الآثار السلبیة للجدال والمراء

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 
الأخلاق فی القرآن 3
دوافع الجدال والمراءالجدال والمراء فی الروایات الإسلامیة

إنّ التأکیدات الکثیرة الواردة فی الآیات القرآنیة والروایات المتواترة الإسلامیة فی ذم الجدال والمراء والخصومة فی المباحثات الکلامیة إنّما هی من أجل أنّ أول نتائج هذا العمل المضرّة وهذا الخلق السیء هو التستّر والتغطیة على الحقائق بحیث یجعل بین الإنسان وبین الحقیقة حجاباً سمیکاً وسحابة سوداء على بصیرة الإنسان بحیث لا یدرک معها أوضح البدیهیّات ویتحرّک فی مناقشاته من موقع إنکار الاُمور الضروریة أو یدافع عن بعض المواضیع التی تدعو للسخریّة، ولیس هذا إلاّ بسبب أنّ الإنسان عندما تتصاعد عنده روح الجدال وتشتد حرارة الکلام فیه فأنّه یقوم بإنکار کل ما لا یراه مصیباً فی نفسه ولا یتوافق مع کلامه.

وبما مرّ علینا من الروایات الشریفة تقرّر أنّ الخصومة والجدال والمراء تمرض القلب فإنّه من الممکن أن تکون إشارة إلى هذا المعنى، لأنّ القلب یأتی بمعنى العقل، ومرض القلب بمعنى عدم درک الحقائق والواقعیات، ولذا رأینا فی الحدیث الشریف عن أمیر المؤمنین(علیه السلام) أنّ الأشخاص الذین یعیشون الجدال والمراء تکون عاقبتهم ومصیرهم إلى الکفر، أو أنّ الجدال یسبب الشک فی دین الله وفساد الیقین، کل هذا إشارات لطیفة إلى ما تقدّم آنفاً من أضرار الجدال والمراء.

والآخر من الآثار السلبیة لهذه الصفة الأخلاقیة الذمیمة هوإیجاد العداوة والبغضاء بین الأصدقاء ونسیان ذکر الله تعالى وجرّ الإنسان إلى الکثیر من أنواع الکذب فی الکلام حیث مرّت الإشارة إلى ذلک فی الأحادیث الشریفة السابقة، والسبب فی ذلک واضح، لأنّ الشخص الذی یرید إثبات تفوّقه على أقرانه من خلال الجدال والمراء فإنّه یعمل على تحریک الطرف الآخر ضدّه لیحمى وطیس النقاش وغالباً ما نجد فی کلامه عناصر التحقیر والسخریة بالطرف الآخر، وهذه من أسوأ أسباب النفاق وإیجاد العداوة بین الأشخاص وحتّى أنّه أحیاناً ومن أجل تبریر کلامه یتوسّل بأنواع الکذب، وهذا بحد ذاته بلاء کبیر آخر، ومجموع هذه الاُمور تؤدّی بالإنسان إلى الابتعاد عن الله تعالى ویسقط فی فخاخ الشیطان وشراکه وبالتالی یکون مصیره إلى الهلاک المعنوی والسقوط الإنسانی.

ولهذا قرأنا فی الأحادیث السابقة أنّ الإنسان لا یصل إلى حقیقة الإیمان إلاّ إذا ترک المراء والجدال حتى لو کان محقّاً، لأنّ النزاع اللفظی حتى فی مسائل الحق والدین یتسبب فی إیجاد أنواع الخصومات والعدوان وأحیاناً یجر الإنسان إلى ارتکابه الکثیر من الذنوب من قبیل: تحقیر المؤمن وإهانته بالکلام أو بالإشارة بالید والعین والکذب والتکبّر وحبّ التفوّق وأمثال ذلک.

 

مضافاً إلى هذا أنّ الجدال والمراء یذهب وقار الإنسان ویکسر من شخصیته ومروءته بحیث ینفتح علیه لسان الجهلاء إذا اشترک فی مجادلة معهم ویتسبب فی هتک حرمته والإهانة له، وإذا جادل العلماء فإنّه یذوق مرارة الهزیمة ویفتضح أمره ویکشف عن جهله وحقارته.

ومن مجموع ما مرّ وکما قرأنا فی الروایات السابقة أنّ الجدال والمراء یعدّ أحد الاُمور الأربعة التی تؤدّی إلى مرض قلب الإنسان وروحه.

فما أحسن بالإنسان أن یتباحث مع الآخرین من موقع المحبّة والصداقة والتواضع وبدافع من طلب الحق والحقیقة حیث یؤدّی ذلک إلى زیادة علمه ومعرفته والاستفادة من علوم الآخرین لإیضاح الحقیقة أکثر وحل المشاکل العلمیّة العویصة والقیود المعرفیّة التی بأمکانها أن توصل الإنسان إلى أجواء المعرفة والإطّلاع على المجهول، وهذا هو الجدال بالحق.

 

دوافع الجدال والمراءالجدال والمراء فی الروایات الإسلامیة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma