3 ـ دعامة الشخصیّة

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
الأخلاق فی القرآن 1
4 ـ الدّعامة الإلهیّة2 - الدّعامة العقلیّة

یتحلّى البعض بالقیم الأخلاقیّة، لأنّها دلیلٌ و علامةٌ للشخصیّةِ أو الرجولةِ والمروءة، وکلّ إنسان عند ما یرى، أنّ شخصیّته بین النّاس متوقفةٌ على الصّدق والأمانة، فسیتحرک على مستوى التّحلی بها و مُراعاتها، وکذلک عندما یرى، أنّ الناس یحترمون الشّجاع و الوفی و الرّحیم، فسیکون طالب الشخصیة و الإحترام، أوّل المطبّقین لها على نفسه، حتى یمدحهُ الناس.

والعکس صحیح، فإنّه عندما یرى أنّ الناس لا یحترمون الجبان، و لا البخیل، و لا الخائن، و لا ضعیف الإرادة، ولا قیمة لهم فی نظر المجتمع، فسوف یسعى لهجر هذه الرذائل، و تطهیر نفسه منها.

وعلیه یَتحصَّل لدینا: دعامةٌ و أساسٌ آخر للمسائل الأخلاقیّة.

ولکن و بالتّدقیق و التحقیق، نرى أنّ هذا الأساس و الدّعامة، یعود إلى مسألة الوجدان، غایة الأمر، أنّ المطروح هنا هو وجدان المجتمع، لا الوجدان الفردی، یعنی أنّ ما یوافق الوجدان العام للمجتمع، فهو فضیلةٌ و علامةٌ للشخصیّة، و من الأخلاق الفاضلة و عکسه یدخل فی الرذائل، و ما یُقرّه الرأی العام للمجتمع، یکون هو الدّافع للفضائل و الرّادع عن الرّذائل. ونحن لا ننکر أنّ الوجدان العمومی للمجتمع، یمکن أن یشخّص القِیَم من اللاّقیم، و یحثّ الأفراد للإهتمام بالمسائل الأخلاقیّة فی خطّ التّربیة و التّکامل.

ولکن ما ذکر من نواقص و إشکالات، حول الوجدان الفردی، هو نفسه یصدق على وجدان المجتمع.

فیمکن للمجتمع أن یُخطأ، وإذا ما وقع هذا الأساس للأخلاق، تحت طائلة الدعایة والإعلام القوی من قبل الحکومات، فبالإمکان أن ینقلب رأساً على عقب، و تکون الفضائل رذائل فی منظومة القیم والمثل الأخلاقیة، کما حدّثنا التّأریخ عن نماذج کثیرة من هذا القبیل، ففی عصر الجاهلیّة مثلا کان یُعتبر وَأْد البنات من المکرمات، عند شریحة کبیرة من المجتمع آنذاک، و یُعتبر فضیلةً أخلاقیةً، (وذلک للمفهوم السّائد فی ذلک الوقت وقت، من أنّه الطّریق للنّجاة من العار و الشّنار، و الحیلولة دون وقوع النّساء فی الأسر فی الحروب)(1).

ونرى فی عصرنا الحاضر، و فی المجتمعات البشریّة المتقدّمة و المتطوّرة، أنّ المتموّلین ولأجل الوصول لأهدافهم غیر المشروعة، وبالدعایة یخدعون الوجدان العمومی للمجتمع، ویقلبون القیم الأخلاقیّة الإیجابیة، إلى مُضادّاتها فی دائرة السّلوک الأخلاقی.

بالإضافة إلى أنّ الوجدان والضّمیر فی الإنسان، هو من بَوارِق الرّحمة الإلهیّة، و نموذج لمحکمة العدل الإلهی العظیمة، عند الإنسان فی هذا العالم، ولکن ومع ذلک، فالضّمیر لیس بمعصوم عن الخطأ، ویمکن أن ینحرف، وإذا لم یتّخذ الإنسان تدابیر لازمة لإصلاحه وتزکیته، فلعلّه یبقى على خطئه لسنین طویلة.

 

 

 


1. یقول الشّاعر الجاهلی:
الموتُ أخفى سِترةً للبناتِ *** ودفنها یُردى من المکرماتِ
ألم تر أنّ الله عزّ اسمه *** قد وضع النعشَ بجنب البنات
وکما تلاحظون أنّ هذا الشاعر الجاهلی، یعتبر تلک الجنایة الکبرى مکرمْة و إفتخاراً.

 

4 ـ الدّعامة الإلهیّة2 - الدّعامة العقلیّة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma