نتائج سوء الخلق

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
الأخلاق فی القرآن 3
علاج سوء الخلقسیرة الأولیاء

النقطة المقابلة لحسن الخلق فی واقع الإنسان وسلوکه الأخلاقی هی (سوء الخلق) حیث یمکن أن یفسّر على مستوى الخشونة والحدّة وسوء الکلام.

الأشخاص الذین یعیشون سوء الخلق مع الناس هم بمثابة بلاء عظیم على أنفسهم واُسرتهم ومجتمعهم الذی یعیشون فیه.

إنّ سوء الخلق من أهم عوامل إیجاد الکراهیة والتنفّر والتفرّق بین أفراد المجتمع، والأشخاص الذین یعیشون الابتلاء بهذه الحالة السیئة، فإنّهم غالباً ما یعیشون الانزواء فی المجتمع حیث یبتعد الناس عنهم ویتجنّبون معاشرتهم، وحتى لو اُجبروا على معاشرتهم بسبب بعض الواجبات الاجتماعیة أو بسبب مقامهم ومکانتهم الاجتماعیة فإنّهم یشعرون بالنفور منهم فی قلوبهم ویجدون فی أنفسهم الرغبة فی الابتعاد عنهم مهما أمکنهم ذلک.

وعندما یتوفّر هذا الخلق السیء والمرض النفسی لدى علماء الدین ورجال المذهب، فإنّ ذلک یمثّل خطراً کبیراً على الدین والمجتمع ویتسبب فی سوء ظن الناس بأساس الدین وفرارهم من التعالیم والإرشادات الدینیة وهذا بحدّ ذاته ذنب عظیم جدّاً لا یمکن جبرانه.

ولهذا السبب ورد فی الروایات تعبیرات شدیدة تتحدّث عن سوء الخلق وأحیاناً نقرأ فیها کلمات مذهلة ومخیفة عن النتائج الوخیمة والآثار السلبیة لهذا المرض الأخلاقی، ومن ذلک نقرأ ما ورد فی بعض هذه الروایات:

1 ـ جاء فی الحدیث الشریف عن النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله): «إیّاکُم وَسُوءَ الخُلقِ فإَنَّ سُوءَ الخُلقِ فِی النَّارِ لا مَحـالَةَ»(1).

2 ـ وفی حدیث آخر ـ عبرّ عنه بأنّه لا توبة لصاحب الخلق السیء ـ وعنه(صلى الله علیه وآله)قال: «أَبى اللهُ لِصـاحِبِ الخُلقِ السَّیء بِالتَّوبَةِ»

قیل: وکیف یا رسول الله؟

قال: «لأنّهُ إذا تـابَ مِنْ ذَنب وَقَعَ فِی أَعْظَمَ مِنَ الذَّنبِ الَّذِی تـابَ مِنهُ»(2).

ویمکن أن یکون المقصود من هذا الحدیث الشریف أنّ الشخص السیء الخلق عندما یتوب فی مورد من الموارد ویقلع عن بعض الممارسات الأخلاقیة، فإنّ ذلک من شأنه أن یوقعه فیما هو أسوأ من ذلک، لأنّ جذور هذا المرض لا زالت موجودةً فی أعماق نفسه ممّا یزید فی عقدته النفسیّة، ولهذا السبب فإنّه لا یوفّق للتوبة الکاملة إلاّ بالاقلاع عن هذه الرذیلة الأخلاقیة واجتثاث جذور من واقعه النفسی وباطنه المعنوی.

3 ـ وجاء عن الإمام علی(علیه السلام) فی تقریره لحالة سوء الخلق أنّ: «أشَدُّ المَصـائِبِ سُوءُ الخُلقِ»(3).

وهل هناک مصیبة أعظم من أن یکون الإنسان منزویاً ومعزولاً فی مجتمعه وبین أرحامه ومعارفه ویقطع الصلة بینه وبین الخلق والخالق على السواء.

4 ـ ونقرأ فی الروایة الواردة عن هذا الإمام العظیم أنّه قال: «لا وَحشَةَ أَوحَشُ مِنْ سُوء الخُلقِ»(4).

ودلیل ذلک واضح وهو أنّ الإنسان السیء الخلق یغرق فی الوحدة الموحشة ویعیش وحیداً منقطعاً عن الآخرین، ولهذا السبب ورد فی حدیث آخر أنّه قال: «لا عَیشَ لِسَّیِّىء الخُلقِ»(5).

لأنّه یعیش دائماً حالة الضجر والتعب فی نفسه ویودّی أیضاً إلى تعب المعاشرین له.

6 ـ وشبیه هذه الروایة مع اختلاف یسیر ما ورد فی الحدیث الشریف عن الإمام أمیر

المؤمنین أیضاً أنّه قال: «لا سُؤدَدَ لِسَّیِّىءِ الخُلقِ»(6).

فالإنسان السیء الخلق لا یکون کبیراً فی مجتمعه ودلیل ذلک واضح أیضاً، لأنّ من أول شروط تحصیل المکانة الاجتماعیة والسیادة والعزّة لدى الأهل والعشیرة هو التعامل الأخلاقی الحسن مع الآخرین ومراعاة الأدب واللّیونة واللطافة، فمن إفتقد رأس المال هذا فإنّه لا یصل إلى ذلک المقام.

7 ـ وورد عن الإمام أمیر المؤمنین(علیه السلام) أیضاً قوله: «المُؤمِنُ لَیِّنُ الأرِیکَةَ، سَهلُ الخَلِیقَةَ، والکَافِرُ شَرِسُ الخَلِیقَةَ سَیِّىءُ الطَّرِیقَةَ»(7).

 


1. بحار الانوار، ج68، ص383.
2. بحارالانوار، ج70، ص299.
3. عیون أخبار الرضا(علیه السلام)، ج2، ص37.
4. غرر الحکم.
5. المصدر السابق.
6. غرر الحکم.
7. المصدر السابق.

 

علاج سوء الخلقسیرة الأولیاء
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma