کیف یتمّ الشکر

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
الأخلاق فی القرآن 3
دوافع الشکرالشکر فی سیرة المعصومین(علیهم السلام)

قلنا فی تعریف الشکر أنّه التقدیر وعرفان الحرمة سواء کان باللسان أم بالقلب، والکفر هو التحقیر للنعمة، وتضییعها، وعدم الاعتناء بالمنعم لها.

وأهمّ قسم من مراحل الشکر، هو الشکر العملی، وکم یوجد أفراد یشکرون باللسان ولکنهم یخالفون عملاً، ویکفرون بأنعم الله تعالى.

فالمسرفین والمبذّرین والبخلاء والمتفاخرین والطاغین کل اولئک من مصادیق الجاحدین للنعم الإلهیة، ویمشون فی طریق کفران النعم، بعکس اولئک الذین ینفقون أموالهم سرّاً وعلانیة، ویتواضعون لله وللناس رغم سعة أموالهم وتراثهم، ولا یریدون تضییع ما آثرهم الله تعالى به من فضله ویضعون الشیء موضعه، أو کما قال الله تعالى: (فِی أموالِهِم حَقٌّ مَعُلومٌ لِلسَّائِلِ وَالَمحرُومِ) اُولئک المؤدّون شکر النعم حقّها فی مقابل المعطی الحقیقی لها، بل ویستحقون الزیادة، (وَلَئِن شَکَرتُم لأَزِیدَنَّکُم) وورد فی الروایات الإسلامیة اشارات لطیفة لمراحل الشکر الثلاثة.

نقرأ فی حدیث عن الإمام الصادق(علیه السلام) أنّه قال: «مَنْ أَنعَمَ اللهـُ عَلَیهِ بِنِعمَة فَعَرَفَها بِقَلبِهِ فَقَد أَدّى شُکرَها»(1).

ومن البدیهی أنّ معرفة النعمة وأهمیتها وقیمتها، یؤدّی إلى معرفة الواهب لها ویحثّ على تأدیة شکرها بالعمل واللسان.

وورد فی حدیث آخر عن الإمام الصادق(علیه السلام)، أنّه قال لأحد أصحابه: «مـا أَنعَمَ اللهُ عَلَى عَبد بِنِعمَة صَغُرَتْ أَو کَبُرَتْ فَقَالَ الحَمدُ للهِ إلاّ أَدّى شُکْرَها»(2).

ومن المؤکد أنّ القصد من القول الحمد لله، لیس هو لقلقة اللسان بل الحمد الحقیقی النابع من القلب والروح.

ولذلک فإننا نقرأ فی حدیث ثالث عنه(علیه السلام)، أنّ أحد أصحابه سأله: «هَلْ لِلشُّکرِ حَدٌّ إِذا فَعَلَهُ العَبدُ کَانَ شـاکِراً؟ قَالَ: نَعم، قُلتُ: مـا هُوَ؟

قَالَ: یَحَمدُ اللهَ عَلَى کُلِّ نِعمَة عَلَیهِ فِی أَهل وَمـال وإِن کانَ فِیمـا أَنعَمَ عَلَیهِ فِی مـالِهِ حَقٌّ أَداهُ، وَمِنهُ قَولُهُ عَزَّوَجَلَّ: (سُبحـانَ الَّذِی سَخَّرَ لَنـا هَذا وَمـا کُنّا لَهُ مُقرِنِینَ)...»(3).

وکذلک فی حدیث آخر عن أمیرالمؤمنین(علیه السلام) أنّه قال: «شُکرُ العالِمِ عَلى عِلمِهِ، عَمَلُهُ بِهِ وَبَذْلُهُ لِمُستَحِقِّهِ»(4).

فهذه اشارات للشکر العملی فی مقابل النعم الإلهیة، وبالطبع إنّ العالم الذی لا یعمل بعلمه، أو یحجب علمه عن الآخرین، فهو عبد لا یؤدّی شکر النعم، ولسان حاله یقول: أننی لا أستحق هذه النعم العظیمة.

ویجب الإشارة إلى أنّ الشکر العملی یختلف باختلاف الأفراد ویتغیّر شکله من مکان إلى مکان، وکما قال أمیرالمؤمنین(علیه السلام) فی حدیثه القصیر القیم، حیث أشار إلى أربع نماذج، فقال:

«شُکرُ إِلهِکَ بِطُولِ الثَّناءِ، شُکرُ مَنْ فَوقَکَ بِصِدقِ الولاءِ، شُکرُ نَظِیرَکَ بِحُسنِ الإِخـاءِ، شُکرُ مَنْ دُونَکَ بِسَببِ العَطـاءِ»(5).

واحدى فروع الشکر العملی، وهو عندما ینتصر الإنسان على عدوّه، أو بعبارة اُخرى العفو عند المقدرة على العدو ما لم یکن خطراً فعلیاً، ولیجعل العفو عنه هو علامة لشکر الله تعالى وانتصاره علیه، فقال أمیر المؤمنین(علیه السلام): «إِذا قَدَرتَ عَلَى عَدوِّکَ فاجعَلِ العَفوَ عَنهُ شُکراً للقُدرَةِ عَلَیهِ»(6).

کما وتجدر الإشارة إلى أنّ أفضل طرق الشکر العملی للنعم، هو الانفاق منها فی سبیل الله تعالى، وقال علی(علیه السلام)فی هذا المجال: «أحسَنُ شُکرِ النِّعَمِ الإنعامُ بِها»(7).

والطریقة الاُخرى لشکر النعم العملی هی العبادة والدعاء، بل هو وحسب ما جاء فی الروایات الإسلامیة أفضل دافع للعبادة، والحال أنّ العبادة لأجل الحصول على الجنّة هی من عبادة التّجار والعبادة خوفاً من النار تعتبر من عبادة العبید، فإذا کان الدافع للعبادة هو الشکر، فتلک هی عبادة الأحرار، وقال علی(علیه السلام): «إِنّ قَوماً عَبَدُوهُ شُکراً فَتِلکَ عِبـادَةُ الأَحرارِ»(8).

 


1. اصول الکافی، ج2، ص96، ح15.
2. المصدر السابق، ح14.
3. اُصول الکافی، ج 2، ص96، ح12.
4. غرر الحکم.
5. غرر الحکم.
6. نهج البلاغة، الکلمات القصار، الحکمة 11.
7. غرر الحکم.
8. بحار الانوار، ج75، ص69، ح18.

 

دوافع الشکرالشکر فی سیرة المعصومین(علیهم السلام)
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma