1 ـ دَعامة الإنتفاع

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
الأخلاق فی القرآن 1
2 - الدّعامة العقلیّة4.دعائم الأخلاق

یوصی البعض بالأخلاق، لأنّها تعود على الإنسان بالنّفع المادّی المباشر، فمثلا تُراعی إحدى المؤسّسات الإقتصادیة، أصل الأمانة والصّدق بشکل دقیق جدّاً، وتعطی المعلومات الواقعیّة لزبائنها بدون أیِّ تلاعب، فمثل هذه المؤسّسة ستکون بعد سنوات، مورد ثقة النّاس و محل إعتمادهم، مما سیعود علیها بالنّفع الکبیر الطّائل.

وبناءً على ذلک، قد یتحرک الأشخاص فی سلوکهم الأخلاقی، کلٌّ حسب موقعه. فمثلا عندما یکون موظّفاً فی المصرف أو البنک، فهو یُراعی منتهى الأمانة والدّقة، لکی یعود على البنک بالنّفع الکبیر، ولکن یمکن أن یتحول إلى خائن، بمجرد أن یضع قدمه خارج المصرف، لاّنّ فائدته ستکون فی الخیانة حینها.

وقد نرى تاجراً، یحرص أن یکون فی منتهى الأدب و اللّطف و اللّیاقة مع زبائنه، لأجل کسب المزید منهم، ولکنّه مع عائلته و أولاده، یکون فی منتهى الفضاضة، لا لشیء إلاّ لأنّ الأخلاق الحسنة مَحلُّها فی محلّ عمله، وستعود علیه بالنّفع المادی الأکثر.

فمثل هذه الأخلاق لا دعامة لها، إلاّ النّفع و الإستغلال، وأهمّ عیب فی المسألة، هو أنّه لا یعیر للأخلاق أهمیّةً ولا أصالةً، لأنّه یستمر فی إستغلاله، سواءً کان عن طریق الأخلاق، أم بعقیدته التی هی ضدّ الأخلاق.

وذهب البعض الآخر إلى صیاغة حِکمة معدّلة لهذا النمّط من الأخلاق، و نادوا بالأخلاق لا من أجل المصالح الشّخصیّة، ولکن لتعود على مصلحة البشر جمیعاً، لإعتقادهم بأنّ الأسس الأخلاقیّة إذا تزلزلت فی المجتمع، فستتحول الحیاة إلى جهنّم تحرق کلّ شیء، وستتحول أدوات الإلفة والتعاون فی المجتمع، إلى حطب یُبقی النار مشتعلةً، فی حرکة الواقع الإجتماعی المضطرب.

هذا النّوع من التّفکیر یعتبر أرقى من سابقه، ولکنّ الأخلاق هنا مجرد وسیلة لجلب النّفع و الرّاحة و الرّفاه، ولا أساس للفضائل الأخلاقیة فیها.

فالمادیّون لا یمکنهم أن یتجنبوا مثل هذا النوع من التّفکیر، لأنّهم لا یعتقدون بالوَحی ولا نُبوّة الأنبیاء، وینزلون بالأخلاق من السّماء إلى الأرض، و یجعلونها مُجرد وسیلة للإنتفاع والرّاحة والإستغلال لا أکثر.

ولا شکَّ ولا ریب، فی أنّ الأخلاق لها مثل هذه المعطیات المادیّة الإیجابیة، فی وعی الناس کما أشرنا سابقاً، و لکن السّؤال هو: هل أنّ أسس ودعائم الأخلاق، تنحصر فی هذه المرتکزات المادیّة، أو أنّ مثل هذه المرتکزات والمعطیات، یجب أن تُدرس على أساس أنّها من المسائل الجانبیّة، و المتفرّعة على علم الأخلاق؟.

و على أیّة حال، فإنّ الإیمان بالأخلاق الّتی یکون أساسها النّفع و الإستغلال، یخدش أصالة الأخلاق، ویقلل من قیمتها وقدسیّتها، ومن ناحیة اُخرى فإنّ الإنسان فی حالة تقاطع مصلحته مع الأخلاق، فإنّه سیضرب بالأخلاق عَرض الحائط، و یتّبع مصلحته الشخصیّة، الّتی إعتبرها دعامته و أساسه، فی حرکة السّلوک الإجتماعی والأخلاقی.

 

2 - الدّعامة العقلیّة4.دعائم الأخلاق
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma