وردت روایات وأحادیث مستفیضة فی هذا المضمار عن الرّسول الأکرم(صلى الله علیه وآله)، و الأئمّة الأطهار(علیهم السلام)، تعکس أهمیّة هذه المسألة، ففی حدیث الرّسول الأکرم(صلى الله علیه وآله)، أنّه قال: «المَرءُ عَلى دِینِ خَلِیلِهِ وَقَرِینِهِ»(1).
وجاء هذا المعنى أیضاً فی حدیث آخر، نقل عن الإمام الصادق(علیه السلام)، أنّه قال:
«وَلاْ تَصحَبُوا أَهْلَ البِدَعِ وَلاْ تُجالِسُوهُم فَتَصیرُوا عِنْدَ النّاسِ کَواحِد مِنْهُم».
قالَ رَسُولُ اللهِ(صلى الله علیه وآله): «المَرءُ عَلى دِینِ خَلِیلِهِ وَقَرِینِهِ»(2).
و نفس هذا المعنى ورد عن الإمام علی(علیه السلام) أیضاً، وفیه تصویر عن حالة التّأثیر المُتقابل، فی دائرة التّفاعل المشترک بین الأفراد فقال:
«مُجالَسةِ الأخیارِ تَلحَقُ الأَشرارِ بالأخیارِ وَمُجالِسةِ الأَبرارِ لِلفُجَّارِ تَلحَقُ الأبرارِ بِالفُجَّارِ» .
وجاء فی ذیل هذا الحدیث، عبارةٌ فی غایة الأهمیّة، حیث یقول: «مَنْ إِشتَبَهَ عَلَیکُمِ أَمرُهُ وَلَم تَعرِفُوا دِینَهُ فانظُرُوا إِلى خُلَطائِهِ»(3).
وفی بعض الروایات، ورد هذا المعنى فی دائرة الّتمثیل، فقال: «صُحبَةُ الأَشرارِ تَکسِبُ الشَّرَّ کَالرِّیحِ إُذا مَرَّتْ بِالنَّتِنِ حَمَلَتْ نَتِناً»(4).
و یُستفاد من هذه التّعبیرات: أنّه وکما أنّ المعاشرة و الصّحبة للأراذل، تهیىء الأرضیة لحرکة الإنسان نحو الانزلاق فی طریق الشر، فإنّ المعاشرة مع الأَخیار تنیر قلب الإنسان بضیاء الهدى، و تحُیی فیه عناصر الخیر.
ونقرأ هذا المعنى فی حدیث عن أمیرالمؤمنین(علیه السلام)، أنّه قال: «عَمارَةُ القُلُوبِ فی مُعاشَرَةِ ذَوِی العُقُولِ»(5).
و جاء فی حدیث آخر عنه(علیه السلام)، أنّه قال: «مُعاشَرَةُ ذَوِی الفَضائِلِ حَیاةُ القُلُوبِ»(6).
فتأثیر الُمجالسة على قدر من الأهمیّة، بحیث قال فیه النّبی سلیمان(علیه السلام):
«لا تَحْکُمُوا عَلى رَجُل بِشیء حَتّى تَنْظُرُوا إِلى مَنْ یُصاحِبُ فَإِنَّما یُعْرَفُ الرَّجُلُ بِأَشکَالِهِ وَأَقرَانِهِ; ویُنْسَبُ إِلى أَصحابِهِ وَأَخدَانِهِ»(7).
ونقرأ فی حدیث جاء عن لقمان الحکیم، فی نصائحه لإبنه، فقال له:
«یا بُنَیَّ صاحِبِ العُلَماءَ، وأَقرِبْ مِنْهُم، وَجالِسهُم وَزُرهُم فِی بِیُوتِهِم، فَلَعَلَّکَ تَشْبَهُهُم فَتَکُونَ مَعَهُم»(8).
و على کلّ حال، فإنّ الرّوایات الشّریفة، ملیئة بمثل هذه النصائح، فی دائرة الإهتمام بالرّفقة و أثر الصّدیق فی أخلاق وسلوک الإنسان، ولو جُمعت فی إطار واحد لأمکن تألیف بحث شامل کامل فی هذا المضمار.
و نختم الکلام بحدیث عن الإمام علی(علیه السلام)، فی وصایاه لإبنه الحسن الُمجتبى(علیه السلام):
«قارِنْ أَهْلَ الخَیرِ، تَکُن مِنْهُم، وبایِنْ أَهْلَ الشَّرِّ تَبِنْ مِنْهُم»(9).