تفسیر واستنتاج

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
الأخلاق فی القرآن 3
الفرق ین الجدال والمراء والخصومةتنویه

«الآیة الإولى»: من الآیات محل البحث تتعرض لطائفة من المؤمنین الضعیفی الإیمان من موقع الذم والتوبیخ بسبب ترددهم وجبنهم فی میدان القتال وتثاقلهم عن
الجهاد فی سبیل الله فتقول: (یُجـادِلُونَکَ فِی الْحَقِّ بَعْدَ مـا تَبَیَّنَ کَأَنَّمـا یُسـاقُونَ إِلَى الْمُوتِ وَهُمْ یَنْظُرُونَ).

القرائن تشیر إلى أنّ جماعة من المسلمین الجدد الذین لم تکن لهم تجربة کافیة فی الحرب قد تملکهم الخوف وسیطر علیهم الجبن عندما سمعوا الأمر بالجهاد فی سبیل الله، ومع أنّ النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله) قال لهم بصراحة: أنا مأمور بأمر من الله تعالى فی هذا الطریق، ورغم ذلک فإنّهم یجادلون النبی(صلى الله علیه وآله) لیثنوه عن عزمه ویعیدوه إلى المدینة وکأنّما یرون الموت على بعد خطوات منهم، وفی الواقع فإنّ ضعف الإیمان والخوف من الموت والشهادة فی سبیل الله دفعهم إلى التذرع بالحجج الواهیة والتبریرات المختلفة لإضعاف عزم النبی(صلى الله علیه وآله)، القرآن الکریم یذم هذه الحالة ویصرح فی الآیات اللاحقة أنّ مشیئة الله قد قررت تقویة الحق وقطع جذور الکافرین (رغم سیطرة الأوهام والتخیلات على هذه الفئة من ضعفاء الإیمان).

ویستفاد جیداً من هذه الآیة أنّ أحد أسباب الجدل والمراء والمناقشات غیر المنطقیة هو ضعف النفس والخوف من تحدیات الواقع والحالة الإنهزامیة لدى الشخص فی مواجهة الظروف الصعبة.

وقد ورد فی التواریخ الإسلامیة المعروفة أنّه عندما سمع المسلمون بخبر تحرک جیش قریش من مکة لأنقاذ القافلة التجاریة المتحرکة فی الطریق إلى مکة حیث تعرضت لتهدید المسلمین فانّ جماعة من ضعفاء المسلمین أصروا على النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله) أن یعود إلى مکة لأنّ المسلمین فی نظرهم لیست لدیهم القدرة الکافیة على مواجهة جیش المشرکین، وأساساً أنّهم لم یخرجوا طلباً للحرب والقتال.

ویذکر أنّ أبا بکر قام فقال: یا رسول الله، إنّها قریش وخیلاؤها، ما آمنت منذ کفرت، وما

ذلّت منذ عزّت، ولم تخرج على هیئة حرب..

فقال رسول الله(صلى الله علیه وآله): اُجلس، فجلس، فقال رسول الله(صلى الله علیه وآله): اشیروا علیَّ.

فقام عمر فقال: مثل مقالة أبی بکر.

فأمره النبی(صلى الله علیه وآله) بالجلوس فجلس.

ثم قام المقداد فقال: یا رسول الله، إنّها قریش وخیلاؤها، وقد آمنّا بک وصدقناک، وشهدنا أنّ ما جئت به حقّ من عند الله، والله لو أمرتنا أن نخوض جمر الغضا (نوع من الشجر الصلب) وشوک الهراس لخضناه معک، ولا نقول لک ما قالت بنو اسرائیل لموسى: إذهب أنت وربّک فقاتلا إنا ها هنا قاعدون، ولکنا نقول: إذهب أنت وربّک فقاتلا، وإنّا معکم مقاتلون...الخ.

فأشرق وجه النبی(صلى الله علیه وآله) ودعا له وسرّ لذلک(1)

والعجیب أنّ إبن هشام فی سیرته والطبری أوردا قصة الشورى التی شکلها النبی(صلى الله علیه وآله)قبیل غزوة بدر ولکن عندما وصلا إلى کلام الخلیفة الأول والثانی قالا بکثیر من التلخیص: «قـالَ أَبُوبَکُر وَاَحْسَنَ، ثُمَّ قـامَ عُمَرُ بْنَ الْخَطّـابِ وَقـالَ وَأَحْسَنَ».

واکتفیا بذلک دون أن یذکرا کلام الأول والثانی فی حین أنّه لو کان الأول والثانی قد أحسنا فی کلامهما لکان المفروض من هذین المؤرخین أن یذکرا مقولتهما، والحال أنّهما ذکرا کلام المقداد بتمامه، ومن هنا یتبین أنّ نقل هذین المؤرخین لا یخلو من تعصب مذهبی بإمکانه تزییف الحقائق التاریخیة.

«الآیة الثانیة»: تتحدث عن جمیع الأشخاص الذین یتحرکون فی حیاتهم من موقع العناد والتعصب وعدم النضج الفکری والنفسی وتقول:

(وَلَقَدْ صَرَّفْنـا فِی هـذا الْقُرآنِ لِلنّـاسِ مِنْ کُلِّ مَثَل وَکـانَ الاِْنْسـانُ اَکْثَرَ شَىء جَدَلاً).

فلأجل هدایة الناس فقد صرفنا وذکرنا فی القرآن الکریم قصص الأوائل وحوادث

التاریخ البشری وحیاة الأقوام التی عاشت الظلم والجور، ولکن الإنسان یعیش حالة الجدل أمام الحق وبذلک یقطع على نفسه طریق الوصول إلى الحقیقة ویوصد أبواب نور المعرفة أمامه ویستفاد جیداً من هذا التعبیر أنّ الأشخاص الذین یعیشون الطفولة الفکریة وعدم النضج فی شخصیتهم هم أکثر الموجودات جدلاً ومراءاً، وعلى أیة حال فانّ هذا التعبیر یشیر إلى أنّ الإنسان إذا إنحرف عن فطرته السلیمة فأنّه یتّجه صوب الجدل ویتحرک فی خط المراء والباطل ویقف أمام الحق بدافع من التعصبات والأهواء الذاتیة ویوصد طریق الهدایة أمامه، وهذا یمثل أکبر بلاء على الإنسان فی طول التاریخ البشری.

وتستعرض «الآیة الثالثة»: تعریفاً واضحاً للمجادلة بالباطل وتبیّن مصیر أهل الجدل والمراء وتقول: (وَمِنَ النّـاسِ مَنْ یُجـادِلُ فِی اللهِ بِغَیرِ عِلْم وَیَتَّبِعُ کُلَّ شَیْطـان مَرِید).

ورغم أنّ شأن نزول هذه الآیة کما ذکره جماعة من المفسرین أنها نزلت فی (النظر بن الحارث) الذی کان من المشرکین المعاندین والمتعصبین جداً وکان یتحدث عن القرآن بکلمات واهیة ویتصور أنّ الملائکة هم بنات الله، ولکن من الواضح أنّ مفهوم هذه الآیة عام وشامل لجمیع الأشخاص الذین یناقشون ویجادلون بدافع من التعصب والعنادومن دون علم ومعرفة.

واللطیف أنّ الآیة تذکر فی آخرها أنّ هؤلاء المجادلین یتحرکون فی خط الشیطان المتمرد ویتبعونه، وهذا التعبیر یشیر إلى أنّ الجدال بالباطل هو طریق الشیطان، بل إنّ الشیطان الرجیم ینفذ فی کل شخص یسعى لإثبات وجهة نظره من موقع التعصب والعناد فیسیره إلى حیث یرید.

أما وصف الشیطان بأنّه (مرید) أی المتمرد، فهو یبین هذه الحقیقة، وهی أنّ الذین یتحرکون من موقع الجدل والمراء هم فی صف واحد مع المتمردین على الله والحق ویمثلون جبهة واحدة مقابل جبهة الحق.

والمراد من جملة (یجادل فی الله) هو الجدال فی صفة من صفات الله أو فی أصل وجود

الله أو فی قدرته وعلمه أو فی أفعاله، وعلى أیّة حال فإنّ الآیة الشریفة تنطلق من موقع الذم الشدید للجدال بالباطل.

قد ورد وهذا المعنى نفسه مع بعض الإضافات کذلک فی (الآیة الثامنة) من سورة الحج حیث تقول الآیة: (وَمِنْ النَّاسِ مَنْ یُجَادِلُ فِی اللهِ بِغَیْرِ عِلْم وَلاَ هُدىً وَلاَ کِتَاب مُنِیر)

وهذه إشارة إلى أنّ البحث والنقاش إذا کان مقترناً مع العلم والمعرفة، أو مع هدایة أولیاء الدین والإنبیاء الإلهیین، أو یکون مستنداً إلى کتاب من الکتب السماویة فلیس لا ضرر فیه فحسب بل یمکنه أن یکون مفتاحاً لحل الکثیر من المشاکل والأزمات الفکریة والعقائدیة.

ولکن عندما لا تکون هذه العناصر الثلاثة الإیجابیة على طاولة البحث والنقاش (أی العلم الشخصی، وهدایة الأولیاء، والإستناد إلى الکتب السماویة) فانّ الجدال سوف ینزلق فی طریق الأهواء والتعصبات ویتحرک الإنسان معه فی خط الباطل والإنحراف وبالتالی لا تکون نتیجته سوى الضلال والشقاء.

ویستفاد من الآیة التاسعة من هذه السورة التی وردت بعد هذه الآیة محل البحث أنّ أحد دوافع الجدال بالباطل هو التکبر والغرور والعجب والذی یتسبب فی إضلال الآخرین أیضاً، فمثل هؤلاء الأشخاص یکون مصیرهم إلى الفضیحة فی الدنیا والعذاب الشدید فی الآخرة کما تقول الآیة: (ثَانِىَ عِطْفِهِ لِیُضِلَّ عَنْ سَبِیلِ اللهِ لَهُ فِی الدُّنْیَا خِزْىٌ وَنُذِیقُهُ یَوْمَ الْقِیَامَةِ عَذَابَ الْحَرِیقِ).

 «الآیة الخامسة»: من الآیات محل البحث وضمن وصفها وتعریفها لمفهوم المجادلة بالباطل تشیر إلى أحد الدوافع والجذور الأصلیة لهذه الرذیلة الأخلاقیة فی واقع الإنسان وتقول: (إِنَّ الَّذِینَ یُجَادِلُونَ فِی آیَاتِ اللهِ بِغَیْرِ سُلْطَان أَتَاهُمْ)هؤلاء لا یوجد فی قلوبهم سوى التکبر والغرور حیث یریدون تحقیق نظراتهم من وحی الأهواء والتعصّب ولکنّهم لا یصلون إلى مرادهم ومقصودهم: (إِنْ فِی صُدُورِهِمْ إِلاَّ کِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِیهِ).

کلمة (سلطان) تستعمل فی مثل هذه الموارد بمعنى الدلیل والحجّة والبرهان والتی وردت فی الآیة السابقة وتشمل العلم الشخصی، وهدایة الأولیاء، وإرشاد الکتب السماویّة، ومن الملفت للنظر أنّ الآیة تقول: أنّ المصدر الأصلی للمجادلة والعناد هو حالة التکبر التی یعیشها هؤلاء الأشخاص حیث یریدون التوصّل إلى غایاتهم وطموحاتهم الدنیوّیة من خلال المجادلة بالباطل ولکنّهم بدلا أن یحققوّا ذلک لأنفسهم فی حیاتهم فأنّهم سوف یعیشون الذّلة والمهانة.

وبما أنّ هذه الرذیلة الأخلاقیّة هی أحد المصائد الخطرة للشیطان الرجیم فانّ الآیة الکریمة تقول فی ختامها: (فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِیعُ الْبَصِیرُ)

وتنطلق «الآیة السادسة»: لتتحدّث عن المشرکین الذّین یتحرّکون فی شرکهم وکفرهم من موقع الأصرار والعناد ویجادلون النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله) فی عملیّة تبریر أعمالهم وسلوکیّاتهم الخاطئة وعندما یقول لهم القرآن الکریم: إنّکم وما تعبدون من دون الله حصب جهنّم فأنّهم یجادلون فی ذلک ویقولون: (وَقَالُوا أَآلِهَتُنَا خَیْرٌ أَمْ هُوَ).

ثمّ إنّ القرآن الکریم یضیف إلى ذلک أنّ هؤلاء یدرکون الحقیقة جیّداً ولکنّهم یتکلّمون معک من موقع الجدل والخصام والعناد: (مَا ضَرَبُوهُ لَکَ إِلاَّ جَدَلا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ).

ثمّ یبیّن القرآن الکریم الفرق بین المسیح والأصنام فیقول بالنسبة إلى المسیح: (إِنْ هُوَ إِلاَّ عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَیْهِ)(2).

وهو إشارة إلى أنّ المسیح هو عبدٌ من عبید الله لا یقبل أن یعبده النصارى أبداً، ولو أنّ بعض الناس إنحرف عن جادّة الصواب وتصوّر أنّ المسیح أحد الأقانیم الثلاثة فی مقام الاُلوهیّة فلا ذنب على المسیح نفسه ولا ینبغی أن یکون من أهل النار، وعلیه فانّ هذا المثل لا یقبل المقارنة مع الأصنام أو الأشخاص من أمثال فرعون وجملة: (بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ) تشیر إلى أنّ أحد مصادر ودوافع الجدال بالباطل هو حالة الخصومة والعداوة التی یعیشها الإنسان الجاهل وغیر المنطقی، والغالب أنّه یعلم أنّه یسیر فی خط الباطل ولکنّ الحقد والعداوة لا یسمحان له بالتسلیم فی مقابل الحق والإذعان للحقیقة.

«الآیة السابعة»: وبعد الإشارة إلى حرمة المیتة والأنعام التی ذبحت للاصنام أو ما ذبح بدون أن یذکر إسم الله علیه فتقول (وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ)(3).

ثمّ تشیر إلى أنّ الشیاطین یوحون إلى أتباعهم بمفاهیم خاطئة لتبریر أفعالهم وتقول: (وَإِنَّ الشَّیَاطِینَ لَیُوحُونَ إِلَى أَوْلِیَائِهِمْ لِیُجَادِلُوکُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّکُمْ لَمُشْرِکُونَ).

المجادلة بالباطل هنا کما یذکر جماعة من المفسّرین الکبار أمثال الطبرسی وأبو الفتوح الرازی وسید قطب هو أنّهم کانوا یقولون أننا إذا أکلنا من لحوم المیتة، فإنّ ذلک بسبب أنّ الله تعالى قد قتلها وبالتالی فهی أفضل من لحوم الحیوانات التی نقتلها بأیدینا، وفی الحقیقة فانّهم أهملوا تحریم المیتة الوارد فی الشریعة الإلهیة من هذا الموقع الزائف.

وهذا التبریر السخیف والباطل لأکل المیتة هو ما أوحى به شیاطین الإنس والجن لأولیائهم وأتباعهم لیعینوهم على مجادلة کلام الحق بمثل هذه التبریرات الزائفة ویقارنوا بین اللّحوم الملّوثة والمیتة مع اللّحوم الطاهرة التی ذبحت على اسم الله تعالى ویفضّلون الاُولى على الثانیة.

ویستفاد من هذه العبارة أنّ مثل هذه المجادلة بالباطل تنطلق من دوافع شیطانیة.

ویستفاد من بعض الروایات أنّ هذه التبریرات الواهیة قد کتبها بعض المجوس فی کتاب وأرسلها إلى المشرکین من قریش.

«الآیة الثامنة»: تتحدّث عن الجدال فی حالة الاحرام للحج وتقول: (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِیهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِی الْحَجِّ).

ونعلم أنّ حالة الاحرام هی حالة معنویّة وروحانیة سامیة تصعد بالإنسان إلى حیث القرب الإلهی وأن یعیش أجواء الملکوت، ولهذا السبب فإنّ الکثیر من الأعمال المباحة

تصبح ممنوعة فی حالة الاحرام هذه، بل إنّ بعض الاُمور المحرّمة تتضاعف حرمتها فی هذه الحالة المقدّسة.

والمعروف حرمة 25 عمل أثناء الإحرام وأحدها هو الجدال، ورغم أنّ المشهور بین الفقهاء هو أنّ المراد من الجدال هنا هو قول (بلى والله) أو قول (لا والله) فالأول لإثبات المطلب والثانی لنفی المطلب، والمراد من الفسوق الکذب والتهمة والسب والشتم وإظهار التفوق على الآخرین فی حال الإحرام، ولکن لا یبعد أن تکون کلمة (جدال) شاملة لکل أنواع المجادلة والمخاصمة الکلامیة، وعلى أیة حال فإنّ المنع من الجدال فی حال الإحرام یشیر إلى أنّ هذا العمل یتقاطع بشدّة مع هذه العبادة الروحانیة المهمّة وتبعد الإنسان عن الله تعالى.

وتتابع الآیة بالقول فی جملة خبریّة بأنّه (لا جدال فی الحج) ممّا یبیّن تأکیداً أکثر على هذا الموضوع وکأنّها تقول: (إنّ هذا العمل یتنافى مع روح الحج).

«الآیة التاسعة»: تتحدّث عن (المراء) وهو کلام یشبه الجدال وتقول: (أَلاَ إِنَّ الَّذِینَ یُمَارُونَ فِی السَّاعَةِ لَفِی ضَلاَل بَعِید).

وبدیهی إنّ الهدایة تتفرع فی واقعها على أن یکون الإنسان طالباً للحق بحیث یقبله من أی مکان ویتقبّله برحابة صدر دون أن یجد فی نفسه تعصّباً وتکبراً علیه، وکلّما عاش الإنسان حالة الکبر والغرور والتعصّب فإنّ ذلک من شأنه أن یکون مانعاً جدیاً من التسلیم أمام الحق وأن ینزلق الإنسان فی وادی الضلالة والانحراف الشدید.

أمّا الفرق بین الجدال والمراء وکذلک النقاط المشترکة بینهما فسیأتی لاحقاً.

«الآیة العاشرة»: والأخیرة من الآیات مورد البحث تتحدّث عن عناد قوم لوط وأنّ نبیّهم الکریم حذّرهم من عذاب الله وأنّ هذا العذاب ینتظرهم بالتأکید إذا استمروا على غیّهم وعصیانهم، فلم یقبلوا کلامه وقاموا بوجهه من موقع المجادلة والمراء، تقول الآیة: (وَلَقَدْ أَنذَرَهُمْ بَطْشَتَنَا فَتََمارَوْا بِالنُّذُرِ).

وکان هذا هو السبب فی أن یبقى قوم النبی لوط(علیه السلام) فی حجاب الغفلة والجهل إلى أن صدر أمر الله تعالى بعذابهم فأصاب الزلزال الشدید مدنهم وأمطرت علیهم السماء حجارة فلم یبق من بیوتهم وأجسامهم إلاّ الدمار والخراب، أجل فإنّ هذه هی نتیجة الجدال والمراء فی مقابل الحق.

 

هذه الآیات الشریفة توضح جیداً أخطار هاتین الرذیلتین الأخلاقیتین وتبیّن کیف أنّ الإنسان وبسبب الجدال والمراء یتأخر عن قافلة الهدایة والرشاد ویکون من أتباع الشیطان ویلبس ثیاب ولایته ویتحرّک فی الضلال البعید ویقع بالتالی فی دوامة العذاب الإلهی الخالد.

 


1. المغازی للواقدی، ج1، ص48; قاموس الرجال، ج9، ص15.
2. سورة الزخرف، الآیة 59.

3. سورة الأنعام، الآیة 121.

 

الفرق ین الجدال والمراء والخصومةتنویه
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma