حسن الخلق بمعناه الخاص هو أن یعیش الإنسان فی تفاعله الاجتماعی وعلاقاته مع الآخرین بصورة حسنة وکلام طیب ووجه بشوش وسلوکیات قابلة للمرونة والتلاءم مع الآخرین ویتحدّث معهم من موقع المحبّة واللطف وترتسم على شفتیه الابتسامة والانفتاح، وکل هذه تعتبر من الفضائل الأخلاقیة المؤثرة إیجابیاً فی تعمیق الروابط الاجتماعیة.
(وعلى العکس من ذلک سوء الخلق ومواجهة الآخرین بوجه خشن والتقطیب فی وجوههم والجفاف فی معاملتهم والخشونة فی التحدّث معهم، فهو من الرذائل الأخلاقیة التی تمتد فی جذورها إلى أعماق النفس الإنسانیة وتبعث على تنفّر الآخرین وإبتعادهم عن هذا الشخص وتؤدّی بالتالی إلى إرباک العلاقات الاجتماعیة وضعف الروابط الأخویة بین الأفراد.
وهناک مطالب کثیرة فی هذا المجال فی القرآن الکریم والروایات الشریفة وسیرة المعصومین(علیهم السلام) تحکی عن الأهمیة البالغة لهذه الفضیلة وتلک الرذیلة على مستوى الفرد والمجتمع.
ومن المعلوم أنّ جانباً مهمّاً من نجاح الرسول الأکرم(صلى الله علیه وآله) فی مهمّته ورسالته، وکذلک سائر المعصومین وکبار العلماء والقادة المصلحین مدین لهذه الخلّة الحسنة فی تعاملهم مع أفراد المجتمع وهی (حسن الخلق)، ومن الأسباب المهمّة فی عدم موفقیّة بعض القادة والعظماء فی التاریخ البشری رهین لسوء خلقهم أیضاً، إنّ تاریخ الأنبیاء والأولیاء والمعصومین وسائر القادة المصلحین فی العالم ملیء بشواهد حیّة على هذا الموضوع.
وبهذه الإشارة نعود إلى القرآن الکریم لنستوحی من آیاته الشریفة ما یرشدنا فی هذا الطریق ویسلّط الضوء على زوایاه المعتّمة:
1 ـ (فَبَِما رَحْمَة مِنْ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ کُنْتَ فَظّاً غَلِیظَ الْقَلْبِ لاَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِکَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِی الاَْمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَکَّلْ عَلَى اللهِ إِنَّ اللهَ یُحِبُّ الْمُتَوَکِّلِینَ)(1).
2 ـ (وَإِنَّکَ لَعَلى خُلُق عَظِیم)(2).
3 ـ (وَلاَ تُصَعِّرْ خَدَّکَ لِلنَّاسِ وَلاَ تَمْشِ فِی الاَْرْضِ مَرَحاً إِنَّ اللهَ لاَ یُحِبُّ کُلَّ مُخْتَال فَخُور * وَاقْصِدْ فِی مَشْیِکَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِکَ إِنَّ أَنکَرَ الاَْصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِیرِ)(3).
4 ـ (وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً وَأَقِیمُوا الصَّلاَةَ وَآتُوا الزَّکَاةَ)(4).
5 ـ (اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى * فَقُولاَ لَهُ قَوْلا لَیِّناً لَعَلَّهُ یَتَذَکَّرُ أَوْ یَخْشَى)(5)
6 ـ (ادْفَعْ بِالَّتِی هِیَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِی بَیْنَکَ وَبَیْنَهُ عَدَاوَةٌ کَأَنَّهُ وَلِىٌّ حَمِیمٌ * وَمَا یُلَقَّاهَا إِلاَّ الَّذِینَ صَبَرُوا وَمَا یُلَقَّاهَا إِلاَّ ذُو حَظّ عَظِیم)(6).