2 ـ عواقب الکفران

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
الأخلاق فی القرآن 3
أسباب ودوافع الکفران وطرق علاجه1 ـ معنى کفران النعمة

الکفران بالنعمة یفضی إلى نتائج سیئة کثیرة فی دائرة المادیات والمعنویات فی حیاة الإنسان فمن ذلک أنّه یتسبب فی زوال النعم، لأنّ الباری تعالى حکیم، لا یعطی شخصاً شیئاً بدون حساب ولا یسلب أحداً شیئاً بلا مبرر، فالذین یکفرون بالمنعم فلسان حالهم یقول: بأننا لا نلیق ولا نستحق هذه النعم، فتوجب الحکمة الإلهیة سلب تلک النعم منهم، والذین یشکرون النعم فلسان حالهم یقول: إننا نستحق تلک النعم الإلهیة وزد علینا یا ربّ، مثلاً عندما یرى الفلاح أنّ فی بستانه أشجاراً مورقة أکثر من غیرها فسوف یعتنی بها أکثر من غیرها حتى تنمو وتکبر بسرعة وتثمر، وإذا شاهد أشجاراً لا تثمر ولا تورق ولا ظلّ لها مهما أهتم بها وبذل لها العنایة فی مجال السقی والتهذیب، فکفران الأشجار للنعمة یدعو الفلاح لعدم الاعتناء بها وترکها لحالها.

وقد ورد فی حدیث عن أمیرالمؤمنین(علیه السلام) أنّه قال:

«مَنْ شَکَرَ النِّعَمَ بِجِنـانِهِ استَحَقَّ المَزیدَ قَبْلَ أَن یَظهَرَ عَلَى لِسـانِهِ»(1).

وجاء فی روایات اُخرى نقلت عن الإمام الصادق(علیه السلام) أنّه وبمجرّد الحمد والثناء یصدر الباری تعالى أمره بزیادة النعم على ذلک العبد، فقال: «مـا أَنْعَمَ اللهُ عَلَى عَبد مِنْ نِعمَة فَعَرَفَها بِقَلبِهِ وَحَمِدَ اللهَ ظـاهِراً بِلِسـانِهِ فَتَمَّ کَلامُهُ حَتّى یُؤمَرَ لَهُ بِالمَزیدِ»(2).

وبدیهی أنّ الکفران یفضی إلى نتائج معاکسة کذلک، ویمکن أن یلطف به الله تعالى ویؤخر عنه سلب النعمة ولکن وعلى أیة حال إذا لم یتنبه الإنسان وبقی على ما هو علیه فی دائرة الغفلة والجحود للنعمة، فستسلب منه بالتأکید، لأنّ ذلک من لوازم الحکمة الإلهیة.

ومن جهة اُخرى فإنّ الکفران یسبب البعد من الله تعالى وهو الخسران الأکبر، فعظماء علماء الکلام فی أول أبحاثهم ذهبوا إلى أن شکر المنعم هو من أول الدوافع لمعرفة الباری تعالى وأنّ شکر المنعم أمر وجدانی، فعندما یرى الإنسان نفسه غارقاً بالنعم الظاهرة والباطنة، وأنّها لیست منه فسیسعى لشکر المنعم من خلال البحث عن مصدر النعمة، وهذا هو الذی یُمهد الطریق لمعرفة الله تعالى، ولکنّ الناکرین لأنعم الله والذین لا یقدّرون المنعم فسیحرمون من معرفة الله تعالى، بالإضافة إلى ذلک فإنّ عدم شکر الخالق یفضی بدوره إلى عدم شکر المخلوق، فلا یقیم وزناً لجمیل الآخرین ومعروفهم، وکأنّه هو الذی له الحق علیهم، ممّا یسبّب نفور الناس منه وکراهیتهم له، وبالتالی سیؤدی إلى العزلة والإنزواء فی حرکة الواقع الاجتماعی وقلّة الصدیق والناصر فی مقابل المشکلات وتحدیات الواقع الصعبة.

 


1. مستدرک الوسائل، ج2، ص399.
2. اصول الکافی، ج2، ص95، ح9.

 

أسباب ودوافع الکفران وطرق علاجه1 ـ معنى کفران النعمة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma