّه ندرأ الحدود بالشبهات تستوجب عدم إثبات الزنا أو اللواط أو المساحقة إلاّ بشهادة أربعة شهداء.

الأمر الثانی: شهادة النساء فی الزنا

لا تقبل شهادة النساء فی الحدود کما مرّ، ولکنه استثنی من ذلک شهادتهنّ منضمّات إلى الرجال فی خصوص الزنا فیما إذا اجتمعت بعض الشرائط، وذلک بأن یشهد ثلاثة رجال وامرأتان، أو رجلان وأربع نساء، وفی الجلد فقط دون الرجم.

وهناک روایات مستفیضة فی ذلک عمدتها ثلاث روایات(6)، ویمکن أن یکون هناک روایات اُخرى فی غیر (الوسائل).

ولا نفصّل أکثر فی هذا البحث؛ لأنّه مربوط بأبحاث الزنا، طبعاً هذا حکم تعبدی محض، أی أنَّ التفریق بین الزنا وسائر الحدود، وکذا بین شهادة ثلاث رجال وامرأتان، أو رجلین وأربع نساء، وغیر ذلک کلّه تعبّد شرعی لا نعرف حکمته، (وَمَا اُوتِیْتُم مِن الْعِلْمِ إلاّ قَلِیلاً)(7)، فلا یمکننا أن نقول فی ذلک شیئاً إلاّ ما ورد فی روایات المعصومین علیهم السلام.

والنتیجة: هی عدم قبول شهادة النساء فی الحدود إلاّ فی صورٍ خاصة من الزنا.

وصلّى الله على سیدنا محمد وآله الطاهرین.

____________________

(1) الوسائل 27: 359، کتاب الشهادات، ب24، ح30.

(2) الوسائل 27: 362 ـ 363، کتاب الشهادات، ب24، ح42.

(3) الوسائل 27: 350، کتاب الشهادات، ب24، ح1.

(4) مستدرک الوسائل 17: 425، کتاب الشهادات، ب19، ح2، 5، 6.

(5) الوسائل 27: 356، کتاب الشهادات، ب24، ح21.

(6) الوسائل 27: 351 ـ 353، کتاب الشهادات، ب24، ح3 وح10، وکذلک فی الجزء 28: 132، کتاب الحدود، الباب 30، ح1.

(7) الإسراء: آیة 85.

الهوامش:
  
    
تاريخ النشر: « 1279/01/01 »
CommentList
*النص
*المفتاح الأمني http://makarem.ir
عدد المتصفحين : 2456