المناهج والحلول التي يتحتّم على العالم الإسلاميّ اتّباعها للوقوف في وجه جنايات طغمة آل سعود حسب رؤية سماحته

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
makarem news

مقال اليوم:

المناهج والحلول التي يتحتّم على العالم الإسلاميّ اتّباعها للوقوف في وجه جنايات طغمة آل سعود حسب رؤية سماحته

لتعلم الطغمة الحاكمة في أرض الحجاز أنّ شهادة هذا الشيخ الجليل قد كلّفتهم وستكلّفهم خسائر ليست في حسبانهم، وقريباً ما ستنتقم لدمه يد العدالة الإلهيّة وستحثو تراب الذلّة والمهانة على رؤوس هؤلاء المعتدين الجناة.

لقد فاجأ ذلك الخبر الفجيع بإعدام آية الله الشيخ النمر وجمع من الأبرياء، العالم الإسلاميّ وتركه في حالة من الحيرة؛ لا سيّما أنّ أولائك الظلمة قد ارتكبوا جريمتهم الشنعاء تحت غطاء التكفير والاتّهام بالخروج عن الملّة، فلو أن هناك أحداً ما زال يشكّ في كون طغمة آل سعود مركزاً للفتنة ومحوراً للتكفير؛ فقد جاءت الجريمة مثالاً قاطعاً للشكّ والترديد[1]. إنّنا بلا أدنى شكّ ندين هذه الجريمة الشنعاء ونستنكرها ونؤمن بأنّ الانتقام لا محالة آت[2].

بالرغم من أنّ التاريخ قد أثبت جنايات الطغمة الحاكمة في أرض الحجاز ضمن العدد الهائل للجرائم الدمويّة التي ارتكبها الوهّابيّة على مرّ الأزمنة بل حتّى أنّ بعض المؤرّخين الوهّابيّين قد اعترفوا بها أيضاً، والتي قد نالت بعض تبعاتها من دولة آل سعود ولذلك أقدمت هذه الطغمة الظالمة على ارتكاب الاغتيالات الشنيعة في أرض الحجاز![3] حيث إنّ إعدام الشيخ النمر هو أحد الأمثلة الحيّة لأكبر شنائع آل سعود والتي تمّ تنفيذها طبقاً لجنايات داعش[4].

ومن خلال هذا التحليل سنعمل على تبيين المناهج والحلول الأهم في رؤية المرج الديني الشيعيّ سماحة آية الله العظمى ناصر مكارم الشيرازي - والتي ازداد وضوحها في الآونة الأخيرة- التي تهدف إلى وقوف العالم الإسلاميّ في وجه جرائم طغمة آل سعود وما يمارسونه من عنف وصلف؛ وسنشير في ما يلي إلى أهمّها:

 

مقاومة مساعي الطغمة السعوديّة لإيجاد الفرقة بين المسلمين وذلك بتوحّد الأمّة الإسلاميّة

إنّ الأمريكيّين والصهاينة بلا أدنى شكّ يسعون إلى إنجاح مشروعهم المتمثّل في إيجاد التفرقة بين المذاهب الإسلاميّة لا سيّما الشيعة والسنّة؛ فهم الآن سعيدون بهذه التطوّرات وبتبعاتها[5]. غير أنّ الطغمة الحاكمة على أرض الحجاز قد وضعت يديها في أيدي أمريكا وإسرائيل؛ حيث إنّ دول الاستكبار العالميّ تحثّ طغمة آل سعود وتشجّعها على بثّ الفرقة وتوسيع شقّة الخلاف، ثمّ يعمل رجال الدولة السعوديّة على تشجيع المفتين الدينيّين ليؤجّجوا نيران الفتن ويفرّقوا الأمّة الإسلاميّة. وبناء على هذا كان حريّاً بدولة آل سعود العميلة أن ينالوا وسام التفريق بين المسلمين وقيادة النفاق ونشره بينهم[6].

ولكن واقع الأمّة الإسلاميّة -على الرغم من هذه المؤامرات العدوانيّة التي تحيكها الطغمة السعوديّة- يحكي تعايش أتباع المذهب الشيعيّ الذين توجد أعداد كبيرة منهم في مختلف دول العالم ومن ضمنها السعوديّة نفسها؛ حيث يعيش عدد كبير من الشيعة في المنطقة الشرقيّة من أرض الحجاز، مع جميع الفرق الإسلاميّة من حولهم[7]، فلو تيقّظ أتباع جميع المذاهب الإسلاميّة وتفطّنوا لما يُحاك من مؤامرات، لا شكّ في أنّهم قادرون على إبطال مفعولها وإفشالها عن بكرة أبيها[8].

 

محاربة ظاهرة التكفير هي رسالة الأمّة الإسلاميّة وردّها الحازم على جرائم الطغمة السعوديّة

يجب أن لا نغفل عن حقيقة إطلاق تهم الزور على أتباع المذهب الشيعيّ ووترويج الشائعات التي لا أساس لها من الصحة ضدّهم وتكفيرهم؛ حيث إن مثل هذه الأمور تصبّ في مصلحة أعداء الإسلام خصوصاً أمريكا وإسرائيل؛ وذلك لأنّ نتيجتها وتبعاتها هي ذات ما يتمنّاه أعداء الإسلام للمسلمين من شيوع  النزاع وتفشّي الحروب المذهبيّة بينهم، ليتسنّى لأولائك المستكبرين تسخير المنطقة ونهب خيراتها العظيمة بكلّ سهولة ويسر[9]، فعلى سبيل المثال يمكن الإشارة إلى ما فعله مفتو السعوديّة من تسابق في مضمار تكفير شعب اليمن المسلم؛ فراحوا جميعاً يسارعون إلى إطلاق فتوى تكفيرهم[10].

إنّه لمن المؤسف أن يواصل مجلس الإفتاء السعوديّ -والذي يتمتّع بسمة رسميّة في أرض الحجاز- المسير في طريق إطلاق فتاوى تكفير المتوسّلين بأهل البيت عليهم السلام بل وإصرارهم على ذلك[11].

ولهذا لا يمرّ يوم في عصرنا الحاضر بدون أن يصلنا خبر جريمة جديدة قد أرتُكِبت في حقّ شعب العراق أو سوريا أو اليمن أو غيرها ونسمع ونرى عبر وسائل الإعلام العالميّة جانباً ممّا ينالهم من عنف مهيب، بل أنّ العشرات منهم وأحياناً المئات يقعون ضحية جرائم هذا عنف التيّارات التكفيريّة الذي خرج عن السيطرة وانفرط قيده[12]. وللأسف الشديد كانت نتيجة هذا الواقع المشؤوم أن امتزج اسم دين الإسلام في أذهان الكثير من شعوب العالم بالعنف والدمويّة؛ فأعطى حجّة قويّة ووثيقة دامغة لأعداء الإسلام ليصفوا المسلمين بأنّهم (ثلّة تحبّ سفك الدماء) في العديد من بلدان العالم[13].

هذا في حين أنّ دين الإسلام قد احترم دماء المسلمين وأعراضهم وأموالهم عدّها حرماً ولم يعط أيّ أحد الحقّ في التعدّي على هذه الحرم؛ حيث إنّ هذا الأمر كان أحد آخر وصايا رسول الله الأكرم صلى الله عليه وسلّم التي أبلغها المسلمين في خطبة حجّة الوداع، فقال صلّى الله عليه وآله: «فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا[يوم عيد الأضحى]، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا[شهر ذي الحجّة الحرام]، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا[مكّة المكرّمة حرم الله]»  ثم أتبع كلامه صلى الله عليه وآله مؤكّداً عليه ومغّلظاً: «أَلا هَلْ بَلَّغْتُ؟» فلما أجابوه بنعم قال: «اللَّهُمَّ اشْهَد». وهذا الحديث محلّ اتفاق بين جميع المحدّثين والرواة من جميع الفرق الإسلاميّة[14].

ومن هذا المنطلق يجب على المسلمين في جميع أنحاء العالم أن يتآلفوا مع بعضهم البعض وأن يجتثّوا تهم التكفير والتفسيق من جذورها وأن يقفوا في وجه الأعداء الذين صوّبوا هجومهم نحو القرآن الكريم والإسلام والاعتقاد بالتوحيد هادفين إمحاء معالمها وأن يتّحدوا ليصدّوهم وأن يقدّموا لشعوب العالم تعاليم الدين الإسلاميّ خالصة من أيّ شائبة شرك ونقيّة من أيّ زيادة وغلو أو نقيصة وتقصير [15].

 

ضرورة تنديد المسلمين بما أصاب آل سعود من جنون السلطة

بداية يجدر القول بأنّ آل سعود يجب أن يعلموا أنّ ارتكابهم للعديد من الجرائم لا سيّما جريمة هذه الطغمة المتمثّلة في إعدامهم للشيخ النمر هي من الأمور التي لا يمكن أن تدفنها رمال النسيان، وأنّهم سيروا نتائج تصرفهم غير المسؤول هذا في المستقبل لا محالة. فليس من واجب المسلمين -سنّة وشيعة- وحدهم أن يستنكروا هذا الجرم الشنيع؛ بل إنّ من واجب جميع أحرار العالم أن يشجبوه أشد الشجب ويدينوه أشد الإدانة[16].

كما يجب القول بأنّ ما ترتكبه الطغمة السعوديّة في حقّ شعب اليمن الأعزل من جرائم شنيعة لا يمكن أن توصف بغير جنون السلطة والقدرة. لا سيّما أن جمعاً من رؤساء وقادة الدول العربيّة التي تزعم كونها إسلاميّة قد وضعوا أيديهم في أيدي آل سعود وتعاونوا ليهدموا بلداً عربيّاً مسلماً ويقتلوا شعبه، ويقف خلف هذا التحالف الشيطاني الذي يقوده آل سعود أمريكا وإسرائيل الذين اتّضح تأيدهم لهذه الجريمة ودعمهم لمرتكبيها[17].

غير أنّ أسوء ما في الأمر هو سكوت المجتمع الدولي ومنظّماته عن هذه الجرائم وعدم تحريكهم أيّ ساكن كانّ على رؤوسهم الطير؛ هذا في حين أنّنا تعوّدنا أن نسمع جلبتهم وفورانهم إذا ما مسّ أحد في أقصى أصقاع الأرض إسرائيل بطرف حديثه، وأمّا الآن وبالرغم من أنّ هذا التحالف المشؤوم يعمل على هدم دولة بأكملها وإبادة شعبها عن بكرة أبيه لا يُرى لهم أثر ولا يُسمع عنهم خبر، ولولا عدد ضئيل من الدول التي لمست شيئاً من الإسلام والإنسانيّة لما كان هناك صوت اعتراض واحد على اعتداءات هذه الطغمة البغيضة الجاثمة على أرض الحجاز منذ دهور[18]، ولكن قريباً ما سينتقم العالم الإسلاميّ من آل سعود ما ارتكبوه من جرائم[19].

 

الاستنارة الفكريّة خطوة أصليّة في فضح جرائم الطغمة السعوديّة

 إنّني لأنحني احتراماً في محضر علماء الإسلام وأطلب منهم جميعاً أن يضعوا أيديهم في أيدي بعضهم البعض، ويعلنوا بصوت واحد أنّ هذه الشرذمة القليلة المتطرّفة التي تُدعى الوهّابيّة ومعها السياسات الإجراميّة التي تنتهجها الطغمة السعوديّة سفّاكة دماء المسلمين -والتي ترى كلّ من غيرها مشركاً، ومن هذا المنطلق اعتبرت دماءهم وأعراضهم وأموالهم مباحة وحلالاً- ليسوا هم المتحدّثون باسم الإسلام الحقيقيّ بل لا يمثّلون منه شيئاً. ومن البديهيّ أن فكراً ومنهجاً بغيضاً  كهذا ليس له أي مكان في العالم المعاصر؛ حيث أن نهاية طريقهم إلى الحضيض وخاتمة عمرهم قد لاحت في الأفق[20].

ولبيان هذه القضية أكثر؛ يمكن أن نطرح مجموعة من الأسئلة الآتي ذكرها على حكّام آل سعود وخدمهم من مفتيي السلاطين: لماذا نجد المفتيين الوهّابيّين غير مستعدين للجلوس مع العلماء المسلمين؛ في الأزهر وفي دمشق وفي قم وفي النجف، ليتناولوا القضايا ببحث منطقيّ تستبين به الحقائق؟[21]

لماذا مازلنا نرى أنّ أجوبتهم في النقاشات -حالهم في ذلك حال سلفهم الهالك- تبدأ بجملة «أيّها المشرك الجاهل»، كما أنّهم يحكمون على الطرف المقابل على أنّه مهدور الدم مشرك جاهل أولاً، ثمّ يبدؤون الحوار معه؟![22]

لماذا يعجزون عن ابتدار الحوار مع من هو على غير منهجهم على نحو مسالم وحسن كما وصفه القرآن الكريم حيث قال الله عزّ وجلّ: «فَبَشِّرْ عِبَادِ * الَّذينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ»[23] ليبدؤوا حواراً منهجيّاً[24]؟!. بلا أدنى شكّ لو كان الوهّابيّة يتّبعون هذا الأسلوب لما سُفك هذا الكمّ الهائل من دماء المسلمين ولما اعتُدي على أعراضهم ولما انتُهِبت أموالهم.[25]

 

خاتمة الحديث

لا شكّ في أنّ الطغمة السعوديّة قد تكبّدت أشدّ الخسائر وفشلت في تنفيذ سياساتها في المنطقة ولم تحقّق أهدافها المشؤومة، ولكنّهم يجب أيضاً أن يعلموا أنّهم لن يحقّقوا أيّ شيء بتسجيل المزيد من الجرائم في تاريخهم الدامي؛ من قبيل المجازر التي يرتكبونها في حقّ شعب اليمن المظلوم وكذلك إعدامهم الشيخ النمر؛ حيث إنّ آل سعود يريدون أن ينتقموا من الأمّة الإسلاميّة ما تكبّدوه من خسائر فادحة في كلّ من العراق وسوريا واليمن، في حين أنّهم يجب أن يتوّقعوا في القريب العاجل خسائر أكبر وهزائم أشد نُكراً في هذه البلدان الثلاثة.[26]

وليعلم السفّاح السعودي أنّ استشهاد هذا الشيخ المقتول بلا ذنب قد كلّفه وسيكلّفه المزيد من الخسائر الطائلة التي لا يمكنه أن يتصوّر مداها وقريباً ما ستنتقم لدمه يد العدالة الإلهيّة وستحثو تراب الذلّة والمهانة على رؤوس هؤلاء المعتدين الجناة.[27]

 

تحقيق وإعداد وتنظيم:  قسم تحرير الأخبار في مكتب آية الله العظمى ناصر مكارم الشيرازي (دام ظلّه)

 


[1] كلمة سماحة آية الله العظمى الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في شجبه لتنفيذ حكم الاعدام بحق آية الله الشيخ النمر (ره)، 1394/10/12.

[2] نفس المصدر.

[3] الوهابية على مفترق طريقين؛ ص43.

[4] كلمة سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي، درس خارج الفقه، المسجد الأعظم، 1394/10/14.

[5] نفس المصدر.

[6] كلمة سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي، درس خارج الفقه، المسجد الأعظم، 1392/01/21.

[7] عقيدتنا؛ ص118.

[8] عقيدتنا، ص: 119.

[9] رسالة سماحته المفتوحة إلى رئيس مفتون المملكة العربية السعودية، 14/2/1390.

[10] مقابلة سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي، مع مدير وكالة الجمهورية الاسلامية في ايران، 1394/02/02.

[11] التوسل: بين التوحيد والشرك؛ ص10.

[12] الوهابية على مفترق طريقين؛ ص148.

[13] الوهابية على مفترق طريقين؛ ص30.

[14] الوهابية على مفترق طريقين؛ ص177.

[15] الشيعة ترد؛ ص251.

[16] كلمة سماحة آية الله العظمى الشيخ ناصر مكارم الشيرازي حول شجبه لتنفيذ حكم الاعدام بحق آية الله الشيخ النمر1394/10/12.

[17] كلمة سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي، درس خارج الفقه، المسجد الأعظم، 1394/01/31.

[18] نفس المصدر.

[19] كلمة سماحة آية الله العظمى الشيخ ناصر مكارم الشيرازي حول شجبه لتنفيذ حكم الاعدام بحق آية الله الشيخ النمر1394/10/12.

[20] الوهابية على مفترق طريقين؛ ص42.

[21] الوهابية على مفترق طريقين؛ ص87.

[22] نفس المصدر.

[23]  الزمر، 17- 18.

[24] الوهابية على مفترق طريقين؛ ص87.

[25] نفس المصدر.

[26] كلمة سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي، درس خارج الفقه، المسجد الأعظم، 1394/10/14.

[27] نفس المصدر.

 


تاريخ النشر: « 2016/1/9 »
Tags
مقام ومنزلة السیدة الزهراء (علیها السلام)

المعارف الإسلامية والاجابة عن الشبهات الكلامية:

مقام ومنزلة السیدة الزهراء (علیها السلام)

الإمام علی علیه السلام مصداق «خیر البریّة»

الإمام علی علیه السلام فی آیات القرآن الکریم:

الإمام علی علیه السلام مصداق «خیر البریّة»

سماحة المرجع يحتفي بالقادة الشهداء

بالتزامن مع مرور أربعين يوماً:

سماحة المرجع يحتفي بالقادة الشهداء

CommentList
*النص
*المفتاح الأمني http://makarem.ir
عدد المتصفحين : 2486